لو نظرنا إلى ما يفرضه فيروس كورونا على العالم قسريا من نمط تعليم عن بعد وعمل عن بعد مع ملاحظة توافر كل الأدوات لذلك أي أن ثمة استعداد مسبق لخوض التجربة، واقصد بالنظر إلى النصف الممتلىء من الكوب والجوانب الإيجابية فطالما أننا قد وجدنا أنفسنا داخل التجربة فلابد أن نعيشها لا أن نتذمر ونحتج، وليكن تكيّفنا إيجابيا منتجا، ماذا سنجد ؟!
لنبدأ بالتعليم عن بعد وما ينتج عنه لنجد أن الوعي بأهمية اكتساب العلم من أجل العلم سيزدهر خصوصاً أنه مرتبط بمتطلبات سوق العمل الذي يفرض سياقه الجديد، عن بعد، أشخاصا يملكون علما وليس بالمهم أن يملكون شهائدا علمية، وهذا بدوره يضمن كليا انعدام الغش وتحري المصداقية في العملية العلمية وتجربة التعلم عن بعد، بل إننا سنضمن تخرج أجيال متعلمة بشكل مدهش، وستزداد نسبة وجود عباقرة في هذا العالم بشكل مذهل سيؤدي إلى إزدهار البشرية بشكل أكبر مما لو تخيلنا انه سيكون في ظل الظروف العادية والتقليدية السابقة، كما أن هذا الشكل من التعليم سيؤدي بالضرورة إلى الحرص على تعليم الفتيات، فالرجال في ظل هذه الظروف وهذه الوضعية سيفضلون، للزواج، النساء المتعلمات حرصا منهم على مساعدة ابنائهم في التعليم، خاصة والمسئولية الأكبر في عملية التعليم في هذا النمط تقع على عاتق الأسرة وليس المدرسة كما كان في السابق، ثم إن في هذا الشكل التعليمي ضمان كبير في زيادة نسبة الوعي وانخفاض معدلات الانحرافات الاخلاقية التي كانت توجد بفعل عملية الاختلاط وما تفرضه من تأثير عنصر فاسد على بقية العناصر حتى أن بعض اثار التمييز الذي كان يفرضه النمط التقليدي للتعليم لا يمكن أن تزول بسهولة بل تخلف عقدا نفسية تؤثر على السلوك العام للفرد في حياته ومستقبله .
أما بالنسبة إلى العمل عن بعد فيكفي القول أنه سيمحو وجود الكثير من الظواهر السلبية الاجتماعية والمهنية من قطاع الأعمال بشكل نهائي، ومن ذلك ظاهرة التحرشات التي لطالما كانت عائقا بالنسبة لعمل المرأة ورفض المجتمع لعملها بسببها، ثم انخفاض كبير في نسبة الحوادث المرورية التي تودي بحياة ما يزيد عن مليون شخص سنويا واصابة ٢٠ إلى ٥٠ مليون شخص سنويا وفقا لاحصائيات منظمة الصحة العالمية، وكذلك ازدهار البيئة، وانحسار نسبة العوادم والكربون فيها، واختفاء أنواع كثيرة من أنواع الجرائم مثل النشل و مثل التحرشات في وسائل النقل و المواصلات، كما أن فيه حلا لمشكلة الأزمة الاسكانية والازدحامات المرورية، وحلا لمشاكل التحاسد والاحقاد الوظيفية، كما سيختفي قلق المدراء على العمل وعلى المكاتب أثناء تغيبهم الطارئ، وستزداد فرص العمل بالنسبة للمتعلمين والكفاءات وذوي الخبرة وتنحسر بالمقابل ظاهرة الوساطات في الأعمال إذ أن المقياس هنا أصبح القدرة على الانتاج والإبداع والانجاز وليس الوساطات، كما سيزدهر بشكل عام نظام العمل بأسلوب خلية النحل المنتج، وسيعمل كذلك هذا النمط العملي على لم شمل الأسرة نواة المجتمع، ويقوي الروابط والأواصر الأسرية، ويكون أثره في هذا بعيد جداً في مداه.
أيضاً سنلاحظ بهذا النمط العملي إلغاءً لبند النفقات التشغيلية وهنا يمكن استخدامها في رفع رواتب وحوافز وعلاوات الموظفين من أجل التحفيز على زيادة الانتاج والإبداع في العمل.
ومما يجب التنبيه له من اجراءات وقائية تحمي في ظل هذا النمط العملي و التعليمي من الشعور بالعزلة والاكتئاب و تكافحهما ألوان طلاء الأماكن التي تمارس العملية التعليمية والعملية داخلها حيث يجب أن تكون ألوان مهدئة لضربات القلب ومريحة للبصر كالألوان الخضراء بدرجاتها ومهدئة للأعصاب كالأزرق بدرجاته.
ومما أنصح به أيضا تحري عدم الاكثار من الجلوس في مكان واحد فذلك مما يورث التبلد والركود الفكري.