25 نوفمبر، 2024 8:14 ص
Search
Close this search box.

كورونا يُعري الجهل والشعوذة

كورونا يُعري الجهل والشعوذة

(رُبَّ ضارة نافعة)، مثل عربي قديم قد يكون من الجيد استحضاره في وسط هذه المحنة التي تعيشها البشرية جمعاء، فهذه الجائحة (الصينية) كما وصفها ترامب والمسماة (بكورونا) اجتاحت العالم بأسره وتخطت كل الحدود ودول العالم ولم تعترف لا بصغير ولا بكبير، لا بغني ولافقير، اصابت مواطنيين ووزراء وقادة جيوش ورؤساء حكومات في تحدٍ كبير لم تشهده البشرية منذ قرن، حيث كان آخر وباء مشابه لهذا هو الأفلاونزا الإسبانية التي ضربت أوروبا في بداية القرن العشرين وأودت بحياة الملايين في وقتها.

ومن المعروف تماماً بأن الإنسان في لحظات عصيبة كهذه، تبرز عنده مكنونات الضعف والوهن الجسدية والعقلية، وتصبح عدم قدرته على اتخاذ الاجراءات الصحيحة والمنطقية هي الحاكمة على تصرفاته.

وفي أجواء كهذه ملبدة بالخوف والقلق من هذا الزائر ثقيل الظل، يستغل أصحاب العقول الصغيرة والنفوس الضعيفة من الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس في النيل من الفقراء والجهلة بأموالهم وخداعهم عن طريق ايجاد علاجات و بدائل واهية تشفيهم بدلاَ عن العلاج الحقيقي لفايروس كورونا، والذي لم يوجد له إلى الان مصل ولقاح شافٍ إلى حد الان من قبل دول لها باعٌ طويل في العلم والأبحاث العلمية، فهل يا ترى سينجح أناس من أمثال الشيخ أبو علي الشيباني في إيجاد علاج لهذا الوباء؟!

ومن المضحكات المبكيات أن ما يعرف برئيس (مركز طب المعصومين) في مدينة قم في إيران الشيخ شهريار شريفي قد ادعى بأنه وجد علاج لهذا الوباء من الممكن أن يشفيّ أبناء بلده الذين يعانون منه، وبعد فترة قصيرة نسمع بأن هذا الشيخ قد توفي بسبب فايروس كورونا!

ويبدو بأن بعض العباقرة عندنا أيضاً قد ادعوا بأنهم وجدوا علاج مشتق من (الحرمل) وهو لمن لا يعرفه مجرد بخورهندي تستخدمه أمهاتنا لاستخراج الرائحة الطيبة منه، ويا ليتها كانت رائحة طيبة فعلاً.

فتداعى الكثير من المغفلين للأسواق لشراء الحرمل من العطارين وأصحاب محال البهارات حتى فرغت الأسواق منه، ولم ينالوا شيء قطعاَ سوى رائحته والصداع الناتج عنه.

وما تكشفه مواقع التواصل الاجتماعي من صور وفيديوات وأخبار الشيء الكثير، في لوحة جميلة ومعبرة للرسام العراقي علي التاجر، والتي نالت شهرة واسعة في الفترة الأخيرة وتناقلتها العديد من صفحات الفيس بوك وغيرها.

يرسم التاجر بريشته رجل أبحاث وهو ينظر في مجهره إلى ما يبدو أنه اختبار للقاح أو مصل أو ماشابه ذلك، وحوله عدد من رجال الدين من مسلمين ومسيحيين ويهود، وأيضا عسكريين ومواطنين عاديين ينظرون وبتلهف وترقب لهذا العالم في إشارة إلى انتظارهم له ليجد علاج لهذه الجائحة التي اجتاحت العالم ولم ترحم أحد.

والرسمة هذه تشير إلى الكثير فعلا، ففي أوقات عصيبة كالتي نمر بها يختفي دور العديد من الشخوص التي كنا نظنها مهمة وتلعب دورا في حياتنا، كلاعبي كرة القدم ومشاهيرالانستكرام والفاشينستات، وطبعا معهم رجال الدين.

ويحل محلهم الأبطال الخارقين أصحاب الرداء الأبيض من أطباء وممرضين وعمال النظافة وباحثي المختبرات وعلماء.

من أعماق قلوبنا، نتمنى الشفاء والسلامة لكل البشرية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات