23 ديسمبر، 2024 3:57 ص

كل شئ يحتاج الى مراجعة!

كل شئ يحتاج الى مراجعة!

أسابيع وايام الحجر الاجباري في المنازل، والامكنة الاخيرة التي وصلها البعض قبل تنفيذ قرارات الحظر ومنع التجوال في اغلب دول العالم، سوف تظل عالقة في الذاكرة الانسانية سواء على صعيد الافراد او المجتمعات، وهي بالتأكيد ستحتل مكانا متميزا في الارشيف الخاص للحكومات والدول التي عاشت وما زالت تعيش أزمة كورونا.

وبعيدا عن هذا الفايروس الذي غيّر حياتنا وقلبها، بل وغير من شكل وطريقة الحياة على كوكب الارض الذي يبدو انه قد تخلص من الكثير من التلوث والدخان والصدأ الذي كان يلف العالم والبشر على حد سواء، فالناس والحكومات والدول والمنظمات الدولية بمختلف مسمياتها وانواعها واغراضها من الامم المتحدة والاتحاد الاوربي ..ألخ..تحولت من الفعل الى رد الفعل، والى المطيع والمنفذ لقوة وسلطة ليس لها غير البيانات والتصريحات والاحصاءات التي يتابعها العالم بكل اهتمام وانتباه.

هذه السلطة والقوة ان صح التعبير هي منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في كل دولة، التي اصبح ممثلوها ومسؤولوها وافرادها بدأ من رئيس المنظمة الى اصغر وابسط موظف وعامل في المجال الصحي هم نجوم العالم، والدنيا تنظر اليهم والى نصائحهم وتعليماتهم في سبيل تجنب هذا الوباء.

هذا التحول او التغيير الذي حصل لحياتنا يجعلنا جميعاً محتاجين للمراجعة، ليس في الجانب الشخصي بل في كل اوجه الحياة، وهي مراجعة تقدم بعض الامور وتؤخر غيرها وتصرفنا عن بعض ما كنا نعتقد انه الاهم او الاول في حياتنا، لكن تبين بعد هذا الحجراو (الحجز المنزلي والسجن البيتي) كم نحن جميعا متساوون في ضعفنا وخوفنا على صحتنا وحاجتنا للدواء والغذاء والامان من كل خطر ووباء.

انه زمن المراجعات وترتيب الاولويات وعودة الانسان الى طبيعته والتخلص من انانيته وتكبره وحاجته الى اخيه الانسان ايا كان وفي اي مكان كان، واهمية وجود الدولة بمؤسساتها ودوائرها وضرورة قيام الحكومة بدورها في تسيير امور الناس، حتى لو تطلب الامر استعمال القوة وحجر حرياتهم وحجزهم في المكان المتواجدين فيهم خوفا عليهم وعلى المجتمع.

ان اهم المراجعات التي لا بد ان تأخذ اهتمام الحكومات والمسؤولين واصحاب القرار هي:

1-اهمية اعادة الاعتبار للقطاع العام والمؤسسات العامة في المجتمع ونقصد (المستشفى الحكومي والجامعة والمدرسة والصناعات الحكومية) التي يجب ان تعود الحكومة الى ممارسة ادوراها الاساسية والطبيعية والتي مع الاسف تركتها او تنازلت عنها بحجة الاستثمار او تشجيع القطاع الخاص فتراجعت الى الحد الذي جعلها شرطي او رجل امن فقط.

2-تغيير القوانين بما يمكن الحكومة العودة الى دورها الرئيسي في التعليم والصحة والتجارة والتسويق والتوزيع وكل ما من شأنه خدمة المواطنين، وهو ما يتطلب مراجعة وتغيير قوانين الاستثمار وحماية حق المواطن والدولة اولا واخيرا قبل مصلحة المستثمر.

3-التفكير في طريقة يتم فيها اعادة دور الحكومة والقطاع العام في مجالات اساسية ورئيسية لها علاقة بحياة ومستقبل الناس، حتى لو تطلب الامر العودة الى قوانين التأميم واعادة المشاريع العملاقة الى ملكية الشعب، فمشاريع الاستثمار في شركات المطاحن والمستشفيات والمعامل وكليات الطب والزراعة والدواء والغذاء والتعليم يجب ان يعود الى الدولة والحكومة والمجتمع.