23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

كوفية خامنئي وكاسكيتة سليماني

كوفية خامنئي وكاسكيتة سليماني

تفسر حكومة الأحزاب المذهبية العراقية تدخل دول الجوار في الشأن العراقي الداخلي وتأجيج الصراعات المذهبية ودعم تنظيمات مسلحة ضد الدولة بسبب خوفهم من الديمقراطية الناشئة في العراق! وبما ان الأغلبية من الشعب العراقي للأسف مريض بالبغبغائية، فأصبح يكرر هذا الحديث وكثرة الترديد تؤدي الى اليقين.!! دون النظر الى المرآة للتأكد من رفاهية الديمقراطية المزعومة!

ان الحقيقة المرة التي لا يجب نكرانها هو ان من يحكم العراق الحديث بعد ٢٠٠٣ هم احزاب مذهبية إيرانية الهوى و الهوية، وان الثورة الإيرانية التي بشر بها الخميني عام ١٩٧٩ أثمرت وأصبح العراق ضيعة تابعة و دولة ذات تبعية أيدولوجية و سياسية لإيران. وهذا واضح من مواقف العراق السياسية اتجاة ملفات دولية معينة مثل موقف العراق من الحوثيين و البحرين و النظام السوري و الجزر الاماراتية و تخفيف الحصار الدولي على ايران من خلال فتح السوق للمنتجات و العمل كمحطة الاستيرادات الإيرانية.

وكلام نوري المالكي والجعفري حول التمثيل النسبي للمكونات هو تراجيديا مضحكة استخدمها النظام السابق ايضا مثل وجود طه محي الدين معروف و طه الجزراوي الكرديين و طارق عزيز المسيحي في الحكومة السابقة وهذا لا يعني وجود تمثيل حقيقي او عدم اضطهاد فالسجن و الاعتقالات و المخبر السري و ٤ ارهاب و هيئة المسائلة كانت ولازالت من نصيب مكون معين. والتغيير الديمغرافي الذي حصل في البصرة و بابل و ديالى و الان على حزام بغداد هو ضد مكون معيّن و هذا المكون هو العمق الخليجي و العربي المحيط بالعراق! حماقة الطغيان الطائفي التي اتبعتها حكومات الأحزاب المذهبية أدت الى تهجير و نزوح وتدمير مدن و أضرار بالبنية التحتية لأكثر من ثلث العراق. وبالتالي ضعف العراق و السماح للغير بالتدخل في شؤنة، ولكن للاسف الكثير من الناخبين يقبلون بل ويدافعون عن هذه السياسات الاقصائية و الطائفية ويعيدون انتخاب الاحزاب المذهبية!

الأحزاب المذهبية لا تبني دولة مستقلة ذات سيادة، بل تبذل كل امكانياتها و إمكانيات العراق لتحقيق هدف مذهبي يخدم الأساس الذي أنشئ له الحزب المذهبي، فالاخوان المسلمين في مصر فضلوا دولة الاسلام التابعة للدولة العثمانية (راعية الاسلام السني) على مصر ذات العمق العربي التاريخي. و احزاب القاعدة و الدولة الاسلامية تهدف الى إنهاء الحدود بين الدول وإنشاء دولة الخلافة. و بنفس المنظور، فان الأحزاب المذهبية الشيعية تهدف الى انشاء دولة الاسلام الجعفرية و الغاء الحدود رافعة شعار الثار لدماء الامام الحسين بغض النظر عن مصالح و توجهات من لا يقتنع او لا يشاركهم اهدافهم او سيادة الدول.

الواقع العراقي الان هو ان العراق بعد ٢٠٠٣ تغير ايدولوجيا وثقافيا لخدمة المشروع الإيراني، بل وحتى ديمغرافيا!، عراق المليشيات التي ترتدي كوفية خامنئي وتعيث في الارض فسادا هي التي تدير العراق. الجيش العراقي الضعيف امام المليشيات و الذي بدا يرتدي كاسكيتة سليماني بدلا من البيرية العسكرية هو ايضا عامل خوف لدول الجوار
تم الضغط على تغيير المالكي ببالرغم من كونه الفائز في الانتخابات بآصوات الناخبين الذين يرون فيه مختار العصر و الناصر للمذهب و الاخذ بثأر الامام الحسين، وكانت اهم مهمة للعبادي هي اعاده هيكلة الجيش العراقي و انشاء الحرس الوطني في المحافظات السنية و الذي سيدمج لاحقا بالجيش، بالاضافة الى اصلاحات اخرى ولكن تم الالتفاف على هذه الخطة الاصلاحية من خلال انشاء الحشد الشعبي! و الذي سيدمج لاحقا بالجيش لبقى حال الجيش كما هو عليه دون اصلاح بل يحول الى جيش عقائدي مذهبي يرفع رايات الثآر من بني امية!

لم يطالب الناخب العراقي بمحاسبة الفاسدين (بالاضافة الى ما يتمتعون به من طائفيه) ولم يحاسب من كان السبب في الانهيار الامني و العسكري ولم يطالب بمعرفة مصير المليارات التي اهدرت على المنظومة الامنية التي انهارت بل هو الان يدافع عن وجود عصابات بأسم الحشد و اصبحت العصائب وقائدها المجرم مثال الفروسية و المدافع عن الحقوق المسلوبة لاغلب الشارع المتأدلج.

لن تسمح دول الجوار العراقي و الخليجية خصوصا بقيام دولة مستقرة في العراق تتبع سياسيا ومسيطر عليها ايدولوجيا من قبل ايران، فبذلك ستكون دول الجوار على تماس مع التوسع الأيدولوجي الإيراني مع حدودها وبالتالي تهديد لحكوماتهم، فالدور على الكويت و البحرين و السعودية بعد العراق، و حتى قطر المشاكسة على يقين بان وجودها من وجود توازن للقوى على ضفتي الخليج، لهذا فهذه الدول تمول اي اعمال لا تخدم استقرار العراق بوضعه الحالي، الناخب العراقي لا يعي هذه الحقيقة ويعتقد انه يعيش في عالم أفلاطوني ويستغرب تصرفات دول الجوار التي تحاول ان تحمي مصالحها، وبدلا من ان يعيد النظر في استعبادة من قبل احزاب الطائفية لتغير وضع العراق الى دولة علمانية ذات سيادة بدلا من دولة الخرافة و الطائفية التي تتبع بشكل اعمى ولاية الفقيه من خلال احزاب السلطة الطائفية، فانة يقبل سياسات الأحزاب الطائفية و يعمل جاهدا على ترسيخ الأحزاب التابعة لخارج الحدود من خلال اعادة انتخاب هذه الأحزاب و يقبل على العراق ان يكون جسرا لنفس التغيير التي تريدة ايران لدول الجوار! ثم يستغرب تصرفات دول الجوار التي تحاول حماية انظمتها و تسعى الي تحقيق هذا الغرض بعدم استقرار نظام الأحزاب الطائفية في العراق.