22 ديسمبر، 2024 5:45 م

كم من الباكين على الحسين عليه السلام هم على نهج يزيد؟

كم من الباكين على الحسين عليه السلام هم على نهج يزيد؟

الحكام الظلمة على مدى التأريخ لا يجدون بداً من اذلال شعوبهم والاستخفاف بهم ليطيعوهم وهي سنن بشرية تكررت وتتكرر على طول التأريخ لذلك قال تعالى بحق فرعون {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} ، وهكذا كانت سنن الحكام الظلمة من بني امية في اذلال المسلمين لتحقيق طاعتهم ، اما النهج الإلهي فهو الارتقاء بالامة ليكونوا شركاء في إدارة شؤون الامة لذلك امر الله رسوله الكريم عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام ان يشاور الامة في القرارات المصيرية في قوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }، وهكذا كان نهج اهل بيت النبوة في الاستمرار على سيرة الرسول (ص) حتى ان معاوية صدم من اهل العراق واليمن الذين رباهم علي عليه السلام فكان من حوار بينه وبين سودة بنت عمارة الهمدانية جاءته مشتكية من بسر ابن ارطأة قائلة: ( إنك أصبحت للناس سيدا، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك، فقتل رجالي، وأخذ مالي) وبعد حوار طويل افحمت فيه معاوية كتب لها ردوا لها مالها، فسألته: (الي خاص ام لقومي عام)، فقال: (ما انت وقومك؟) ، قالت: (هي والله إذن الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلا شاملا وإلا فأنا كسائر قومي) قال: (اكتبوا لها ولقومها) ثم قال: (لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيئا ما تفطمون)

 

لقد تمادى يزيد في اذلال المسلمين لذلك كانت احدى الأهداف الكبرى لنهضة الحسين عليه السلام هي إخراجهم من الذل وإعادة العزة الى نفوس المسلمين واعلنها صراحة في قوله: (ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون)

 

أمام هذين النهجين، نهج الحسين عليه السلام نهج الإباء والعزة والكرامة والرفعة ونهج يزيد نهج الذل والخساسة والوضاعة لنفتش عن نهجنا في الحياة هل هو نهج الحسين عليه السلام ام نهج يزيد؟ الكثير من الناس يتصورون جهلاً في ان بكاءهم على الحسين عليه السلام وزيارتهم له ومسيرهم اليه انهم على نهجه ومنهجه وانا أقول لهم ليس هذا هو الميزان؛ بل الميزان هو ان ننظر الى افعالنا واقوالنا لنعرف على أي النهجين نحن؟

 

الموظف الذي يرتشي لتمرير معاملات المواطنين فتلك الأموال لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن بكى على الحسين

 

الوزير والموظف الذي يأخذ العمولات ويحقق الفائدة من خلال منصبه على حساب مصلحة المواطنين فتلك الأموال لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن لطم صدره على الحسين

 

والسياسي والتاجر والمقاول الذي يمتلك الملايين من الدولارات والقصور الفخمة وقد استحوذ عليها بمختلف الطرق من ميزانية الدولة ومن العقود الفاسدة فاموال السحت هذه لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن اقام المجالس الحسينية الكبرى

 

إذا جاء الحسين عليه السلام في عصرنا هذا لوقفت تلك النماذج الفاسدة الى جانب معسكر يزيد؛ فهل يعقل ان الانسان العراقي اليوم يفتش عن لقمة عيشه بين الازبال والنفايات ؟ وهل يعقل ان المئات يعيشون مترفين قبال الملايين الذين يعانون شظف العيش بسبب فساد هؤلاء، ولعل بكاء الفاسدين على الحسين اليوم كبكاء اهل الكوفة حين استقبلوا موكب السبايا بعد استشهاد الحسين (ع) فخاطبتهم زينب عليها السلام وكأن خطابها الى الفاسدين المعاصرين في العراق، (أتبكون وتنتحبون! إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ……… فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضبٍ من الله)

 

جعلنا الله والطيبين من أبناء وطننا المعادين للفساد من السائرين على نهج الحسين عليه السلام والمعادين لأعدائه من الفاسدين على مدى التأريخ.