22 نوفمبر، 2024 9:44 ص
Search
Close this search box.

كيف قتل 649 عراقي في الناصرية؟

كيف قتل 649 عراقي في الناصرية؟

من التواريخ المنسية وأكيداً الحديث عنها سيثير حفيظة الكثيرين خصوصاً مع تزامنه مع التقارب العراقي السعودي المزعوم والوعود السعودية التي لم نرى منها شيئاً لحد الآن ولا أظن إننا سنرى.

ولكن التاريخ عبرة ولا ينبغي غض النظر عن حوادثه، نعم التسامح ممكن والدعوة للسلم ضرورية ولكن شرط تغير الآخر وجنوحه للسلم (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فعلاً وليس تبدل أساليبه وانخداع البعض بذلك.

هذا التاريخ هو تحديداً يوم 11 آذار 1922، فما الذي حدث في الناصرية في هذا التاريخ وكيف قتل 649 عراقي فيها؟!

واهم من يتصور إن الوهابية-أو قل آل سعود لا فرق- هجموا على العراق مرة واحدة وصلوا فيها كربلاء والنجف ونهبوا وسلبوا وكأنها حادثة واحدة حدثت وانتهى الأمر!

دولة آل سعود بنيت على أساس تكفير الجميع وإتاحة المجال لغزوهم بل واعتباره جهاداً وخصوصاً الشيعة.

بدأت أول هجمات الوهابية على العراق في عام 1790م وكانت تستهدف منطقة سوق الشيوخ وبادية السماوة وغيرها ، ثم استمروا باعتراض قوافل الحج العراقية، وحدثت معركة بينهم وبين قبيلة الخزاعل في النجف بحدود 1799 قتل فيها المئات وانهزموا في المعركة.

وفي عام 1801 هاجموا منطقة عانة وقتلوا المئات ثم هاجموا كبيسة ولكن قبيلة العبيد ردتهم.
وفي عام 1802 كانت اعنف هجماتهم على العراق وبالذات كربلاء ثأراً لما حدث في النجف مستغلين ذهاب الناس للزيارة للنجف في يوم الغدير وفي وقت تفشي الطاعون في بغداد فدخل منهم ما بين 14 ألف إلى 25 ألف فارس وراجل وبعضهم يلبس ملابس للتمويه فلما وصلوا كربلاء دخلوها “اقتلوا المشركين”!

وقتلوا ما بين 5000 إلى 8000 شخص أغلبهم من النساء والأطفال ونهبوا المدينة وخربوها ولم يسلم منها إلا بيت واحد تحصن به 50 رجلاً قتلوا من الوهابية الكثير.

وفي عام 1803 وثأراً لمقتل زعيمهم عبد العزيز آل سعود الذي اغتاله رجل أفغاني (شيعي على الأرجح) ثأراً لحادثة كربلاء، هاجم الوهابية (أو قل آل سعود لا فرق) عشيرة الظفير في البادية، ثم هاجموا البصرة والمنتفق واسروا زعيم المنتفق منصور بن ثامر السعدون، ثم حاصروا “الزبير” 12 يوماً ودخلوها وقتلوا الناس واجهضوا حتى الحوامل وخربوا المحاصيل الزراعية وخربوا قبور الزبير والحسن البصري!

وفي عام 1806 في أواخر نيسان وتحديداً في التاسع من صفر هاجموا النجف ولكن تحصن أهل النجف واستعدادهم حال دون دخولهم المدينة.

استمرت غزواتهم للعراق في مراحل دولتهم الثلاث ولا نريد أن نذكر التفاصيل كافة وكيف استغلوا ضعف الحكومات وماذا كان يفعل أهل النجف وكربلاء لتحصين مدنهم منهم وكيف واجهتهم قبائل الجنوب والبادية.

ومن أفظع آخر الغزوات لهم هي غزوتهم للناصرية في جنوب العراق مستغلين ضعف الحكومة التي لازالت في بداية تشكيلها وإنهاك العشائر في حربها مع الانكليز وفي ثورة العشرين فهاجموا الناصرية يوم 11 آذار 1922م بقيادة الإخواني فيصل الدويش فقتلوا 649 شخصاً ونهبوا الممتلكات وأسروا النساء!

عقد مجلس الوزراء العراقي حينها اجتماعاً طارئاً لبحث تداعيات هذه الهجوم ولم يصل لقرار وقدم بعض الوزراء استقالتهم بسبب ذلك!

واجتمع علماء الشيعة والسنة في بغداد وافتوا بوجوب مقاتلة الوهابية وأنهم خوارج وارسلوا الوفود إلى المرجعية.

ثم عقدت المرجعية مؤتمراً في كربلاء بخصوص الموضوع وكان من ضمن مقرراته :
وجوب الدفاع عن البلاد من هجمات الأخوان (الوهابية)، وطلب تعويضات المنهوبات ودّيات القتلى الذين سفكت دماؤهم ظلماً وعدواناً.

وارسل برسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق حينها بطلب من فيصل الأول رسالة إلى ابن سعود جاء فيها بأن عليه : “كبح جماح قبائله المولعة بالقتال لتجنب الاضرار بالمصالح البريطانية”.

ولم تتوقف هجمات الوهابية على العراق والحدود العراقية إلا في ثلاثينيات القرن الماضي وكانوا يسمونها بالغزوات ولازالوا يفخرون بها ويذكرونها في أشعارهم ونواديهم!

أي إن غزوات الوهابية (آل سعود ) للعراق استمرت أكثر من 140 سنة!

علماً إن غزوات الوهابية لم تكن موجهة للعراق فقط بل شملت البحرين والكويت وقطر واليمن (استمرت غزواتهم لليمن إلى عام 1934 حيث احتلوا ثلاث محافظات يمنية وضموها لدولتهم وهي عسير ونجران وجازان) والاردن (استمرت غزواتهم للأردن إلى عام 1929م) وسوريا (حاصروا دمشق عام 1810).

بعض المصادر:

1-حرب في الصحراء لجلوب باشا البريطاني, ترجمة صادق عبد الركابي وكذلك مذكراته “حياتي في المشرق العربي”.

2-غرائب الأثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر لياسين العمري

3-عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر الحنبلي

4-صفحات من تاريخ الجزيرة لمحمد الخطيب

5-دولة النجف لمحمد سعيد الطريحي

6-لمحات اجتماعية لعلي الوردي

7-منهج الكرامة لجواد العاملي

أحدث المقالات