جل النظريات الطبية، اخفقت- كما اخفقت غيرها، بداية – تحت مجهر الخبراء، المعنيون، وهي تخضع للتجربة، مما لا شك بذلك، فلا ثمة يأس، اذن، بمنظور الخبراء(الاطباء)، فالأمل يحدو العلماء، لإرساء سفينة التجربة، ومن ثم النجاح، وتكون الضفة الاخرى (الهدف) هو البرهان الذي وُجب اثباته، وبالدليل. هذا ما سيحدث خلال الاشهر المقبلة، كسابقات التجارب التي تكللت بالنجاح: علمية، طبية، فضائية، نووية.
الطب في مراحل نضوجه، كما هو معلوم، كانت تعتريه كثير من العقبات والمطبات العويصة، إلاّ أنه، تدريجيا بدأ يأخذ مسيره بخطى سريعة، حتى وصل الى مرحلة نضوج تعُد، في عصرنا هذا، مراحل تثلج صدر الطب نفسه، فيرفع عنقه فخرًا. كان الطب في عهدِ قريب، لا يدرك اسباب كثير من الامراض التي تصيب الانسان، امراض مستعصية، عجز في حينها الطب، حتى كان ينسبها الى الغيبيات، وأخرى ينسبها الى الجن والشياطين، والارواح الشريرة، هذا كان في اوروبا، والآن هي التي تتجه انظار العالم اليها. مثالاً على ذلك: مرض السل (التدرن) كان ينسبونه الى تلك الخرافات، حتى جاء كوخ، واسمه بربر روبرت كوخ، وهو طبيب الماني، واعتبر اكتشافه هذا بمثابة ثورة في عالم الطب، (كما فعل كوبرنيكوس)، وكان ذلك عام 1882 مـ. وعلى اثرها حائز كوخ على جائزة نوبل، ومن يومها تنفس اصحاب التدرن الصُعداء.
كوفيد- 19، الآن التجارب بشأنه، تخضع لعمليات قيصرية، مكثفة، وانظار العالم تتجه صوب العلماء، في: الصين، روسيا، امريكا، اليابان، المانيا، وسواها من الدول العظمى، التي لها باع طويل في هذا الاطار(الطب وغيره). بمعنى أن العالم غير عاجز عن اكتشاف لقاح مضاد لهذا الفايروس( كوفيد- 19)، فقط هو عامل الوقت الكافي أو المحدد، والذي عده بعض الخبراء بـ (اشهر)، حتى يصير في يد كل دول العالم، وبعد اخذ اللقاح فأن الفايروس لن يعود مجددا، بهذه الفصيلة.
الجهات الطبية الصينية أعطت الضوء الأخضر لبدء التجارب البشرية على لقاحين(الآن) لمكافحة فيروس كورونا المستجد. إذْ أن مجموعة كبيرة من خيرة الاطباء الصينيين، وهو ما تقوم به الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية العسكرية وشركة “كانسينو بيو”، وذلك بعد فترة وجيزة من إعلان شركة تطوير الأدوية “مودرنا” البدء باختبارات بشرية للقاح للفيروس بالاشتراك مع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة. التجربة يصفونها بـ (الناجحة) فقط الذي نحتاجه هو عامل الزمن، فالزمن يلعب في هذا المعترك العامل الفاصل الذي يقرر النتائج الاخيرة.
وبصرف النظر عن الخسائر البشرية والاقتصادية، التي مُني بها العالم، وهو من الناحية السيكولوجية، عقبة كبيرة لها الاثر البالغ على نفسية الانسان، فضلا واقعه الاقتصادي، الذي تراجع كثيرا وقد يتسبب بكارثة انسانية(أنْ لمْ نوقفه حالاً) ومجاعة ستعصف بالدول الفقيرة، والتي اقتصادها مشلول، وبعضها منهار كالعراق، وعاجزة عن تقديم ابسط الاحتياجات التي يرغب بها المواطن.
المتضررون من جراء كورونا، هم الذين يعانون من قلة المناعة، وخصوصًا كبار السن الذين دخلوا عقدهم السادس، واصحاب الامراض المزمنة، كالسكري وامراض القلب والربو، وامراض الكلى. فأصحاب هذه الامراض هم الاشد خطورة من سواهم. نعم، ذلك بحسب منظمة الصحة العالمية، التي اصدرت عشرات التقارير منذ اليوم الاول، الى حين كتابة هذه السطور.
وما يظهر للعيان، أن كوفيد- 19، هو ليس نوعًا واحدًا، أو قل هو ثلاث انواع، أو درجات، فالذي ضرب أوروبا وامريكا وغيرها من الدول الاخرى، هو ليس نفس النوع الذي ضرب العراق، ودول الخليج العربي. فالدول الاكثر تضرر- بعد الصين- هي اسبانيا وامريكا وايران وتركيا، وهذه الدول هي الآن تتسابق، من تكون هي على رأس القمة، أعني الاكثر اصابة على مستوى العالم.