19 ديسمبر، 2024 8:20 م

كيف اصبح الدين افيون الشعوب عندنا

كيف اصبح الدين افيون الشعوب عندنا

يقول كارل ماركس ان الدين افيون الشعوب وظلت هذه المقولة تتردد الى يومنا هذا . وانني لا اناقش هنا مالذي قصده ماركس من هذه المقولة
هل كان يقصد المؤسسات الدينية ام رجال الدين ام انه وسيلة ترتاح بها الشعوب من ازماتها ومشاكلها . ام ان سبب المشاكل والازمات منبعها هذا الافيون . ولكنني اجد ان الدين عندنا مخدر قوي يذهب بعقول الناس ويحرفهم عن مشاكلهم الحقيقية . واقصد بالدين هنا هو التمذهب والاستقتال من اجل هذا التمذهب ولا اقصد بروح الدين الذي يفترض به ان يكون مصدر التسامى بالانسان ويكون مبعث الحكمة والتأمل بجمال الخلق والخالق
مادعاني لهذا الموضوع القديم الجديد . انني وجدت الدواعش وهم منتشين بمخدر الدين ووعود الجنة والحور العين . وهم يمارسون ابشع انواع القتل والاغتصاب . اغتصاب العقول واغتصاب النساء ثم اغتصاب الوطن . وليس لهم هم لا بالوطن ولا بالمواطن ومستقبل ابناءه .وهناك في الطرف الثاني من المعادلة اناس منتشين بطقوس تعذيب النفس والاستماع الى قصص مكررة ، في وقت يستشهد اخوان لهم على ساحات القتال في غرب وشمال العراق وقد المت بنا الخطوب من كل جانب وهم منغمسين بماضي لايدفعنا الى المستقبل بل يشدنا اليه ونزداد امعانا بتعذيب الذات وتعذيب الاخرين من حيث نشعر او لانشعر
اليس الدين افيون الشعوب كيف لا ونحن جميعا منتشين بالعصبية القبلية والطائفية ونجتر احداثا تاريخية لاتقدم ولاتؤخر ، حتى اننا لم نطوع هذا الماضي ليكون موائما لروح العصر . . كيف استطاعوا ادخال هذه المفاهيم بعقول ناس متعلمين وحتى كتاب ومثقفين . وماهي الخطة الجهنمية التي جعلتنا نتقاتل فيما بيننا ، والاعداء من حولنا يتنعمون بخيرات العراق ونحن محرومون منها ، بل ونحصد ايتاما وارامل وجثث شهداء مغدورين لانعرف من هم ولا من هو قاتلهم . ونرفع رايات لانعرف انها رايات للتفرقة والخصام وليست رايات للتوحيد والانتصار على الذات قبل الانتصار على الاعداء
ان استخدام الفكر الطائفي سلاح ذو حدين . فهو يخدم الحزب والمرشحين للانتخابات وبالتالي يحقق الغرض منه في تحشيد المواطنين الساذجين والجهلة لانتخابهم ، ولكنه لايؤسس لدولة المواطن التي نطمح اليها جميعا ، ولكن هذا الفكر المريض والمتخلف سرعان ماينقلب الى عدو لدود لكل ماهو منطقي وعادل ، ويخلق ازمات لااول لها ولا أخر . وما فرقتنا ونزاعاتنا الا اثر من آثار هذا الفكر المرضي لانه يسري كالسرطان في جسد الدولة والمجتمع ، ويذهب بالتعقل والحكمة من رؤوس المواطنين

ان التعصب الديني او المذهبي يدفع الشخص الى العنف لتحقيق غاياته ويتميز بعدم تقبل الحوار مع الاخر بل انه ينكر حق الاخر بالوجود ، وهذا هو اخطر انواع التعصب لانه يصبح تعصبا اجتماعيا يقسم المجتمع ويفتت الدولة . وفي هذا الصدد يقول الامام زين العابدين عليه السلام ( العصبية التي يأثم عليها صاحبها ان يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين . وليس من العصبية ان يحب الرجل قومه ، ولكن العصبية ان يعين قومه على ظلم
الاخرين ) ء
ان اولئك المتعصبين لطائفتهم او دينهم يعيشون في عالم آخر غير عالمهم . ويخلطون بين الواقع المعاش والواقع الضني . حيث يضنون انهم يعيشون في الماضي ، ويتباكون عليه . كما يعتقدون بان حل مشاكلهم يكمن بالموروثات الدينية المتخلفة ويتناسون بان هذه الموروثات هي السبب في تخلفهم عن المدنية والحضارة . وانها السبب في جهلهم وفقرهم وفرقتهم
متى نستفيق من هذا الحلم المزعج وندرك باننا باسم الدين والطائفة نسرق ونقتل ونغتصب كل ماهو جميل بالحياة
لقد اصبح الجميع مخدرين حتى اننا لا نستطيع ان نسمع من كان حيا . . وكيف يسمع المنتشي بفتاوى الطائفيين والسياسيين الذين يتاجرون بالدين لتحقيق مآربهم و مآرب اسيادهم من خارج الحدود

لقد انشغلنا عن الوطن بتعصبنا المذهبي والديني . . وخلافاتنا التي وصلت الى حد الصراع الدامي هي السبب في كل هذا الذي يحدث لنا ، وكلما نخرج من متاهة ندخل في متاهة اخرى . . مرة القاعدة ومرة الدواعش ثم انفصال الكرد ، وغدا الاقاليم الطائفية . وما زلنا نتسائل لماذا يتآمرون علينا ، سواء دول الجوار او الامريكان او اسرائيل . انهم يتآمرون لاننا ننفذ مايتآمرون به علينا . هل علمت من هو الذي يقتل نفسه ويقتل اخاه . ليس المتآمرين علينا رغم كثرتهم ، بل نحن بتعصبنا وجهلنا . . حتى اصبحنا لانرى الا ذواتنا ومن هم على شاكلتنا وننكر الآخر رغم انه الجار والاخ ورفيق الدرب في وطن قادر على ان يجمعنا سوية . ونستطيع تقاسم الثروة والسلطة بلا انانية او تعصب او التمسك بموروثات ماضية لاتقدم لنا شيئا . انها اوهام زرعت في عقولنا بغفلة منا ومازلنا نتمسك بها . انني لا اخاطب الجاهل بذلك ولكني اخاطب المتعلم الذي تأخذه العزة بالاثم وهو سائر في طريق مجهول لايعلم اين سيؤدي به وباولاده من بعده . فافيقوا ياأولي الالباب واجعلوا العقل حاكما للخرافة والجهل والتعصب ، وتخلوا عن العصبية الدينية او الطائفية ففيها خراب امتنا ووطننا وذواتنا

أحدث المقالات

أحدث المقالات