17 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

كلّموا الناس على قدر عقولهم

كلّموا الناس على قدر عقولهم

ليس من السهل أن نكلّمَ الناسَ على قَدرِ عقولهم!!!
إن هذا من أصعب الأمور…
وقد إهتمت الحضارةُ الماديةُ إهتماماً منقطع النظير بهذا الأمر!!!
فالمناهج التربوية وطرائق التدريس هي من أهم مصاديق ذلك…..
وقد تكون هناك أهدافاً ترتبط بالسياسة الخارجية والداخلية لبلدان الحضارة المادية!!!
ويدخل ضمن هذه السياسة, نشر الأفكار الإلحادية التي تُعادي كل ما هو سماوي وخصوصاً الإسلام, فإن أصحاب تلك الأفكار يبذلون جُهدهم في سبيل أن يكلّموا الناس على قدرِ عقولهم, كي يتمكنوا من الدخول الى قلوب الناس وعقولهم وقد نجح الكثير من هؤلاء في ذلك!!!…

ومن المحزن جداً أن نرى إهمال وتسامح وفشل الكثير من أبناء الإسلام في تطبيق الطريقة المُثلى التي أمر بها الدين الحنيف جميع الأنبياء وأمر كل المؤمنين بإتباعِ طريقة الأنبياء في التبيلغ والوعظ والإرشاد…

هذه الطريقة التي ترتكز على مبدأ تكليم الناس على قدر عقولهم!!!!
فأصبح (نتيجة لهذا الإهمال) من الصعب الدخول الى عقول وقلوب الناس بالرغم من أن الله قد خلقهم وفطرهم على التوحيد!!!

وهذا ما كان يجاهد العلماء الناطقون من أجل تحقيقه طاعةً لله ولرسوله..
وقد نجح الشهيدان الصدران في ذلك حيث إستطاع كل واحد منهما أن يدخل الى عقول الناس وقلوبهم بكل سهولة ويُسر..

والشيء الطريف إن هذين الصدرين يُمثلان أعظم العقول البشرية في عصر الغيبة الكبرى!!!
يعني أنه بالرغم من بلوغهما درجات عُليا من الفكر الإنساني أبهرت كبار علماء الشرق والغرب إلا أنهما في الوقت نفسه نجحا في مخاطبة عوام الناس وبسطائهم على قدر عقولهم ..

إن الشيء الملفت في السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) أنه بالرغم من بلوغه رتبة الإجتهاد في علوم كثيرة كالفقه والأصول والفلسفة والتفسير وعلوم اللغة…..الخ إلا أن خطابه كان واضحاً لعامةِ الناس وقد كان يستعمل اللهجة العامية في كثير من الأحيان!!!
وكثيراً ما تسببت كلماته العامية الى هداية الكثير من الناس!!!!

والملاحظ أن السيد القائد مقتدى الصدر أيضاً يسير على نفس المنهج خصوصاً عندما يكون في لقاء مع قناة فضائية فإنه دائما يتكلم باللهجة العامية!!!
ومن المعلوم لدى كل من تتبع خُطب وبيانات السيد مقتدى الصدر وكذلك كل من دَرَسَ عنده أو زامله يُلاحظ براعة السيد مقتدى الصدر(دام عزه) في البلاغة والشعر والأدب فضلاً عن العلوم الحوزوية….
وخير شاهد على ذلك ما رواه لي أحد طلابي وكان وقتئذ طالباً في كلية الآداب قسم اللغة العربية…..
وفي تلك الفترة (عام 2005) كانت الهيئة الإعلامية لمكتب السيد الشهيد الصدر تصدر منشوراً يتضمن بعض الخُطب لسماحة السيد مقتدى الصدر….
يقول الطالب إني قد أعطيتُ ذات يوم لإستاذي في البلاغة خطبة للسيد مقتدى الصدر(دام عزه) فأثارت الخُطبة إعجاب هذا الأستاذ حتى أنه قال للطلاب إن خُطب السيد مقتدى الصدر تصلح أن تكون مادة لإستخراج الطباق والجناس والإستعمالات البلاغية….
هذا شاهد على نبوغ السيد مقتدى الصدر(دام عزه) في علوم اللغة العربية!!!
ولكن السيد القائد عندما يكون في لقاء مع قناة فضائية يشاهدها الملايين من عامة الناس فإنه يُضحي ويُجازف ويتكلّم باللهجة العامية لأجل إيصال الفكرة للسامع ولإجل أن يكلّم الناس على قدر عقولهم وهذا الأمر قد تعلّمه من والده السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) لإن المهم هو هداية الناس والدخول الى عقولهم وقلوبهم…

الشيء الآخر أنه بالرغم من أن الأعم الأغلب من عامة الناس هم محدودي التفكير والثقافة ولكن يُوجد البعض منهم صاحب ثقافة وعلم وتفكير عميق….
وقد إستطاع السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) أن يُخاطبهم على قدرِ عقولهم من خلال المؤلفات التي تهتم بالعلوم الأخرى ومدى إرتباطها بالعلوم الدينية..
وكذلك من حيث العلوم الأخرى والثقافات والفنون والآداب وهي لغة يفهمها من هو متسلّح بها فيكون الخطاب الديني من خلال تلك الإختصاصات أيضا من أجل هدايتهم عن طريق الدخول الى عقولهم وقلوبهم وعن طريق إتخاذ تلك العلوم أدلة لإثبات العقائد وإقامة الحجة..

آخذين بنظر الإعتبار أن أصحاب الأفكار الملحدة إستطاعوا أن يُلبِسوا أفكارهم ثوب العلم وإن كان العلم من أفكارهم بعيد وبريء..
إن العبرة من هذا الكلام هو السير على نفس النهج الصحيح الذي سار عليه هؤلاء الصالحين من آل الصدر الكرام.

أحدث المقالات