الكثير من الحضارات القديمة كان السبب الرئيس لاندثارها وتفكك عظمتها هو الاستهانة بالبيئة، واهمالها لمصادر التنوع البيئي.
الوضع لم يختلف في العراق وكأن التاريخ يعيد نفسه، فبيئة العراق عانت ما عانت من العنف الدكتاتوري والحروب العبثية والتدمير الممنهج والتخريب المتعمد.
اذ جُرفت ملايين أشجار النخيل وجُففت أهوار العراق البيئة الفريدة من نوعها وصارت الأراضي الزراعية أراضي جرداء لا ماء فيها فتزرع ولا شجر ينمو، وإن وجد الماء فالسباخ المنتشر يقتل النباتات، فتحولت خرابا بعد أن كانت من اجمل البيئات وانظفها.
وتأملنا خيراً في الحكم الديمقراطي، لكن على ضوء النتائج على الأرض ليس هناك ما يبشر بخير.
تدمير البيئة الطبيعية ومصادر التنوع الاحيائي مستمر.
هذا الدمار يشيب له رأس الطفل الصغير فأين ما تذهب ترى أكوام النفايات بكثرة، والصرف الصحي متخلف وغير مكتمل، المخلفات الحربية مازالت تملأ ارض العراق.
حتى أماكن الطمر الصحي على مشارف المدن ومداخلها لتعيد الرياح الدخان والروائح القذرة لتغطي المدن والاغلفة والأكياس للأماكن التي رفعت منها.
الحكومات المتعاقبة مسؤولة عن جزء كبير من هذا التدمير، بيئتنا تزداد معاناة من دون أن يكون هناك من يتحسس معاناتها. والجهود التي بذلت لخلق بيئة نظيفة ذهبت سدىً.
والمواطن شريك في الخراب البيئي، ففي كثير من الدول هناك حملات لتحسين البيئة وتنظيفها من قبل المواطنين.
لا توجد لدى اغلبنا ثقافة النظافة او الاهتمام بالبيئة ومازلنا نرمي بقايا الطعام او الاغلفة الفارغة وعلب العصائر والنفايات البلاستيكية في الشارع امام اطفالنا، لا توجد أي مبادرة حقيقية لاعادة زراعة الاشجار تساعد في تخفيف درجات الحرارة التي ترتفع عاما بعد عام.
ينبغي على البرلمان العراقي والحكومة وضع اتفاقية باريس للمناخ تحت نصب العين والتي أصبحت بمثابة قوانين تحاول الدول الموقعة عليها التكيف معها مثل التوجه لمصادر الطاقة النظيفة والتركيز على صناعة السيارات الكهربائية التي تقلل من انبعاثات الكربون في الجو وفرض رقابة صارمة على المعامل لتقليل التلوث البيئي المتسبب.
كذلك التشديد على القوانين التي تحمي البيئة وتعاقب الذي ينتهجون الصيد الجائر والذي يهدد أنواعا نادرة من الطيور والحيوانات ومكافحة القطع غير المسؤول للأشجار وتعرية الأراضي.
ويجب اعادة النظر بقرار إلغاء وزارة البيئة هذه الوزارة ذات الاهمية القصوى في حاضر ومستقبل البلد، وارجاعها وزارة مستقلة وسيادية وايلاؤها الاهمية القصوى وزيادة موازنتها لما تحتاجه بيئة العراق من عناية خاصة وجهود جبارة لإصلاح الضرر المتراكم في بيئة العراق.