22 ديسمبر، 2024 7:30 م

كيف لدولة لا تستطيع حماية مواطن واحد أن تحمي مجتمع بأسره

كيف لدولة لا تستطيع حماية مواطن واحد أن تحمي مجتمع بأسره

في هذه المقالة نحاول أن نُقّيم واقع العراق ونختبر كونه دولة أو شبه دولة في ضوء مجموعة من المعايير والمعطيات والظواهر والأحداث التي ستساعد تبيان ذلك ببساطة وواقعية وحيادية. ولكي نبسط الموضوع لكي يفهمه عامة القرّاء من أبناء الشعب سنلجأ الى إسلوب إثارة التساؤلات الحياتية اليومية الإعتيادية عن مختلف الأمور التي تحدث بإستمرار في المجتمع وترك الإجابة عنها للقارئ نفسه وحسب معرفته وثقافته وإنتمائه وإرتباطاته لتحديد موقفه وقناعاته . ولنبدأ ببعض من هذه التساؤلات وكالآتي:
أولاً: كيف لدولة أن تحقق نظام مرور متقدم بكل جوانبه يحترمه مستخدمي المركبات من جانب ويطبقه بمهنية عالية منظمي المرور من شرطة ودوريات طرق وهي غير قادرة على أبسط الأمور من وضع إشارات المرور الضوئية وديمومتها أو معالجة الفساد والإستهتار المروري سواء من قبل شرطي المرور من خلال إبتزاز سائقي المركبات أو من خلال تجاوز الكثيرين لأنظمة المرور تحت شعار موكب مسؤول أو شخص على رأسه تاج أو رمز له صفة دينية أو حزبية أو ميليشياوية . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
ثانياً: كيف لدولة أن يشعر فيها المواطن عموماً بأنه يُعامل بعدالة وفق الأنظمة والقوانين عند مراجعته لأجهزة الدولة لإنجاز معاملاته اليومية الحياتية سواء في مجال الصحة أو التعليم أو القضاء أو التقاعد أو السكن أو البنوك أو الأحوال الشخصية أو التعيين أو الإستفسار عن المفقودين أو الشكوى عن تهديد أو إعتداء جهة مسلحة مجهولة ( ولكنها معلومة للسلطة ) أو مراجعة أي مؤسسة كانت ولأي غرض بكل عدالة وإحترام ، وهي ، أي الدولة ، غير قادرة حتى على تبسيط الإجراءات الروتينية البسيطة جداً وتطبيق أو إقتباس ما تقوم به الدول المتقدمة من نظم وإجراءات للتعامل بالمعاملات والقضايا اليومية للمواطنين دون أي تكلفة . الروتين والبيروقراطية في التعامل مع المواطنين هو جوهر ومنبع الفساد . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
ثالثاً: كيف لدولة تدعي بتطبيقها النظام الديموقراطي ، المتعارف عليه في دول العالم الديموقراطي الحر ، أن تنسف أبسط مقومات النظام الديموقراطي وتطبق مبدأ التوافق والمحاصصة الحزبية والفئوية والذي يتعارض مبدئياً مع المبادئ الديموقراطية . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
رابعاً: كيف لدولة لها من الموارد والإمكانات الإقتصادية والبشرية والطبيعية الهائلة ما يضاهي موارد الكثير من دول العالم المتقدم وهي ما زالت في قمة التراجع والتخلف في مختلف نواحي الحياة ، تخلف في كل مقومات الحياة الطبيعية؛ مستوى متردي في الصحة والتعليم وفي الخدمات عموماً وتخلف الصناعة والقطاعات الإنتاجية الأخرى وإنتشار البطالة وزيادة الفقر . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
خامساً: كيف لدولة تنادي بإنتهاج وتطبيق النظام الديموقراطي منذ التحول الذي حدث عام ٢٠٠٣ وتتبنى حسب مواد الدستور مبدأ حرية التظاهر والتعبير السلمي عن حقوق الشعب في الوقت الذي تُمارس السلطة العراقية بأجهزتها الأمنية ( العراقية وغير العراقية ) أبشع التصرفات القمعية لمواجهة التظاهرات السلمية التي إجتاحت العراق التي نادت بأبسط الحقوق بالقتل أو الإختطاف . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
سادساً”: كيف لدولة تؤمن وحسب الدستور بحرية المجتمع بالتظاهر للتعبير بشكل سلمي عن تطلعاته وأهدافه في الوقت الذي تقوم فيه أجهزتها ” الأمنية ” والمليشياوية ” وعناصر من الحشد العراقي والإيراني بقتل وقنص المتظاهرين السلميين لتصل الحصيلة الى حوالي عشرة آلاف من القتلى والجرحى من شباب التظاهرات السلمية العُزَّل دون واعز ضمير أو محاسبة . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
سابعاً: كيف لدولة جميع مسؤوليها وبدون إستثناء في كل مفاصلها التشريعية والتنفيذية والقضائية وبمختلف درجاتهم ومواقعهم إبتداءً من أعلى السلم الوظيفي لديهم ملفات فساد إداري ومالي يحتفظون بها لتهديد بعظهم للبعض الآخر مما يجعل جميع السياسيين العراقيين متحدين كلياً أمام إستغفال الشعب العراقي لسرقة موارده خدمةً لمصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية دون مسائلة أو محاسبة لكون المشرع والمنفذ والقاضي عبارة عن سُرَّاق وعصابات مافية في الوقت الذي يفترض فيه أن يخضع جميع الفاسدين والسراق الى المحاسبة حسب القانون . أليس هذا دليل على إن العراق شبه دولة وليس دولة .
على القارئ الكريم ، من كلا الجانبين ، أن يستكمل الأمثلة ويفندها لأن هناك العشرات من الأمثلة التي تُثْبِت بأن العراق شبه دولة وليس دولة .