18 ديسمبر، 2024 7:01 م

كل شيء مقدس في بلدي الا . الانسان

كل شيء مقدس في بلدي الا . الانسان

حرصت الاديان والشرائع السماوية وحتى القوانين الوضعية والاعراف الاجتماعية على حفظ كرامة وقدسية الانسان .
فأن محورية الارتقاء تتمركز حول محورية كيفية ايجاد روافد وسبل من اجل الوصول الى رقي الانسان للعيش الكريم وتقديسة عن باقي المخلوقات والموجودات الاخرى .
فأن السعي الحثيث للرقي بواقع المخلوق البشري هي النتيجة المرجوه والمحصلة الاساسية للاديان والشرائع السماوية وما جاء في الشريعة الاسلامية بأعتبارها خاتمة الاديان فقد عظمت شأن الانسان وجعلت قدسيته فوق قدسية الكعبة التي هي قبلة المسلمين .
كما عهدت القوانين الوضعية الى تجسيد هذا المفهوم وايجاد قوانين تتناسب مع حفظ كرامة والقدسية بني البشر من خلال اكرامة والسعي لعيشه الرغيد من خلال سن القوانين الوضعية .. حتى اصبح هذا المفهوم مصداقا للعرف السائد بحفظ كرامة الانسان ، ايا كان هذا الانسان بما انه يتمتع بجنس الانسانية .
ولا اريد الخوض في تفاصيل هذا الموضوع لمصاديقة الكثيرة فلا حاجة لتعداد تلك المصاديق كونها من الواضحات والتي لايمكن حصرها في ما جاء في القوانين السماوية والوضعية .
ولكن ما يحدث في بلدي العراق ، فأنني اجد كل شيء مقدس ما عدى الانسان !.
واذا اردنا ان نستعرض سبب ذلك فأنه يعود لعده عوامل اوصلتنا لهذه النتيجة ، ولتبيان السبب في ذلك يمكننا القول بأن هذه العوامل مورست بحق اهل العراق قديما وحديثا وليومنا هذا ادت ليكون المصداق نتيجة عنوان البحث .

ومما لاشك فيه اذا اردنا تبيان ذلك لابد من معرفة بدايات النشأه والطبيعة السايكلوجية النفسية للفرد العراقي فأن اعتزاز الفرد العراقي بذاته وكبريائه المتصف بها كصفه ملازمة له جعلته متمرد على الانصياع والقبول باي طرح او رأي لايتوافق مع متبنياته فأن اقناعة صعب دون قبوله من تلقاء نفسه ، مما يصعب للغير اقتياده لما يملكه من انفة وقوه ارادة ليكون هو قائدا وليس منقادا .
لذا يعتبر الشعب العراقي منذ القدم شعب صعب المراس ولايمكن اقتياده بسهوله .
مما جعل الملوك والقاده الذين سعوا ويسعون لحكم العراق من العمل جاهدين في كيفية ايجاد خطط وطرق تمكنهم من كيفية اقتياد اهل العراق ، فكان هذا الشغل الشاغل لدى جميع من اراد السيطرة على العراق .
ومن خلال البحث والتفكير وممارسة عده طرق توصلوا لعده اساليب مكنتهم من ترويض اهل العراق وحكمهم على ممارسة عدد من التجارب والاساليب المتعدده ، وبأعتقادي قد نجحوا في اساليبهم تلك مكنتهم من اقتيادهم واجبارهم على اساليبهم مما مكنت الحكام الطامعين بالحكم والنجاح والسيطره على شعب اهل العراق .
ويمكنني هنا ان احدد خمسة عوامل استطيع ان اقول عنها انها الاساسية التي ادت الى ان نصل لما وصلنا عليه اليوم بأن لاتوجد قدسية للانسان العراقي .
وهذه العوامل يمكن تلخيصها بمفردات تختزل هذه المفردات بين طياتها معاني وجمل جمه لايمكن حصرها ، واذا تعمقنا وغصنا فيها يمكننا ان نقف على عده مؤلفات ، ولكن هذه العوامل حددتها نتيجة الممارسات التي مورست بحق اهل العراق قديما وحديثا وليومنا هذا .
ويمكنني الجزم بالقطع ان هذه العوامل الخمسة ادت ليكون الانسان العراقي مهانا ولاقدسية له وهي :-
العامل الاول :- الترهيب
العامل الثاني :- الترغيب
العامل الثالث :- التجهيل
العامل الرابع :- الخرافة
العامل الخامس :- القداسة
فأن هذه العوامل طبقت على اهل العراق من قبل كل من يريد حكمه ومن اي توجه فكري دينيا او دنيويا .

فأذا تمعنا جيدا في هذه العوامل نراها تمارس بحق اهل العراق ليومنا هذا فنرى ان الترهيب وقمع الفكر المعارض وخنق الصوت حاضرا في المشهد وكيل التهم الملفقة حاضرا من اجل تسقيط كل من يحاول الوقوف بوجه تطلعات الحاكم والتصفية الجسدية لايتورع منفذيها من ارتكاب جرمهم وكأنه شيء مباح .
في مقابل ذلك نشهد عاملا اخر وهو الترغيب وشراء الذمم للفئه التي ارعبت من الترهيب وحتى لايكون مصيره مصير الفئه المعارضة ، اغمس نفسه في مستنقع الرذيله من اجل عيشه الخسيس على حساب كرامته فنرى هذه الفئه من الناس لاتتورع من التجسس والبهتان والافتراء على من يعارض الحاكم من اجل عطاء فتات الحاكم .
في ذات الوقت نرى رغم ما يتمتع به العراق من خيرات واموال تدر ارقام فلكية في العصر القديم والحديث الا ان اهل العراق يعانون العوز والحرمان وافتقادهم لمقومات العيش الرغيد وهذه سياسة تتبع من اجل تفعل العامل الثالث وهو التجهيل .
فأن التعمد بعدم تقديم رعاية متكاملة للقطاع الخدمي بكافة فروعة وعدم الاهتمام بالطاقات المبدعة تجعل بقية المجتمع يعاني الجهل والحرمان من اجل سوقه كما يريد الحاكم .
فتفشي الجهل في الامة يسهل للحاكم تطبيق منهاج سيطرته على المجتمع كونه سيكون متلقي لاي ما يطرح ولا يمتلك ذلك الوعي للوقوف امام المخططات التي يريدها الحاكم او الرئيس لان الجوع والحرمان يجبر الشعب على الرضوخ .
بذات الوقت نرى ان هنالك اعلام ممنهج يدار من قبل السلطة يسمى اعلام الدولة وظيفته بث الاكاذيب والخرافات ليكون العامل الرابع حاضرا في المشهد الاجتماعي من اجل رفع شأن الحاكم بسيل من منسوجات الخيال الخرافي لاقناع الناس بقدسية الحاكم .
فنلاحظ ان العامل الخامس هو السيف الذي يقطع رأس اي من الرعية … من معارضين والمخالفين او غير المؤيد للحاكم ، فنرى القداسة حاضره بقوة لقطع راس كائنا من كان دون وجود فئه تعارض ذلك ، وذلك لان الشعب مغلوب على امره وان كان معارضا لان صوت المجاميع الجاهلة المؤيده لموقف الحكومة او الحاكم معظمهم من الجهلاء او المرجفين او المتفعين وقد طليت على البعض اكاذيب الخرافة والتجهيل وصار اضفاء القداسة حاضرا بقوة على ثوب وكرسي وزبانية وحاشية وبلاط الحاكم … وكذلك الحال بما يتعلق بفعل وقول اهواء وملذات الحاكم ليكون قائدا مقدسا لايمكن الاعتراض عليه او انتقاده واي معترض عليه يكون قد اعترض على عرش الله سبحانه وتعالى في سمائه .
لذا ما نشاهده اليوم في العراق قد تحول كل شيء الى مقدس لايمكن المساس به او التكلم وابداء الرأي وان تكلم احد او اعترض واعطى رأيه او انتقد نرى سيف القداسة يطوله ويقطع راسه .
فكل ما حولنا في العراق مقدس ، الا الانسان وذلك بسبب الترهيب والترغيب والجهل والخرافة والقداسة .
علما ان لاشيء مقدس في ادبيات الشرائع الدينية والدنيوية لا يوجد حاكم ولا قائد ولا رجل دين ولا حزب ولا جيش ولا علم ولا راية ولا حتى حدود مصطنعة بقدر انسانية الانسان نفسة …
وهذا ما اقره واكد عليه رب العزة والكبرياء بقانون العدل الالهي بتكريم وقداسة الانسان والشواهد اكثر مما تعد وتحصى .
فمن كان يريد ان يكون انسانا عزيزا فعليه الخروج من رداء الذلة ، ومن يريد ان يكون انسانا عالما عليه الخروج من ثوب الجهل . ومن كان يريد ان يكون انسانا ذو وعي وفطنة عليه ترك عبادة الاوثان والاصنام البشرية التي اتخذها لنفسة ، ومن يريد ان ايكون انسانا مقدسا عليه الرجوع لله تعالى ولايكون عبدا لغير الله سبحانه …