تواطأت الحكومة السابقة مع “جماعتها” وفي آخر شهرين من فترة حكمها نظمت أداء الدوائر كسبا لأصوات الناخبين ما يعني انها قادرة على إيجاد حلول للمشكلة، لكنها لا تريد!
قالت العرب، وصادقت الاحداث على “التحشيشات” التي قالوها: “الناس على دين ملوكها” فإن عدل السلطان، صلح حال الرعية، وإن ظلم ساءت أحوالهم.
لن ينسى العراقيون، قول الطاغية المقبور صدام حسين: “اللي يشرب لبن يمسح إشواربوا.. لكن اللي يجيبوا إلي ممسوكا بالجرم.. ما أرحمو”.
بلوى
واقع ما بعد 9 نيسان 2003، أبعد غورا من شرب اللبن؛ فلم يعد المسؤولون يتعبون أكفهم بمسح أثر اللبن من على الشوارب، ولا صاحب السلطة يحاسب من يجاء به، مفسدا، إنما يطلق سراحه.. راحما به، على غير ما توعد صدام رجاله، وهو يحرف حديث الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله: “إذا إبتليتم فإستتروا” لكن حكومات ما بعد 2003، هي التي تتستر على جوق المفسدين الذين تغرسهم، خنجرا في ضلع الدولة، تواطؤا مع إبن الأخ وبنت الأخت والاحباب والـ… سماسرة يتاجرون حتى بالقوانين، يستصدرونها؛ لحماية أفراد.
تلك الإستطرادات تتداعى لحظة يقف المراجع، أمام دائرة حكومية.. وخاصة دوائر المرور والجنسية والجوازات، فيرى حشودا من آلاف تكتظ بهم الفلاة بما رحبت، يتدافعون وراء نافذة، يسترخي فيها موظف يفعل كل شيء، عدا ترويج المعاملات.
إعجاز
قوي عنيف، يزيح الاجساد المتراكمة على النافذة؛ فيخيب؛ لأن الموظف لا يتسلم سوى ملف واحد، عند بدء العمل، يستحدث فيه نقصا معجزا، او يروجه جزئيا، طالبا من المراجع العودة غدا! ثم يغلق النافذة؛ ليفطر، ويقلب معاملة، ناهضا لأداء صلاة الضحى، ومعاملة ثالثة، يتغدى بعدها ورابعة، يتوجه عقبها لصلاة الظهر والتسابيح والاوراد.. يرددها على مسامع الرب.. وردا وردا، ريثما يبعثون، ينتهي الدوام، وعشرات من الالاف يبيتون كي يمسكوا عروة “النافذة” الوثقى، قبل بزوغ فجر اليوم التالي.
المبيت لن يضمن انجاز المعاملة! والسبب في علم معقب يتخفى بين “العرضحالجية” يتسقط هلوسات المقهورين.. عاجزين عن بلوغ النافذة، فيعرض خدماته وفق تسعيرة معلومة.. مقارنة بعدد المعاملات التي وردت من قبله، مدونة على عدد الموظف؛ فيتحاسبان نهاية الدوام…
كره
يكره الانسان يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.. وهو يخرج من البوابة، مرددا: “هذا العراق وهذا بعض غضبته، فأنظر لأي الذرى جياشه زحما”!!!
تواطؤ الحكومة السابقة، مع المرتشين، تجلى واضحا، بالسماح لهم بتعقيد انجاز معاملات المواطنين؛ كي يضطروا لدفع مبالغ فائقة، للإسراع بإنجازها، تقسم على منتسبي الدائرة، حسب الدرجات الوظيفة، من خلال معقبين يطاردونهم ظاهرا ولا يروجون سوى المعاملات الواردة من قبلهم.. فقط.
وبهذا تصبح الحكومة السابقة شريكة.. أخلاقيا وشرعيا؛ وظفت هذا التواطؤ مع “جماعتها” وفي آخر شهرين من فترة حكمها، منظمة أداء الدوائر؛ كسبا لأصوات الناخبين.
ما يعني انها قادرة على إيجاد حلول للمشكلة، لكنها لا تريد! ولو سارت الحكومة الحالية، على طريقها؛ فـ … ستشارك بالفساد.