23 ديسمبر، 2024 1:45 م

كيف تزرع حكومة بغداد الإرهاب في عقول الشباب !

كيف تزرع حكومة بغداد الإرهاب في عقول الشباب !

بمقدمة بسيطة نُعرف الإرهاب على أنه )  الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما بأي صورة ، أو الإرهاب يكمن في تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف ، أو هو الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة ، أو هو عمل بربري شنيع أو عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان ( .

أما من حيث اللغة فالإرهاب مصدر أرهب يرهب إرهاباً من باب أكرم وفعله المجرد (رَهِب) , والإرهاب والخوف والخشية والرعب والوجل كلمات متقاربة تدل على الخوف إلا أن بعضها أبلغ من بعض في الخوف وإذا تتبعنا هذه المادة في القرآن الكريم مادة رَهِبَ أو أرهب وجدناها تدل على الخوف الشديد قال تعالى ( وإياي فارهبون ) أي خافوني , وقال تعالى ( ويدعوننا رغبا ورهبا ) أي طمعا وخوفا ، وقال الله (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )

أما مفهوم الإرهاب فيقسم إلى قسمين :

قسم مذموم ويحرم فعله وممارسته وهو من كبائر الذنوب ويستحق مرتكبه العقوبة والذم وهو يكون على مستوى الدول والجماعات والأفراد وحقيقته الاعتداء على الآمنين بالسطو من قبل دول مجرمة أو عصابات أو أفراد بسلب الأموال والممتلكات والاعتداء على الحرمات والتسلط على الشعوب من قبل الحكام الظلمة من كبت الحريات وتكميم الأفواه ونحو ذلك

أما القسم المحمود فهو ما شرعه الله لنا وأمرنا به وهو إعداد القوة والتأهب لمقاومة أعداء الله ورسوله ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) .

في العراق هناك أكثر من سبب لولادة روح الإرهاب في قلوب بعض الشباب منها الظلم والجوع وإهانة كرامة الإنسان ، فالظلم هو الأقوى من بين هذه الأسباب ، فالإنسان عندما يشعر بالظلم ولا يجد من يرد حقه يضطر  إلى أن  يدخل هذا المعترك وهو مقتنع أن دخوله خاطئا ولكن كيف السبيل لإعادة الحق والانتقام من الظالمين ، من المعروف أن الانحدار الطبقي للعراقيين هو الانحدار الفلاحي والبيئة هي عشائرية فالعشائر كلهم من الشمال إلى الجنوب تعتقد بأن الثأر صفة ملازمة لرجولة الرجل ولإعادة ماء الوجه وعلى أقل تقدير أمام أبناء العشيرة وأهل البيت فكيف السبيل بهم لإعادة ماء وجههم دون أن يسلكوا طريق الانتقام والثأر ، وهنا نعود لفكرة أن الحكومة وقواتها العسكرية تحاول اهانة الرجال أمام نسائهم وهذه تشكل ضربة لكرامة الرجل يتمنى أن لا يمر بها كل عراقي وهذا ما يحصل فعلا فمثلا في لواء المثنى في قاطع أبو غريب تقوم هذه القوات بإخراج الرجال من بيوتهم وإهانة الأب علنا أمام أولاده ونساءه فكيف لا يفكر هذا الشاب بالانتقام لكرامة الشيخ الكبير وهم من بيئة ريفية وهنا  نجد في تصرف هذه القوات الظلم واضحا مع اهانة كرامة الإنسان ، فمن المعروف إن المظلوم يكون أشدُ قساوة حين لم يجد من يرد له مظلمة ما فكيف وهو يُهان أمام نساء بيته ، معادلة لا تقبل القسمة فالظلم وامتهان كرامة الإنسان ليسا أهم من روح المرء حين يشعر أن الحياة بلا كرامة وبلا قيمة .

أما الجوع كما هو معروف وعلى قول الإمام أبا تراب ( ع) ( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) وهذا القول خرج من لسان أكثر المسلمين ورعا وعدلا وعقلا فكيف بشاب طائش يريد أن يجد له عملا فلا يجد حتى وإن كان خريجا لكلية مرموقة مما يضطر إلى الدخول في هذه المجموعات طلبا لقوته اليومي .

على الحكومة العراقية إن كانت تريد فعلا وأد الإرهاب أن تهتم بالنقاط أعلاه وهذا لا يعني أن لا نحاسب أحدا ولكن علينا أن لا يكون حسابنا مبنيا على إهانة الناس فهناك القانون هو الكفيل والفيصل فمثلا عند الاشتباه برجل ما يتم اعتقاله بطريقة محترمة وبدون تجاوز وشتم وضرب الرجل أمام النساء وهنالك المحاكم والأدلة التي تثبت تورط فلان إن كان فعلا متورطا وهي بنفس الوقت تبرأ زيد من الناس إن كان فعلا بريئا ولكن دون المساس بكرامة الإنسان ، أما فقرة الجوع فعلى الحكومة التي وصلت ميزانيتها لأرقام فلكية تجاوزت المئة مليار دولار أن تفكر بالشباب وتجد لهم فرص عمل شريفة حينها لا نجد من يفكر بدخول الإرهاب تحت أي مسمى كان .

مشكلة الحكومة لا تفكر بتثقيف ومعاقبة العناصر المسيئة من قواتها ظنا منها إن القوة هي الكفيلة بالقضاء على الإرهاب وهذا ما يدل على قصر نظر الحكومة ورجالاتها لأنهم لا يفهمون الفكرة التي تقول ( إن القوة المفرطة في أغلب الأحيان تأتي بنتائج عكسية ) أو إنهم يعرفون جيدا هذه الفكرة ولكن حقدهم الطائفي أوصلهم للانتقام بطريقة ستجعل قادم الأيام ماضي أسود ليس لهم فحسب وإنما سيخسر شيعة العراق الكثير والكثير ويبقى الحقد والانتقام اللاعب المهم في الساحة العراقية وأكثر من يتضرر هم العراقيون أجمع .