18 ديسمبر، 2024 8:17 م

كنت أقول لصديقي هون عليك

كنت أقول لصديقي هون عليك

الصديق أنت من تختاره قي ظل زحام الفوضى ,وتنتقيه لصدقه ولأمانته ولبياض نقاء سريرته, تأتمنه على أسرارك , ويحترم مشاعرك وأفكارك وألأهم من هذا كله فأنه يحفظ غيبتك دون أن يُقدح بها يرد ويصد عنك ما يقال من سهام أذى القتل المعنوي, صديقي يشكو لي بألم مرير وبوجع المرارة التي يتعذر عليها تحمل أساءات سرب طويل من أقوال وأفعال أنصاف الرجال وأشباههم وأقزام وإمعات لأنه بكل بساطة لديه مبادىء وقيم تربى عليها , أما المبدأ عند المنحرف يقف في ساحة وقوف حافلة نقل الركاب مابين الطابق الأول والثاني فلا يهمه أن تجزأ أو تكسر أو تميع أو حتى بيع في سوق النخاسة.
يقول لي :الى متى سأبقى أتحمل أوجاع الهمج الرعاع وسلوكياتهم المنحرفة وأنحطاهم الأخلاقي والصبر ينفذ مني والوقت أسرع بالنفاذ؟.
فأجبته : هل قرأت عن سيد الألم والحكمة الإمام علي (ع) ومعاناته وكيف قست عليه الحادثات والدنيا وولت أدبارها عنه وذهبت تفتح ذراعيها لمن ليس له عنوان والدهر يختار أدعياء أود أدعياء وشذاذ الأفاق يناظروه ويحاججوه حتى قال بعد تجرعه ذعاف الأسى : (فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى وَفِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً) .
ياصديقي العزيز : أنها نفس المحن والتحديات تُعاد في كل زمان ومكان على رؤوس الأحرار تطحنهم طحناً لا لشيء أقترفوه وإنما لأنهم لا يخصعون ولا يخنعون لفاسداً ولمفسد ساقته الأقدار وجيء به لموضع السلطة , فهذه ضريبة أحترام الذات وصونها أن يتسلط عليك فاقدي الرجولة والشهامة والنخوة وعديمي المروءة أنك تغرد خارج السرب … سرب الاخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي نشأت عليها لا تعرف الغدر والمكر والنكث بالعهد , فالحجور مكانٌ تختبىء فيه الأرانب وتعيش الظباء,وعندما يرحل الأسد بعيداً عن مكانه , فأنها تخرج من جحورها وتربع حيث ما سلكت ,فذكرته بقول عمرو بن العاص في حادثة استشهاد الأمام علي (ع) : لمّا نعي بقتله (ع) “دخل عمرو بن العاص على معاوية مبشّراً، فقال: إنّ الأسد المفترس ذراعيه بالعراق لاقى شعوبه , فقال معاوية: قل للأرانب تربع حيث ماسلكت ** وللظّباء بلا خوف ولا حذر .