في غمرة انغماس البشر في صراعاتهم السياسية و الاقتصادية و الثقافية؛ بتحيزاتهم الحداثوية (دول و تكتلات-احلاف) يحدث و أن تضرب الطبيعة احدي ضرباتها لتذكرهم أن لها الكلمة الأخيرة و الرأي الفصل! و أن البشر مهما “تطاولوا” فان قامتهم تبقي دون قامة الطبيعة، و ان لا فرق بينهم و بين الانسان الأول الذي طالما ارعبته الطبيعة و اخافته حين تهمس أو تصرخ “تسونامي، فيضانات، اعاصير، عواصف، براكين، زلازل، انزلاقات ارضية، أو اوبئة.. الخ”
في السابق كانت ضربات الطبيعة تعيد البشر الي جادة الصواب فيتحدوا لدرء اثارها و يتعاونوا لمجابهة اخطارها و يتساموا فوق اختلافاتهم فيغيث بعضهم بعضا..
لكن مع الأسف في وقتنا الحاضر و مع ضربات وباء كورونا و تفشي الفيروس المسبب له covid-19 في كل اقطار الأرض فان الاستجابة لتحدي الخطر بين دول العالم في ادني مستوياتها ضعفاً!
بل و الاسوأ هو أنهم ادخلوها في اجندة صراعاتهم و نزاعاتهم و حزازاتهم و مشاكلهم!
فالصين اخطأت عندما تجاهلت الوباء حمايةً لاقتصادها و لمصالحها التجارية! و عندما تنبهبت لحجم الكارثة و كانت بحاجة لتضامن باقي الدول اكتفت الأخيرة بكيل اللوم لها علي أخطاء سياساتها الصحية و ادارتها للازمة!
و عندما انتقلت الكورونا لايران ارتكبت الأخيرة نفس خطأ الصين حماية لمصلحة نظامها السياسي هذه المرة (الانتخابات الصورية) و لم تنتبه إلا بعد فوات الاوان!
و بلغ ال covid-19 الشرق الاوسط فوجد المنطقة غارقة في وحل فجور سياسي و صراعات دموية! و كان الطريق ممهداً أمام الفايرس! أستخدم الخليجيون كورونا في قطيعتهم و وظفوه عاملاً اضافياً لفرض عزلة علي بعضهم البعض! ففرضت اجراءات وقف الرحلات و ارجاع المسافرين بانتقائية بائنة، و فرضت عزلة علي اسس سياسية و عنصرية “بالجنسيات” لا علي اساس صحي! و وظفوه اعلامياً للسخرية من بعضهم البعض و للشماتةالسياسية! كما استغل مادة للدعاية و الحرب النفسية و الشائعات بمرض ذلك الحاكم أو ذاك الأمير!!
و عندما بلغ الفيروس الغرب لم يجده أحسن حالاً! فاوروبا و اميركا غارقتين في وحل شعبوية قبيحة! فترامب يضرب حصار علي اوروبا و يستثني المملكة المتحدة الخارجة من الحظيرة الاوروبية مع أنها كذلك تشهد درجة من تفشي المرض لا تقل عن كثير من بلدان اوروبا!
بينما في مجتمعات و دول اخري راجت أفكار عن المرض الجديد لا استناداً علي حقائق العلم و الطب و الصحة العامة انما علي أفكار بدائية و عنصرية و تحيزات دينية من شاكلة ان الفايرس لا يصيب المسلمين! أو لا يصيب ذوي البشرة السوداء و الجينات الحامية!
استفاد الفايرس من غباء البشر و عنصريتهم و جهالتهم “الحديثة” فضرب بقوة و اصطادهم فرائس جماعةً بعد اخري و شعباً بعد شعب و لم يفرق بينهم علي اساس عرقٍ أو دين أو قومية!
لو خرج البشر من محنة “كورونا” متحدين و بحكمة ان الطبيعة هي العدو الذي يجب ان يحذروه و الحليف الذي يجب ان يكسبوا وده فانهم حينها يعودون لصوابهم و يعرفوا حدود قدراتهم فيضعوا حداً لجدهم الهازل و هزلهم الجاد!