22 ديسمبر، 2024 8:36 م

كيف ابكى سلمان المنكوب كوبنهاكن على سمفونية (امرن بالمنازل)؟

كيف ابكى سلمان المنكوب كوبنهاكن على سمفونية (امرن بالمنازل)؟

العلاقات الاجتماعية باردة كثلج المتساقط على شوارع كوبنهاكن ، لا يمنحها سوى مزيداً من الغربة منبعثة من تلك الوجوه البيضاء. هنا لابد للمغترب العراقي من طرد هذه الرتابة المكانية المفروضة، والعودة بالروح الى درابين الثورة وحكايات العشق الاولى وسياح ساحة 55 وحزن الامهات على فراق فلذات اكبادهن ،وهم ينتشرون على اقصاء المعمورة بعيداً عن احضانهن ونواعيهن التي تبكي الصخر ” ردتك ذخر لأيام شيبي”.
سلمان المنكوب استطاع ان يحتضر كل هذه المواجع بصوته الذي أرستم بطابع الحزن الجنوبي . كأنه يسرد حكاية اللوعة المختمرة في الصدور. لم يستطع ابن الثورة ان يأتلف مع الاجواء الساحرة وشقراوات الدنمارك، فشدهُ الحنين الى من يذكرهُ بتلك الأيام الخوالي ،وكيف تحولت إلى ذكريات يحاصرها ثلج الدنمارك، و يسلبها روح تتلذذ بالحزن . (كاسيت ) للمنكوب في البداية هو من تكفل بالعودة بهذا المتغرب الى مرابع صباهُ ولفة العنمبة واللبلبي والمكاوية والشعر بنات هو يموع بالفم من أول لحظة .
سلمان بصوته الساحر استطاع ان يفك أحاجي وطلاسم الغربة، ويحولها إلى دموع وآهات تريح النفس ” امرن بالمنازل ” . طوع المنكوب مدينة كوبهاكن الباردة الى صورة سندبادية ارتحلت صوب الشرق، فحركت الافئدة العطشى إلى بريد يكتحل بروحانيات الحزن السومري ، وتثر عليه ملح الهيام فيستفيق مجددا ، فيعالج النفوس المتعطشة الى مزنة حزن تبلل الروح بعد ان اعيتها الغربة والترحال وركض وراء العمر في قطارات المترو. الدنمارك بلد لا تعرف من سلمان المنكوب سوى صوته الحزين الذي جاء من مدينة الثورة الى كوبنهاكن ليطرد شبح الغربة ، ويكسر بياض وجوه لم تكتوي بلهيب شمس تموز ، ولم يلسعها (سماك) العشق فتدور في درابين الثورة معلنة توبتها من نظرات سمراء برقعتها عباءات الخجل، وهي ترسل غمرات الهوى الاول عند احد اركان مدارس البنات .