18 ديسمبر، 2024 5:53 م

اجرت فضائية سكاي نيوز عربية حوارا مع السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان اثناء زيارته لدولة البحرين للمشاركة في (منتدى حوار المنامة 2021) بثته ليلة الأحد ٢٨ تشرين الثاني، تناول اللقاء عدة مواضيع مهمة وجوهرية شملت اوضاع الإقليم الداخلية و علاقاته مع بغداد و الدول المحيطة و الولايات المتحدة حيث أجاب البارزاني على الأسئلة التي طرحتها الإعلامية اللبنانية جيزيل بصراحة وشفافية تامة.
قبل ختام اللقاء سألت جيزيل السيد بارزاني سؤالا استفزازيا وغريبا نوعا ما عندما سألته “هل انت كوردي ام عراقي؟” اجاب السيد رئيس حكومة الاقليم بصراحة وشفافية تامة انا كوردي من اقليم كوردستان و الاقليم جزء من العراق الفدرالي.
هناك من ينتقد صيغة جواب البارزاني بتفضيل انتمائه القومي على عراقيته، لكنني شخصيا انظر للجواب من زاوية اخرى وارى الجواب اعتياديا بل منطقيا.
قبل الخوض بجواب رئيس حكومة اقليم كوردستان، لابد من التأكيد والتذكير بحقيقة مهمة للغاية ربما يجهلها الكثيرون وبالأخص شريحة الشباب العراقي وهي ان عائلة البارزاني التي قادة حركة النضال القومي في جنوب كوردستان طيلة القرن الماضي لم يحاولوا قط استبدال النضال القومي الى صراع اوعداء مع الشعب العربي في العراق بل اكدوا مرارا على تعزيزالأخوة العربية الكوردية والتعايش السلمي بين جميع المكونات العراقية وترجمت هذه الحقيقة على ارض الواقع اثناء مرحلة الكفاح المسلح ضد الانظمة الشوفينية،حيث شارك الكثير من الاخوة العرب في ثورة ايلول بقوة الى جانب اخوتهم البيشمركة في القتال ضد النظام وامتزجت الدماء الزكية لجميع العراقيين في هذه الثورة الكبرى من اجل ترسيخ شعار (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان) وبعد سقوط النظام وتفاقم الاوضاع الامنية في بغداد ومعظم المدن العراقية وبالاخص بعد احتلال داعش لخمس محافظات احتضنت كوردستان جميع العراقيين من دون استثناء وقدمت لهم جميع سبل الحياة الكريمة حسب الامكانيات المتاحة.

 

لنعد الى اصل الموضوع وهو جواب السيد بارزاني على السؤال المذكور، اعتقد كان صريحا واضحا وشفافا عندما اجاب انا كوردي من دون لف ودوران، ومن الطبيعي الجواب لم يأت من فراغ فحسب، بل من واقع مريرعاشها شخصيا على الاقل خلال السنوات الماضية من عمره في المهجر والنضال في الجبال والكهوف للأسباب التالية:
1-تاريخ الشعب الكوردي يعود إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ربما اكثر والكيان العراقي المتمثل بالدولة العراقية الحالية تشكل قبل مئة عام من الآن بناء على قرار دولي بريطاني فرنسي بعد تقسيم غنائم الحرب العالمية الأولى، لذلك كوردستان اقدم من الكيان العراقي بآلاف السنين، اي ان الكورد قبل ان يكونون عراقيين كانوا كوردستانيين وعاشوا على ارضهم قبل الاف السنين.
٢-الدولة العراقية التي تشكلت في عشرينيات القرن الماضي لم يكن بأستطاعتها استيعاب جميع المكونات تحت مظلة الوطن الواحد،بل كانت هيمنة النظم العربية وبالتالي المكون العربي على مقدرات العراق وتهميش المكونات الاخرى وبالاخص المكون الكوردي واضح دون الحاجة الى الادلة، اي العراق لم يكن دولة المواطنة بل كان دولة المكون الواحد دون اشراك الاخرين في السلطة وحرمانهم من الحقوق على الاقل الأنسانية والثقافية.
3-عندما طالب الكورد اخوتهم العرب(النظم العراقية) بحقوقهم القومية، بدلا من ان يستجاب لمطلبهم العادل والانساني، تم قمعهم بشتى الوسائل وبمختلف الاسلحة حتى وصل الامر الى دفن مئات الالاف من الرجال والنساء والاطفال احياء في مقابر جماعية فضلا على استخدام الاسلحة المدمرة الكيماوية والجرثومية المحرمة دوليا وهدم اكثر من (4500) قرية عن بكرة ابيها وتهجير اهاليها الى المجمعات القسرية التي اعدت لهذاالغرض.
4- الدولة العراقية طيلة القرن الماضي لم يكن بمقدورها أن تقنع المواطن الكوردي بأنه ابن لهذا الوطن او مواطن من الدرجة الاولى له حقوق وعليه واجبات بل حرم من ابسط حقوقه الانسانية والخدمات التي ينبغي للدولة ان تقدمها لجميع مواطنيها من دون تمييز وبعيدا عن الانتماءات القومية والطائفية.

 

5-بعد اسقاط النظام الدكتاتوري الصدامي على يد قوات التحالف الدولي بقيادة امريكا في 2003 تنفس الكورد الصعداء وظنوا ان مرحلة القمع والقتل والتدمير ولت وستفتح صفحة جديدة في ظل عراق حر ديمقراطي مستقل يوفر الحياة الحرة الكريمة لجميع المواطنيين عبر ترسيخ المساوات والعدالة الاجتماعية، بيد أن الشعب الكوردي ورغم تثبيت حقوقه في الدستور الدائم الذي صوت له اكثر من 80% من الشعب العراقي بنعم، تعرض الى سياسة الاقصاء والتهميش والتجويع بطريقة جديدة وذلك بقطع موازنة الاقليم السنوية وقطع رواتب الموظفين وعوائل الشهداءوالمؤنفلين واستمرار سياسية التعريب وتهديده بين آونة واخرى بقوة السلاح وضرب الدستور عرض الحائط.
الاسباب المذكورة اعلاه واستمرار معاداة الشعب الكوردي من قبل بعض القوى السياسية الشوفينية والعنصرية ومحاولة زعزعة الامن والاستقرار في اقليم كوردستان عبر التصريحات الاستفزازية وقصف اربيل بين فينة واخرى بطائرات الدرون كل هذه التصرفات اللامسؤولة والجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الكوردي طيلة القرن الماضي جعلت من المواطن الكوردي يشعر بخيبة امل وعدم الأنتماء الى هذا الوطن الذي ينبغي ان يكون خيمة للمكونات العراقية ويضمن حياة حرة كريمة للجميع، لذلك عندما يسأل المواطن الكوردي اليوم وبالأخص شريحة الشباب عن انتمائه الحقيقي سوف لايختلف جوابه عن جواب السيد مسرور بارزاني.