بحسب الأنباء المنشورة في وسائل الإعلام التابعة للنظام الملالي في 12 نوفمبر 2021 أعلن نائب رئيس بلدية طهران عن تجهيز 13 هكتارا من الأراضي في الجزء الجنوبي من العاصمة لدفن الموتى فيَ أوقات الأزمات مثل الزلزال !
ما الأمر؟ هل من كارثة مقبلة؟ وإذا كانت فما هي؟
توسيع المقابر في إيران!
حجم المقابر بإيران في ظل حكم الملالي لا تضاهيه أحجام ولا أحوال في الأنظمة السابقة بإيران، حيث للمقابر ثلاث فئات:
الفئة الأولى: مقابر بها نسبة من “الوفيات” الطبيعية في المجتمع.
الفئة الثانية: مقابر غير رسمية وسرية ونسبة كبيرة منها مقابر جماعية تعود إلى عمليات إعدام وقتل وجرائم الإبادة الجماعية لأعضاء وأنصار المقاومة الإيرانية، والمعارضة الإيراينة المنشقة، وقد نُفِذَت هذه الجرائم على يد مختلف أجهزة النظام، وعددها غير متوفر على وجه الدقة، ويشكل إعدام وقتل أكثر من 120 ألف شهيد من المقاومة الإيرانية، وكذلك شهداء انتفاضة سنة 2019 الجزء الأعظم في أساس هذا العدد.
الفئة الثالثة: مقابر جماعية لأشخاص فقدوا أرواحهم بسبب السياسات الكارثية لنظام الملالي إبان حكم ولاية الفقيه وخاصة في السنوات الأخيرة، ومن بينهم ضحايا وباء كورونا في العامين الماضيين، والذين يقرب عددهم بحسب معلومات المقاومة الإيرانية إلى نصف مليون إنسان يعودون لهذه الفئة.
لكن النص المدرج أعلاه يظهر أن الفئتين الثانية والثالثة على الرغم من أن النظام أعلن سبب تخصيص أرض المقابر لوفيات “الزلازل” وهذا أمر مشكوك فيه، لانه وبحسب معلومات موثوقة فقد قضى النظام على العديد من معارضيه تحت عناوين الامراض و …!
كارثة الزلازل، هي حديث اليوم!
كتبت وسائل الإعلام الحكومية نقلا عن علي بيت اللهي مدير إدارة الزلازل والكوارث في مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية التابع للنظام قوله إن”جميع السهول في إيران ستغرق”. “إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة الآن، وستصبح إيران أرضا غير صالحة للسكنى”(تجارت نيوز 16 أكتوبر2021).
قال السكرتير الحكومي لمجموعة العمل الوطنية المعنية بالكوارث الطبيعية التابعة للنظام “نشهد انخفاضا في 18 مقاطعة ويعيش حوالي 20 مليون شخص من سكان الحضر في مناطق هبوط”، وكتبت صحيفة إقتصاد أونلاين الحكومية أن”الهبوط وصل إلى حالة بحيث يمكن للأرض أن تبتلع 80٪ من مساحة إيران”، وأن معظم أجزاء البلاد في نهاية الأمر قابلة للسكنى لمدة 10 سنوات أخرى، ويقول رئيس هيئة المسح الجيولوجي والتنقيب عن المعادن: ” يبلغ هبوط الأرض في محافظة طهران 36.5 سنتمترا في السنة، ووفقا لهذه الحالة يصبح الوضع حرجا ومخيفا”، وكتبت الصحف الحكومية مؤخرا: “لم يتبق الكثير من الطاقة الاستيعابية لمقبرة بهشت الزهراء!”
يعود سبب “هبوط الأرض” الذي يشبهه الخبراء بـ “قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار” في إيران إلى السياسات العدائية للشعب التي يتبعها نظام الملالي في الاستخراج غير المنضبط للمياه السطحية والجوفية في إيران، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الأجهزة والمؤسسات التابعة لخامنئي فلقد نهبوا موارد إيران المائية بصناعة السدود الضخمة.
ذكرى انتفاضة عام 2019 ورسالتها الحالية!
بعد مضي عامين على ذكرى انتفاضة عام 2019 المنتصرة لا يزال طعم السقوط المرير تحت لسان ولي الفقيه المتسلط على إيران
انتفاضة أدت بمشروع سقوط الديكتاتورية الحاكمة إلى نقطة تحول من ناحية أبطال شرعية هذا النظام، ومن ناحية أخرى رسم المسار المستقبلي للانتفاضة، وقد أظهرت خارطة الطريق في نقطة التحول المحورية تلك استراتيجية وحدات الإنتفاضة، كما أوضحت أهداف ودوافع قيام الانتفاضة للعالم بأسره، كما ثَبُتَ أن هذه الانتفاضة لم تكن عرضية وكانت مشروعة ولها هيئة قيادة جماعية مقتدرة.
حاول علي خامنئي على مدى العامين الماضيين الحفاظ على سلطانه المهتز من خلال حملات الإبادة بواسطة وباء كورونا ووسائله القمعية المتعددة، وفي مسار الإنكماش الحاصل في النظام لم يكن تعيين إبراهيم رئيسي رئيسا لجمهورية ولي الفقيه إلا لمواجهة الانتفاضة الشعبية ولا شيء غير ذلك!
في ذكرى انتفاضة نوفمبر 2019 قام الخبراء ووسائل الإعلام الحكومية بتحذير بعضهم البعض وخاصة علي خامنئي بإمكانية تكرار انتفاضة عام 2019.
يحذر أحدهم من “غلق برجام” ويحث على التفاوض وإحياء برجام، وكتب أن تأثير”الإنغلاق لا ينحصر فقط في مجال العلاقات الدولية فله تأثيره الفوري داخل البلاد”، وحذر البعض الآخر ولي الفقيه من جاهزية المجاهدين محذرا من أن المجاهدين “يحاولون الطرق على مواضع الخلل لإثارة السخط الاجتماعي في شكل اضطرابات متفرقة تكون في الخطوة التالية واسعة النطاق”، “إنهم يعدون ويخططون لحركة تنشط بالإعتماد على مواضع الخلل والثغرات الاجتماعية”.
يكتب أحدهم أن المجاهدين كانوا يفرجون عن أسرار عسكرية واستخباراتية على مدى العقدين الماضيين من خلال نفاذهم إلى المراكز الحساسة في البلاد وهم السبب الرئيسي للعقوبات الظالمة “، ويكتب آخر إن” فرقهم التدميرية الخاصة بهم داخل البلاد الآن “(اقرأ وحدات المقاومة) لقد انتشرت وحرضت الشباب على الإنتفاض والثورة”.
وكتب إحدى كاتبات النظام: “في هذه المرة وبالنظر إلى الوضع الذي لا يُقارن مع الأزمة الاقتصادية للسنوات السابقة إذا حدث تحركا قائما على مواضع الخلل الاجتماعي فإنه سيكون زلزالا ومن المخيف حتى التفكير في عواقبه”.
لماذا يخاف النظام من تكرار الانتفاضة؟
في انتفاضة الشعب الإيراني عام 2019 صمدت الفئات الأكثر حرمانا بالمجتمع في طابور الجيش الجائع ضد آلات ولاية الفقيه القمعية، وتجلت سرعة الانتفاضة واتساع تشظيها وتفاقم حدتها بسرعة في حرق البنوك وتدمير مؤسسات النظام، وسرعان ما استهدفت الانتفاضة رأس النظام بشعار “الموت لخامنئي” في مطالب نوعية عميقة وسارت على خط إسقاط النظام!
تم تنظيم الانتفاضة وكان الشباب ووحدات الإنتفاضة الشعبية مركزها ومحورها الجوهري، وكان دور المرأة في قيادتها بارزا في جميع الميادين وهذا ما يبعث على جنون النظام الذي لا يزال يؤطر المرأة بإطار العبودية، وسرعان ما اتسع حجم الانتفاضة إلى 1000 موقع في جميع أنحاء البلاد.
وهكذا فإن تكرار الانتفاضة يدل على انتصار استراتيجية وحدات المقاومة الإنتفاضة الشعبية، وهذا هو السبب في هلع ورعب النظام من تكرار الإنتفاضة خاصة أن وضع المجتمع الإيراني بجاهزية واستعداد أفضل بكثير الآن قياسا بانتفاضة نوفمبر 2019 في مختلف النواحي؟
الشروط الموضوعية لتكرار الانتفاضة!
الآن وقد أضيفت العوامل الموضوعية لشروط الانتفاضة السابقة حيث فقد ما يقرب من نصف مليون إيراني حياتهم بسبب فيروس كورونا نتيجة لسياسات النظام المناهضة للشعب، نتيجة لسياسات النهب والسلب وسعي نظام الملالي لإستخدام وباء كورونا كسلاح سياسي لحفظ النظام من جهة، واستخدام عصابات النظام لأزمة فيروس كوسيلة من أجل التربح الفاحش…،
وكذلك طبيعة نظام الملالي المناهضة للعلم، والآن يقع الاقتصاد الإيراني على وشك الانهيار محتضرا، وباتت الظروف المعيشية للشعب بائسة ومؤلمة للغاية، فبالإضافة إلى ظاهرة الهبوط المذكورة أعلاه ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 94.2٪، وبلغ التضخم أعلى مستوياته، وزادت نسبة السيولة النقدية في البلاد بنسبة 40.5٪، ووصل مقياس خط الفقر في البلاد إلى 11 مليون تومان، ويعيش معظم الناس تحت خط الفقر، كما بلغ حجم الدين الحكومي لأكثر من 900 مليار تومان.
إن هشاشة النظام بسبب المآزق العديدة التي يمر بها والغرق في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية مستعصية حوّل المجتمع إلى منصة مواتية للانتفاضة ضد النظام، وكان تألق وحدات الإنتفاضة الشعبية وقيادة انتفاضة عام 2019 أول إنجاز للاستراتيجية التي أعلنتها المقاومة الإيرانية في رؤيتها الجديدة.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.