19 ديسمبر، 2024 2:09 ص

كيف تتعلّم طرق العبادة بـ 24 ساعة ؛ “بدون معمّم” ..

كيف تتعلّم طرق العبادة بـ 24 ساعة ؛ “بدون معمّم” ..

عن أبيّ بن عبد الله أنّ رجلاً , يقال له النعمان بن قوقل , سَأَلَ رَسولَ اللهِ  .. أَرَأَيْتَ , أي أَخْبِرْنِي يا رسول الله , إذَا صَلَّيْتُ المَكْتُوبَاتِ الخَمسَ “يقصد الفرائض” , كُلَّ يومٍ , وَصُمْتُ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلَّ سَنَةٍ ، وَأَحْلَلْتُ , أي اعْتَقَدْتُ , الحَلاَلَ حَلاَلاً وَفَعَلْتُهُ ، مُعْتَقِدًا حِلَّهُ ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ , أَيْ اعْتَقَدْتُ الحَرَامَ , حَرَامًا وَتَرَكْتُهُ ,  “يعني يحترم عقاله ويستشيره وهو لازال ابن جاهليّة!” .. فهَلْ أَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ الأَوَّلِينَ يا رسول الله؟ .. قالَ له رسول الله , نَعَمْ  تَدْخُلُهَا , إِنْ مِتَّ على مَا ذَكَرْتَ ..

وفي المسند عن ابن عباس رضي الله عنهما :

 أنّ “ضمام بن ثعلبة” وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له الصلوات الخمس والصيام والزكاة والحج وشرائع الإسلام .. فلما فرغ قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص فقال رسول الله إن صدق دخل الجنة , وخرجه الطبراني من وجه آخر وفي حديثه قال : والخامسة لا أرب لي فيها , يعني الفواحش ,  ثم قال : لأعملن بها ومن أطاعني  , يقصد من أتى معه إلى رسول الله  , فقال رسول الله : لئن صدق ليدخلن الجنة ..

وفي روية اخرى , مفادها :

بينما رسول الله بين أصحابه يحدّثهم ,.. جاءه أعرابيّاً , وأضنّه ضمام ابن ثعلبة نفسه , برواية ابن عبّاس , بحسب رواية أخرى على غير وجه , قائلاً له :

أأنت فلان ؟ .. أي أأنّك “محمّد”

قال بلى “أو قيل قال نعم”

قال محاوراً ؛ أتزعم أنّك رسول الله ؟

قال وهو كذلك

فقال : كيف أدخل الجنّة الّتي تزعم  ؟

قال بشهادة أن لا إله إلاّ الله , “وأنّ محمدا رسول الله .. “الشطر الثاني فيه اختلاف كونه قد يكون مضاف في جميع تلك الروايات بهذا الخصوص” ..

قال الاعرابي ؛ وبعد ؟

قال ؛ وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجّ البيت , من استطاع , إليه سبيلاً  ..

قال الإعرابي ؛  أسألك الصلاة , ما هي ؟

قال تقيمها  عابداً لله بما كما تراني أقيمها ..

قال الاعرابيّ .. كمّ المكتوب من الصلاة في اليوم ؟

قال ؛ خمساً وقيل خمس ..

قال متعجّباً .. ولا أزيد ولا أنقص منها ومن باقي ما علّمتني من الشرع ؛ وأدخل الجنّة !!؟ ..

قال بلى ! .. لا تزيد عليها ولا تنقص , وتدخل الجنّة .. !

 ذهب الإعرابي تاركاً الرسول واعداً إيّاه أنّه  “سيفعلها” ..

هنا التفت النبيّ إلى أصحابه , بعد أن بدأ الأعرابي يغيب عن الأنظار , قائلاً لهم :

ألا هل رأيتم رجلاً من أهل الجنّة ؟ .. فنظر أصحابه بعضهم إلى بعض متعجّبين مجيبين وكأنّهم يتسائلون ؛ كلّا يا رسول الله  , فقال لهم .. أرأيتم ذلك الأعرابي الّذي كان عندنا .. قالوا:  بلى يا رسول الله , قال .. “إن فعلها” .. يقصد الصلاة وبقيّة الأركان ؛ لا يزيد عليها ولا ينقص ؛ دخل الجنّة !! ..

قد يجيب أحد المعنيّين “المعمّمون” ومن على هواهم .. “نحن واجبنا تعليم وتعلّم تلك “الأركان” ..”  نقول لهم ؛ نعم , ولكن هي فقط .. لا تزيدون عليها ولا تنقصون ولا تمطّون بها ولا تتسحّبونها ولا تجرجرون لتملئوا جيوبكم من ملايين “المؤلّفات” تحت مختلف المسمّيات لتمتلئ بها رفوف المكتبات وصناديق الخزن , حتّى إذا ما رآها المسلم البسيط فرّ من دينه وارتعب وخاف وارتمى بين أحضان المعمّمون طلباً للنجاة بعد أن يكون قد استنزف عقله بدقائق معدودة متسائلاً بينه وبين نفسه “أين أنا من هذا ! من المؤكّد أنّني لا أستطيع دخول الجنّة إلاّ إذا استوعبت كلّ هذا الكمّ الهائل من “العلم” ! .. نقول لهم ؛ نعم , ولكن هي فقط .. لا تزيدون عليها ولا تنقصون ولا تمطّون ولا تتسحّبونها ولا تجرجرون , وتعليمها وتعلّمها بسيطين جدّاً يحيط بها المسلم بسنّي طفولته المبكّرة وصباه ولا يأخذ وقت تعلّمها أكثر من سويعات عند الكِبَر بمقدار تلك السويعات الّتي قضاها ذلك العرابي يتعلّم من النبيّ , لا زاد عليها ولا نقص , وتدخلون الجنّة آمنين مطمئنّين إن شاء الله بدون لا شيعة ولا سنّة ولا طلبة ولا زوراء ولا نادي دهوك فقط ثقة بالله وبالنفس دون خوف أو رهبة تقلّل ثقتك بالله وتدخلك الشرك الأعظم , مع مران نفسي على ترك “الآلهة” المرعبة المعشعشة على العقول منذ الولادة … وخطيّتكم برقبتي ؛ مثلما يقول المثل الشعبي العراقي .. فلا تتحجّجون والتفتوا إلى كلّ ما يعزّكم بين الأمم ويرفع من شأنكم “على الأقل في الأولمبياد ألم تروا أين نحن أتباع قرضاوي والسستاني منها !” وكلّ ما يرفع عنكم الذلّ والهوان والحقارة والاحتقار , من تعليم وبناء وإعمار وتثقّف بشؤون الحياة وبشؤون الشعوب والأمم ..

أنا أعلم أنّ البعض سيتعجّب بمثل تعجّب ذلك الأعرابي وسوف لن يقتنع أن يكون الدين الإسلامي بمثل تلك البساطة الّتي علّمها رسول الله لذلك الأعرابي بعد أن تعوّد على الاستغراق والتيه بجنبات تمائم وتمتمات واستغراق في الشكليّات وادعية مرتفعة الأصوات بساعات طوال .. الخ .. إذ انّ البعض من الذّي لا زالت بيئته العقليّة بيئة صحراويّة من جنس بيئة عقل ذلك الأعرابيّ , المندهش , لا يقتنع “بالدواء الرخيص” الّذي يصفه له الطبيب الّذي يعاوده ليشافه من مرضه ؟ فيقول في سرّه مستاءً ؛ أن ذلك “الدَخَتور” أي الدكتور الّذي يصف له الدواء رخيص السعر ؛ ليس دَخَتوراً جيّداً !! كيف بدراهم معدودة أشفَ من مرضي ؟! .. أريد دكتوراً “مرجعاً مُرَصْرَصاً رأسِه بعمامة ليس لها مثيل” هو من سيدخلني الجنّة ! .. فحتماً أنّ الدواء الّذي سيكتبه من على شاكلة “زيارات وتطبير ودروشة ودفوف وتسبيح علني وصلوات بين الجموع لا تنقطع وهرولة وقيام الليل وقراءة القرآن دون وعي به ولا تفكّر ولا تدبّر وانتشار بهائمي بقطعان من الجهلة المتمتّعون بشعائر ما أنزل الله بها من سلطان , على طريقة برامج “سبحان الله” التلفزيونيّة  الّتي تريك الأسد كيف يفتح فكّيه متوعّداً والبعوضة كيف تعضّ والغيوم كيف تبرق وترعد وسط الجبال وبين الوديان ولا ينسى المخرج “على طريقة الطفل المعجزة” مشهداً لطفل رافعاً يديه يدعو ! أو كهلاً منغمساً مطأطأ الرأس إلى الأسفل بتمتمة  ينظر إلى سبحته الطويلة وهي تخطّ السجّاد المفروش نوعيّة سجّاد “كلمن إيدو إلو” المقسّم لكلّ مصلّي حيّز مرسوم لا يخرج عنه ! , ما يجعل المصلّون بالمسجد متفرّقون قبل أن يبدئوا الصلاة ! ضاربين عرض الحائط وصايا الرسول عند كلّ صلاة : استووا واعتدلوا ؛ “الكتف بالكتف والكعب بالكعب” فلا تتركوا فجوات بين صفوفكم فيخترقكم الشيطان ! , المهم شركة السجّاد تربح ! .. كلّ ذلك وغيره وسط  خلفيّة موسيقيّة , تسبيحيّة , وأصوات دفوف وتعليق صوت أنثوي أو رجولي مستغرق بالخشوع مقبوض الثمن ! .. فحتماً مثل هذا الدواء , ذو السعر الباهض الثمن , بحسب قناعة عقليّة التصحّر , هو من يستطيع أن يشفيني ! ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات