سؤال قد يكون صعباً ، ولكن الإجابة عليه سهل جداً ، والسؤال هو : هل بإستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية حسم صراعها المحتدم مع الجمهورية الإسلامية في إيران لصالحها دون مواجهه عسكرية مباشرة معها مع الإبقاء على العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها بل وحتى زيادتها لتشمل شخوص وقطاعات أخرى . الجواب بالتأكيد وحسب المعطيات ” نعم ” بإمكان أمريكا أن تحسم الصراع لصالحها تماماً دون مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران ووفق السيناريو التالي :
بداية ، الإدارة الأمريكية بإدارة الرئيس ترامب ، وفق ستراتيجيتها الحالية تحاول قدر الإمكان تجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع إيران لعدة إعتبارات منها الإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة خلال العام القادم من ناحية وعدم إستعداد الإدارة الأمريكية لتحمل تكاليف وأعباء بشرية ومالية باهضة نتيجة المواجهة العسكرية المباشرة وتأثيراتها المُحتملة على إستقرار منطقة الشرق الأوسط عموماً من ناحية أخرى بالرغم من ان المواجهة العسكرية المباشرة ستحسم بالتأكيد لصالح أمريكا لتفوقها المطلق في الإمكانات العسكرية والتكنولوجية ولكن بتكاليف بشرية ومادية كبيرة دون تحقيق الهدف الرئيسي وهو إسقاط النظام في إيران . إن الإدارة الأمريكية واعية ومدركة تماماً لحجم التكاليف في حالة إندلاع الحرب مع إيران وكذلك تدرك الإدارة الأمريكية طبيعة النظام الإيراني الذي يرغب حالياً لسحب الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة عسكرية مباشرة معها في المرحلة الحالية لأنها ستكون في صالحه لأن النظام في إيران سيبقى مهما كانت الخسائر البشرية والمادية لأنه مسيطر على المجتمع بقوة الحرس الثوري الإيراني وفي المقابل ستكون الإدارة الأمريكية في موقف ضعيف لتبرير المواجهة العسكرية المكلفة دون تحقيق الهدف في إسقاط النظام في إيران . وهذا ما يفسر ذكاء الإدارة الأمريكية في فهم العقلية السياسية للقيادة الإيرانية ، المتهورة والمراوغة ، وعدم الإنجرار نحو المواجهة العسكرية المباشرة التي سعى إليها النظام الإيراني من خلال عدة ممارسات ونشاطات إستفزازية مثل حوادث التخريب لناقلات النفط في الفجيرة والخليج وأهمها إسقاط طائرة الإستطلاع الأمريكية والتي سببت حرجاً للإدارة الأمريكية من عدم إتخاذ أي رد عسكري مباشر لهذا الحدث وهو ما سعت اليه القيادة الإيرانية لسحب أمريكا لرد عسكري إنتقامي وإشعال الحرب بالمنطقة وتوجيه أصابع الإتهام للولايات المتحدة الأمريكية بأنها البادئة في إشعال الحرب وعليها تحمل تبعاتها . ولكن الإدارة الأمريكية فوتت هذه الفرصة الذهبية وإتخذت أسلوب المراوغات الدبلوماسية بطرح مبادرات التفاوض حول البرنامج النووي دون شروط مسبقة لحل جوهر الصراع مع إبقاء العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران ، علماً بأن إجراء مثل هذا التفاوض يعتبر أمراً مستحيلاً لتعارض وجهات النظر بين البلدين بدرجة متعاكسة تماماً .
إذاً الحل البسيط والعملي نسبياً أمام الولايات المتحدة الأمريكية لحل مشكلة الصراع المحتدم مع إيران وخروجها منتصرة بأقل خسائر ممكنة وتحقيق أهدافها الرئيسية يتحدد بالسيناريو التالي :
قيام الولايات المتحدة الأمريكية بدايةً بتشخيص وتحديد دقيق لجميع أذرع إيران المسلحة في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً في العراق ولبنان وسوريا واليمن وباكستان وأفغانستان وأعدادها ومواقعها وإحداثياتها ومصادر قوتها ووضع جميع هذه الأذرع وقواتها تحت السيطرة العسكرية لتحجيمها أو تحييدها أو إبادتها . وهنا على الولايات المتحدة الأمريكية أن تنسق بشكل كامل مع إسرائيل من ناحية ومع الدول الأوربية خصوصاً بريطانيا وفرنسا من ناحية أخرى لخلق جبهات مؤثرة على تواجد أذرع النظام الإيراني . وهذا يعني ان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تضع خطة متكاملة في المرحلة الأولى بالتنسيق مع إسرائيل والدول الغربية المساندة بالقيام بعمل عسكري واسع النطاق للقضاء على حزب الله في لبنان من ناحية ، وهذا سيتطلب من إسرائيل التوغل في جنوب لبنان لإنهاء وجود حزب الله ، وفي نفس الوقت سيتطلب الأمر معالجة مشكلة المليشيات المسلحة العراقية الموالية لإيران وستكون من أصعب المهمات أمام الإدارة الأمريكية بسبب طبيعة الإرتباط المذهبي والعقائدي لتلك المليشيات مع النظام الإيراني . كذلك الأمر يتطلب إنهاء التواجد العسكري الإيراني في سوريا وأيضاً في بعض مناطق أفغانستان وباكستان . وعليه فإن الولايات المتحدة الأمريكية بإستطاعتها حسم الصراع مع إيران من خلال عمليات عسكرية واسعة وشاملة تستهدف إلقضاء على جميع أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط دون مواجه عسكرية مباشرة معها وبذلك سينتهي نظام الملالي في إيران . أعتقد جازماً بأن الإدارة الأمريكية واعية ومدركة لهذا السيناريو وهو ما سيتحقق خلال المرحلة القادمة .