23 ديسمبر، 2024 11:41 ص

كل عام وانا أنتظر التغيير

كل عام وانا أنتظر التغيير

ونحن على أبواب نهاية العام / 2022 , وبعد مضي ما يقرب من عشرين عاماً على سقوط نظام حكم (صدام حسين المجيد 2006 -1937) لازال الوضع سيء للغاية، وهذه خلاصة لمجريات الأمور وما تركه لنا من هم في سدّة الحكم من السابقين واللاحقين ، ومن المهم جدًا أنْ كل سياسي من سياسي العراق ينتمي الى قومية وطائفة معروفة للجميع , وفقًا للأصول الواردة في قانون الانتخابات.
هذا الوضع الشاذ القائم يأخذ أشكالاً متعددة لا تقتصر فقط على الأعمال اللاشرعية من انتهاك فاضح للدستور وللقوانين وللسيادة الوطنية وللمؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية، فتلك قصص أخرى، هناك “التضليل” المتعمّد المفروض على شعبنا، وهو في الحقيقة عملية خنق الرأي الحر الّذي يُعاني منه الكثيرون، وأدّى إلى تفشّي المناكفات وزيادة الضغوط داخل المجتمع .
العملية السياسية
هذا الوطن له تاريخ من الآلام وهو يُعاني من الظُلم والعفن السياسي والقمع وضعف الهيكليات السياسية والأزمات الاقتصادية، والهجــرة والتطرّف المذهبي والنزعة الدكتاتورية، والسلاح غير الشرعي، والنظام الأحادي المخالف للنظام الديمقراطي المنصوص عنه في الدستور… أمام هذا الوضع الشاذ علينا أن نتعاون لنسير إلى طريق الخلاص التي رسمها الدستور , وذلك عبر دفاعنا عن كرامة الشعب وحقوقه الأساسية، كحرية الرأي والمعتقد والضمير، وعبر مطالبة بعض القادة الذين فشلوا سابقاً في أدارة الدولة بالتنّحي، وربما إحالتهم إلى القضاء المختص، وبالتالي رسم نظام سياسي عادل يرتكز على الديمقراطية والمواطنة , حيث نتساوى جميعًا أمام القانون مهما كان دينُنا, أو طائفتنا , أو قومتينا.
هذه الأزمة في فشل العملية السياسية وما يترتب عليها من فساد وسرقات وصراعات جرَّت العراق إلى منحدر مظلم، كل هذا كان له التأثير الكبير في الأزمة الاقتصادية الحالية، فالعراق خسر أمواله على العمليات العسكرية نتيجة قتاله مع داعش وسيخسرها بصفقات ومشاريع الأعمار الفاسدة .
كما أن هناك سياسات تقسيمية ، وقطع أوصال وفوضى عارمة ،بدأت من العراق ثم سورية لتنتقل إلى لبنان ،مرسوم يخطط لنا ، على شكل حصار اقتصادي , وتفقير متعمد , وزرع اليأس في النفوس بالرغم من ان دولنا من أغنى البلدان في العالم ، العدو نجح بتفتيتنا وزرع الكراهية فيما بيننا لنصبح مجرد أدوات.
الوضع الاقتصادي :
أيام النظام السابق أي قبل عام / 2003 وتحديداً في تسعينيات القرن العشرين كان الموظف بحاجة إلى المال لكي يعيش بطريقة تسعده وتسعد عائلته , وراتبه حينها غير كاف لهذا الغرض بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على العراق آنذاك , بحيث أصبحت سرقة المال العام مودة يمارسها الكثير من المسئولين في الدولة وأغلب الموظفين العاديين إلا ما نادر منهم ممن يخاف الله وعقابه الصارم أو الخوف من سطوة القانون الذي لا يميز بين سرقة الدينار والمليون آنذاك.
لقد أصبح الوضع الاقتصادي أكثر من مترّدي والذي وصلنا إليه اليوم هو نتيجة ساسة فاشلين أهلكوا الشعب , وسرقوا موازناته الانفجارية ، وطالما أنتظر شعبنا منهم أن يعملوا مع التكنوقراط على إيجاد أيّ موارد ممكنة , عدا النفط لدعم الناس ,ومنها تفعيل السياحة الدينية مثلاً التي هي تحت تصرف بعض رجالات الدين المنتفعين.
سرقة القرن :
وقد أعلن رئيس الوزراء العراقي المهندس ( محمد شياع السوداني ) استعادة جزء من أموال الأمانات الضريبية المسروقة أو ما عرف بـ ((سرقة القرن )) والتي هزت الرأي العام في العراق وكشفت عن حجم الفساد المتغلغل في المؤسسات الرسمية العراقية سابقاً وفي الوقت الحاضر.
وقال في مؤتمر صحفي يوم الأحد الموافق 27 تشرين الثاني 2022 , أن الدولة استعادت 182 مليار دينار عراقي “حوالي 125 مليون دينار” وهو مبلغ رغم أهميته يعتبر جزءا ضئيلا من 2,5 مليار دولار حجم الأموال المنهوبة من الأمانات الضريبية المسروقة .
وأكد السوداني وأمامه رزم من الأموال النقدية المكدسة وفق ما نقله موقع ” شفق نيوز العراقي الكردي” انه تم تشكيل لجان تحقيقية لتدقيق الصكوك المصروفة من الأمانات الضريبية”.
وكشف عن المتورطين والمقصرين في ملف سرقة الأموال قائلا أنها جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهلت عملية سرقة الأمانات.
حقاً علينا الشعب الذي سُّرقت أمواله أن نصارحه بواقع الأمور ونعلن مسؤوليتنا عن السرقات ولكن واجبكم وواجبنا أن نجد وإيّاكم الحلــول، ونحن أوجدناها بالكتابات اليومية في أجهزة الأعلام المختلفة .. أفلا تقرؤون؟ ولكن يأتي الرد “سندرسها” أو ندرجها بالمنهاج الوزاري, أو سنتابعها, أو شكلنا لجنة على مستوى عال … فتأتي حلول ترقيعيه هزيلة وغامضة من أناس يطلقون النار على روس الفاسدين والمتجاوزين خوفاً منهم أو خوفاً من كبارهم , إلاّ أنّ هذا لن يمنعكم من تقديم الحلول دائمًا ومن توصيف الأمور مهما بلغ سوادها، فنحن جميعًا مسؤولون وما من أحدٍ منّا معفي من الذي يحصل من جور وظلم في بلاد الرافدين .

 

قصة وعبرة :
وفي نهاية المطاف أودّ أنْ أذكركم بقصة القائد الفرنسي (“نابوليون بونابرت 1821- 1769) والخائن, وتقول الواقعة، أنه في إحدى المعارك تقدّم من نابوليون ضابط سرّي، وأعطاه معلومات عسكريّة تساعد القائد الفرنسي الشهير في معركته التي يقودها, وبعدما حسم نابوليون معركته مع النمساويين جاء إليه الضابط ليتقاضى ثمن المعلومات، فألقى له كيسًا من الذهب على الأرض، حينها قال الضابط النمساوي: “ولكنّي أريد أنْ أحظى بمصافحة يد الإمبراطور”، فأجابه نابوليون قائلاً: “الذهب لأمثالك، وأمّا يدي لا تصافح رجلاً يخون بلده”… ألا تستدعي هذه الواقعة التوّقف عندها لتكُّفّوا عن مصافحة الغرباء الذين جلبوا لشعبكم الويلات والحروب والفساد , وتصافحوا أبناء وطنكم من الذين يبحثون عن فرصة عمل مؤجلة الى حين .
وفي كل عام ، سيتكرر الأمر ذاته، سنخطئ.. ونتعثر.. وننهض.. ونحاول من جديد، سنخفق.. ونتألم.. ونتعلم، سنتعب.. ونثابر.. ونتظاهر، هكذا هي الحياة، نهار يعقبه ليل، فلا النهار يدوم ولا الليل كذلك، إن لم نحزن فلن نعرف طعم السعادة، وإن لم نخطئ فلن نتعلم، والأهم من ذلك نبقى أقوياء.. أتقياء.. عظماء في أعين أنفسنا حتى لا تكسرنا الحياة …. نحن العراقيون .
شاكر عبد موسى / كاتب وأعلامي / العراق