19 ديسمبر، 2024 1:25 ص

كلنا دواعش … كلنا تكفيريون .!

كلنا دواعش … كلنا تكفيريون .!

نحن كشعب عراقي نختلف فيما بيننا بكل شيء إلا  في طرق القتل والانتقام والطائفية واحتقار بعضنا الاخر … جميعنا يستنكر ما تقوم به ( داعش ) لكن أفعالنا لا تدل على ذلك .. جميعنا متعطشون  للقتل .. محملين بالكراهية .. احدنا ينظر للأخر بريبه وشك .. جميعنا يدعي المدنية والعلمانية في تصرفاته لكن ما إن يحدث احتكاك بسيط في امر ما تطفو طائفيتنا على السطح وتتضح حقيقتنا ونتقوقع بسرعة وننحدر نحو درك طائفتنا ومذهبنا وقوميتنا .!

انه امتحان صعب جداً تحاول من خلاله داعش جر الجميع معها إلى قعر المستنقع … مستنقع الفعل ورد الفعل المقابل غير المحسوب بتأني وحكمة… الحاكمة الغائبة عن عقولنا منذ عشرات السنين .. لايحركنا آلا الأفعال المشينة وردودها … لهذا نلاحظ إن كلما ازدادت أفعال وجرائم داعش … ازدادت معها جرائم وأفعال بعض المحسوبين على الحشد الشعبي .

مقطع الفيديو الذي انتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لشخص يُقال انه تابع لإحدى فصائل الحشد الشعبي ( الشيعية ) يقوم بحرق جثة شخص يُقال ايضاً إنها تعود لمواطن ( عراقي سُني ) … وقبلة ما نشر لعملية إعدام الجندي العراقي مصطفى العذارى من قبل تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الفلوجة وتهليل الناس وفرحهم بهذا الفعل المشين .. تُرى ما الدافع لنشر هكذا مقاطع فيديو سوى تأليب القوم على القوم  من أبناء هذا الشعب .. والدفع به للانزلاق الى اتون حرب عبثية لا تبقي ولا تذر من هذا الشعب شيئاً .

مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية عجت بكم هائل من بيانات الشجب والاستنكار من جميع أطياف الشعب العراقي لكلا الجريمتين … لكن المصيبة إن جميع من استنكر وشجب لاتربطه صلة قربى بمن قتل او قُتل .. أي إنهم لو كانوا أخ او أب احد هؤلاء المجني عليهم لاختلف خطابهم وتعاملهم مع الحادث وبالتأكيد وسيكونوا على استعداد للقيام بأفعال أكثر بشاعة وإجراماً مما قام به أولائك المجرمون … إنها جينات الانتقام الوراثية التي تتحكم بأفعالنا نحن العراقيون منذ مئات السنين  وبيئتنا وأعرافنا القبلية الشرقية المتخلفة التي تربينا عليها .. وتعاليم ديننا الإسلامي الذي فسرناه كل منا على هواه .. الآية الكريمة تقول )وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) … انه تحريض ضمني على الأخذ بالثأر ومبرر للقتل والانتقام .!!

 انه غضب من السماء على هذه الأمة .. فليس من المعقول أن نحمل نحن وحتى أطفالنا هذا الكم الهائل من الحقد والكراهية على الأخر والاستعداد للقيام بجرائم  بشعة ووحشية لا يستوعبها العقل السوي . 

طيلة فترة ظهور تنظيم داعش الإرهابي حاول التنظيم أن يستدرج الفصائل الشيعية لردة فعل متهورة ومتسرعة على جرائمه لتأليب المكون السني في العراق والعالم على المكون الشيعي وجمع ما يمكن جمعه من المتعاطفين معه للزج بهم في حربه .. لكن الفصائل الشيعية تتمتع بقيادة دينية موحدة تحول دون انفلات لجام تلك الفصائل وتمنعها من التصرف بما يخالف تعليماتها … لكن يبدو إن هذا اللجام بدأ يرخو والخشية أن ينقطع في المستقبل وسنشاهد الكثير الكثير من مقاطع الفيديو لعمليات صلب وحرق وقتل الإنسان الذي ستقابلها بالتأكيد أعمال مماثلة من الطرف الأخر… ويبدو إن مسلسل القتل والانتقام سيستمر طويلاً ما دام هناك أفعال بشعة يقابلها ردود أفعال أكثر بشاعة .. والتصعيد من الطرفين هو المتسيد للموقف .

إن بعض فصائل الحشد الشعبي بدأت تنزلق خلف ما رسم لها داعش  وبدأت تقوم بأعمال انتقامية ثأرية بالتأكيد ستفسر تفسيراً طائفياً وستكون لها عواقب وخيمة  .. وإن ترك الوضع على حالة ولم تلجم تلك الفصائل المنفلتة .. سيكون من الصعب إحتواء  الموقف وستتفجر الاوضاع ولن يكون هناك رابح ساعتها .
 [email protected]

 

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات