اعتادت بعض الوزارات في الدولة من إسكان موظفيها في مجمعات سكنية تابعة لها .. ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي من تلك الوزارات التي حرصت على إسكان منتسبيها في مجمعات سكنية وفق ضوابط ونسب متفق عليها قانونا . ولم تكتف تلك الوزارة المعنية بمجمعاتها السكنية القديمة بل أنشئت مجمعات سكنية جديدة لاستيعاب اكبر عدد من منتسبيها . لذا نجد كل مؤسسة علمية الا قليلا منها تتوفر فيها مجمعات سكنية .
ولكن المؤسف في الأمر ان توزيع الدور او الشقق السكنية لمستحقيها لا يجري بصورة ايجابية وشفافية عالية بل طغت المحسوبية والمنسوبية على توزيع السكن واصبحت هي الصفة الغالبة في القضية مما انتج فسادا غير ظاهر للعيان في ملف الاسكان . سيما وان انعدام الرقابة على هذا الملف ساهم في استفحال عملية الفساد تحت مرمى نظر القيادات الجامعية التي تغفل عادة عن فتح هكذا ملف او تتجاهل الامر ” لغاية في نفس يعقوب ” كما يقول المثل .
وصور الفساد في هذا الملف تنوعت وتعددت فهنالك حكايات وقصص تكشف حجم الفساد . ونكتفي بما لمسناه فنجد مثلا أستاذ جامعي يهب الدار السكنية لأحد أولاده بغية ان يتزوج به ويسكن فيه . في حين ان صاحب الأمر ( الأستاذ الجامعي ) يسكن في داره الخاصة التي تعود ملكيته له . مما يحرم منتسب من أشغال الدار . وهنالك من يستلمون الدار الحكومية ولكن لايسكنون فيها بل يقومون بتأثيثه والمرور عليه كل فترة لايهام الجامعة انه يسكن في الدار . ومن الحكايات الطريفة والمضحك والمبكي فيها ان بعض شاغلي الدور يقوم بركن السيارة امام الدار او غسلها ولسان حاله يقول للرائي انا شاغل السكن . وهنالك عزاب غير متزوجين يشغلون دور او شقق وهذا مخالف للضوابط الموضوعة .
والإشكالية في الامر نجد ان تعليمات الإسكان تبيح إشغال الدور ممن لديهم اكثر نقاط ونجد في هذا تعسف واضح وصريح حيث ان كثير من هؤلاء يمتلكون دور ويشغلون دور الدولة دون الحاجة الفعلية لها حيث ان عدد سنوات الخدمة ساهمت في ذلك وهم القلة القليلة جدا الذين هم بحاجة الى سكن حكومي ورغم ذلك لا يرفضون “ عطية” المؤسسة حتى لو كان على حساب الاخرين . وهذا المنطق هو السائد حاليا بين شاغلي الدور . في حين ان معظم المحتاجين للسكن الفعلي لا يملكون نقاط تنافسية مما يجدون أنفسهم خارج المنافسة وهم الشريحة الاكثر تضررا من غيرهم جراء ضوابط الإسكان المجحفة .
وهنالك قضية الاستثناءات في السكن حيث كان اي تدريسي يجلب كتاب استثناء من الوزارة فيمنح سكن في حين شروط الاستثناء لاتنطبق عليه . ومما ساهم في تفاقم المشكلة في هذا الموضوع ان انسيابية الدور في تحصيل السكن لاتعمل مع جماعات الضغط في المؤسسة وانما يسير الامر وفق اجتهادات شخصية دون مراعاة للفئة المستحقة . ولاننسى حقوق الموظف المنسية في الجامعات التي غالبا ما تصادر لحساب فئة اخرى .
لذا ندعو من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى تشكيل لجان حقيقية وفرز الدور التي تكون مشغولة صوريا واعادة توزيعها الى مستحقيها خاصة وان معظم ساكني الدور والشقق يملكون دارا او اكثر . لذا كان لزاما ان تبادر الوزارة الى دعوة دوائر العقاري للكشف عن ممتلكات منتسبي التعليم بغية احقاق جزء من عدالة التوزيع الغائبة منذ عقود . كما ندعو الى تحديث قوانينها وتعليماتها وضوابطها في هذا الشأن .
واشدد ان تشكيل اللجان التي طالبت بها عادة لاترجع الحق الى اصحابها . ولكن اهون الشرين .