إخوانيّ ألقُرّاء الأعزاء: أنا – وأعوذ بآلله من الأنا – كأيّ إنسان إن وجد وهو يُؤمن بآلتواضع كأصلٍ لتحقيق فلسفة الوجود في ذاته للخلود بتحصين كرامته؛ أعتزّ بنفسيّ و وجهي الذي شغف بعشق الوجود؛ رغم أحزان السنيين؛ والتأريخ؛ ومحنة الأنسانيّة التي حملتها بأنّاة وصبر بين جوانحي لأني وريث الفكر وآلفلسفة الكونيّة التي لم يسبقني لحملها أحد من قبل و للآن لأحتوائها على سرّ الوجود الكبير حيث تضمّ زبدة كلّ رسائل الفكر والنّبأ العظيم .. يضاف لكلّ هذا آلحبّ الحزين وألألم الدّفين سنوات القهر و الضّيم و الجمر العراقي .. لأنيّ ولدتُ بلا إختيار على أرضٍ ما قَتَلَتْ و ما شرّدَتْ و كفّرت إلاّ الأنبياء و المصلحين و الفلاسفة و الطيّبين .. تلك الأرض التي بقيتُ عليها وحيداً بلا ناصر و مُعين بعد شهادة إخواني الذين كنتُ أحبّ الحياة بوجودهم, وهكذا كان باقي الأنبياء و وارثهم (الحسين)(ع) ألذي بقي وحيداً غريباً عطشاناً رغم كثرة الماء والخير والأهل والأصدقاء, لقد أصبحتُ غريباً في وطني بعد ما إرتمت الأمّة خصوصا ألكُتّاب والمثقفين و الأكاديميين فيها وبغباء مفرط في أحضان آلحُكّام وآلبعث الهجين و كُل فاسد لئيم, وأنا الوحيد بينهم ما قلتُ فيها لبدويّ ولا حضريّ كلمة (سيديّ) ناهيك عن (رفيقيّ) ألذي لم يفهم معناها حتّى مُؤسس حزب الجّهل الذي عَفلَق عن كلّ سوء وإثم وهمّ وغمّ ليصيب بها الناس ويقصم ظهر أجيال العراق بحيث صار العراقيّ ألمسكين يتغنّى ويتفاخر بإطلاق كلمة سيّدي وهو يُحني رأسه بذلّةٍ عندما كان يقف أمام ضابط موصليّ أو عريف ناصريّ في جيش كان فيه كلّ شيئ إلّا الكرامة والرجولة بسبب مُهيب رُكنٍ بدويّ لم يكن يعرف كيف يمسح نفسه!
تلك المواقف الكونيّة ألّتي كلّفتني الكثير؛ كانت بآلنّسبة لي في سنوات القهر و الجّمر, تُمثّل بطولة (عليّ) في ساحات الحرب وآلوغى و تُجسّد صمود (داعية عصاميّ) أمام الجلّادين في زنزانات البعث و شهادة (الحلّاج) أمام الملأ على يد أقسى الطغاة .. لذلك حَمَّلتْني تلك المواقف الكثير .. الكثير من الآلام و آلطّعنات و الجّروح التي دفعتني لمعرفة السّر, وما أدراك بعذابات تلك السّنين التي قاسيتها منذ صرختي الأولى بتموز عام 1955م وما زلت معارضاً للأقدار التي ما تركتْ عضوا سليماً في بدني المُسجّى على فراش المرض و في غربة إمتدّت لأكثر من نصف قرن عانيت فيها كلّ شيئ .. و ما رضخت و أنا أجاهد حتى رمقي الأخير للحفاظ على كرامتي وسط مستنقعات العبودية والفساد والرذيلة والكراهية والظلم ..
غربةٌ مع الحزن وآلجراح – هي اقسى ما يُواجهه الغريب لأنّها كانت تُحرقني من الداخل وبآلعمق و تُحاول إذلالي وقد أشرفتُ على نهاية العمر .. غربة كنتُ خلالها أحيانا أفترش الأرض وألتحف السّماء و أنا أكافح ظلم حكومات الأرض التي كانت تتشيّخ بديمقراطيتها وتأئيدها حتى من قِبَلِ مدّعيّ العلم و الثقافة والأدب, وما اكثرهم حيث وصل عددهم بحسب إحصائيات لعشرين ألف كاتب و روائيّ و صحفيّ في العراق فقط .. لكني قاومتهم و ما إستسلمت .. و ما نطقتُ كلمة (سيّدي) ناهيك عن (رفيقي) و (مولاي) كما فعل ويفعله الناس للآن .. صائناً بذلك (أعزّ) ما في هذا الوجود عندي لتتألق إنسانيّتيّ التي لا تُعادلها ثمن حتى الجّنة .. إلا هذا الوجود برمته .. لأنّ العزة لله و لرسوله و للمؤمنين حقاً .. و لَعَلّي العصاميّ الوحيد وسط شعب ضائع مُضيّع في صحراء الجّهل و النفاق و الأميّة الفكريّة التي شملت كلّ العراق و حتى العالم؛ كابدت طولاً وعرضاً و لم أُذلّ نفسيّ المُقدسة التي أحببتها لأنّها لصبرها و صمودها أمام كلّ الأغراآت و الطعنات و هي تنتظر لقاء (المعشوق) الازليّ لأرتاح بعد الهجر وإنفصالي عنه بإرادة كونيّة قاهرة لا إختياريّة على أكثر الظّن, لكني ما رضختْ و ما إستكنتْ أمام الشيطان والشهوات التي طالما طبّلَ و خضعَ لها قلوب وأرواح أدباء و مثقفي العراق و العرب و حتى العالم طمعا بجاه ومقام وظهور و إعلام و هم يتفنّنون مع آلتحلية و التحية بدواوينهم و رواياتهم مدح أصنامهم و هُبلهم الذي كان يزقّهم بآلمال الحرام مقابل هدر كرامتهم .. لجهلهم بحقيقة الحبّ والوجود ومعنى الكرامة وحتى الوطن!
والحمد لله الذي أعانني في معركتي للوصول إلى دار السلام(الآخرة) رغم إنّي ما زلت أعيش هذه الدّنيا بعكس الناس الذين لا يصلوه إلا بعد قبرهم لأنيّ ما نطقت إلّا بآلحقّ أمام السلاطين الجائرين وإنّ(كلمة حقّ أمام سلطان جائر تعادل عبادة الثقلين) لأعبر في الختام بسلامٍ وإطمئنان و بقلب آمن تلك (آلعقبة الكأداء) التي مازال الناس واقفين خلفها أذلّاء حائرين مُتذبذبين بين هذا وذاك .. لأنّ عبورها ليس سهلاً و تُكلّف الكثير .. الكثير.
لكنّي بقوّة آلعرفان و فلسفتي التي لا تحدّها الكون و بكلّ تواضع حتى درجة (آلآدميّة)؛ عبرتها, لأقفُ مستسلماً بتواضع أمام أولياء الله المُخلَصين و ما أندرهم في عصرنا الملوث بكلّ أنواع الجراثيم والأمراض و الخبث و النفاق و الدَّجل كما كلّ العصور و كل حزب بما لديهم فرحون .. خصوصاً بعد ما إنحرف (دعاة اليوم) و معهم كلّ العراق بولايتهم للشيطان الأكبر من أجل السلطة و المال و الرّواتب الحرام .. من أقصاه لأقصاه و حتى العالم اليوم لسيطرة (ألمنظمة الأقتصادية) التي حدّدت لـ (للكرامة) أسعاراً زهيدة و جعلتْ من لقمة الخبز(الدولار) محوراً تدور عليه (الكرامات) خصوصاً بعد ما كثر المتطوعون في الأحزاب و المنظمات وهم يتنافسون في ذلك لأجل المال الحرام تحت وصاية المستكبرين ..
نفسي العزيزة أعزّها و أحبّها و أحترمها و أكرمها .. لكن بعد حبّي لمعشوقيّ الوحيد في هذا الوجود و هو الله و لمن يُحبّهم الله .. فما ضير ذلك يا أيها الناس بحملي لهذا الحقّ المبين بإسمي و صورتي و بياني للفلسفة الكونية؟
وهل حلّ مشكلة العالم و تغييره يتوقف على نشر أو عدم نشر صورتي .. و هي في نهاية المطاف مسألة شكلية لا جوهريّة؟
وإعلموا أنّ أساس التغيير و جوهره في العالم هو (الفكر) لا الشكل ولا الرّوايات و لا القصص والحكايات التي لا تعدو سوى كونها عَبرة أو عِبرة في بعض مفاصل الحياة الأجتماعية لا أكثر .. وإنّ أُسّ ألأساسات وطريق الخلاص يتجسّد في جوهر الفلسفة الكونيّة والصّورة و الفنون و الآدب و الشعر و الرّوايات كما أشرنا؛ مجرّد عوامل مساعدة لذلك الأصل وإعلموا؛ أنّ لكلٍّ شأنهُ و مداهُ و ثمنهُ في هذا الوجود ألذي لا يضيع فيه مثقال ذرة خيراً كان او شراً .. هذا الوجود الذي لا بد و أنْ يكون محدوداً بعكس شكّ (آلبرت آينشتاين) بذلك, لكنّهُ ينبسط و يتمدّد بإستمرار و حكمه و مقدار و كأنّه يُريد إخبارنا في كلّ لحظة و على مدار الزمن بعظمة وقدرة الخالق الحبيب و هيمنته على ملكوت الكون و الكائنات .. و سيادته المطلقة على روح وأصل هذا الوجود بلا رقيب أو حسيب و ما الأحزاب و السلاطين و آلأساطيل و الحكومات و مَنْ ورائها إلا عفطة عنز. أو شسع نعل.
و هذا هو الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فقد أعدّ الله للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها و إن يستغيثوا يُغاثوا بماء كآلمُهل يشوي الوجوه بئس الشراب و ساءت مرتفقاً .. و تلك آيات آلله آلتي حقّقها (الحسين) على أرض العراق .. أرض (الكرّ) و (البلاء) كما أمْضاها(ألحلاج) بدمه الطاهر لقومٍ يُؤمنون .. فكيفَ بها تُكذّبون؟