وهكذا سبقوكم حتى في هذه ليحظوا بشرف المطالبة بفتح المعابر ووقف الحرب وكسر الجوع وادخال المساعدات، حيث تصدرت “مسيرة الطحين “التي انطلقت داخل تل أبيب = تل الربيع أخبار الصحف والمواقع والمنصات العالمية كافة لمناهضة سياسة النتن جدا القائمة على الترويع والتجويع دفعا للتهجير والتطبيع والتركيع ،وبما سحب البساط من كل الشامتين والصامتين والمباركين لاستمرار إغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات الإنسانية الى الجياع المحاصرين وعلى مدار خمسة أشهر متواصلة ، وأنا على يقين تام بأن مسيرة- سياسية هزلية استعراضية – ستخرج اليوم أو غدا تحديدا لتقف أمام المعبر المغلق حتى لا يقال”خرجوا ولم نخرج ..تنحنحوا ولم نتنحى ، أو نتنحنح …تحركوا ولم نتحرك ، تزحزحوا ولم نتزحزح “، ولا سيما بمناسبة حلول الذكرى السنوية لثورة 23 تموز / يوليو ضد النظام الملكي في مصر عام 1952م !!
ومع أن الصور التي نشرت على نطاق واسع لما أطلق عليه اصطلاحا بـ مسيرة الطحين ، فريدة ومؤثرة الى أبعد الحدود – وبما لم تقم به شعوب عربية مجاورة للقطاع حتى الآن، لأن بعضها مشغول حتى الثمالة بقبلة حفل راغب علامة في الساحل الشمالي ، وخبر أو شائعة زواج كريم عبد العزيز العرفي من دينا الشربيني – وقد تناقلت مسيرة الطحين تلك وبمزيد من الإهتمام معظم وسائل الإعلام العربية والعالمية ،إلا أنني ومع ذلك والحق أقول لكم لا أثق بهؤلاء الثعالب إطلاقا، لا بيسارييهم ولا بيمينييهم ..لا بمتدينيهم ولا بعلمانييهم ..لا بسفارديهم ولا بأشكنازيهم ولا بالفلاشا ولا بمزراحيهم، فيما لا أعد المسيرة وبرغم تفردها وأهميتها إلا نوعا من أنواع المناورات والضغوط السياسية ، ومجرد صراع كسر عظم بين اليسار المعارض وبين اليمين الحاكم لا أكثر في محاولة لعزل النتن واسقاط حكومته تمهيدا لمحاكمته،لا على الجرائم والفظائع التي ارتكبها في الضفة والقطاع بطبيعة الحال – حاشا وكلا – وإنما على خلفية ملفات وقضايا رشا وتزوير وفساد مالي وإداري كان قد أدين بها سابقا،اضافة الى الضغط لإعادة الرهائن ، والقبول بصفقة ولو مؤقتة لوقف الحرب، فما داموا يقرأون التلمود بنسختيه البابلية والاورشليمية، بجزئيه المشنا والجمارا، مضافا لها كتاب الزوهار فلا ترتجي منهم انسانية ولا رحمانية ولا تعاطفا إزاء قضايا البشرية ومشاكلها العويصة قط لأنهم جزء لا يتجزأ وأس مشاكل وحروب وكوارث الكوكب الأزرق !!
وأضيف بأن الذي شطب وأزال وحذف كلمة الأزهر الشريف بالأمس وبعد دقائق من نشرها على مواقع التواصل مع أنها لم تطالب سوى بفك الحصار الغاشم ، وادخال المساعدات العاجلة من معبر رفح ، والكف عن دعم وتسليح الكيان ، قد ارتكب خطأ فادحا يضاف الى سلسلة أخطائه وخطاياه السابقة لأنه لو كان قد أبقاها ولم يحذفها لصعدت اليوم ومع خروج مسيرة تل أبيب لتسجل الترند الملياري رقم واحد على مستوى العالم كله ولقيل فيها : ” لقد حركت دعوة الازهر المجلجلة العالم بأسره بما فيها الداخل الاسرائيلي وبما لم يتسن للأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ، ولا الاتحاد الاوروبي ، ولا منظمة بريكس ، ومثلها منظمة عدم الانحياز ، والجامعة العربية فعل ذلك بالمرة، بيد أن بعض التميز والتفرد بقول كلمة الحق والصدع بها على رؤوس الاشهاد من دون الخشية في قول الحق لومة لائم ، شرف لا يمنح للساكتين والصامتين طويلا على سياسة التجويع والتركيع وبأي حال من الأحوال ، مع أن رسول الحق، وحبيب الخلق ﷺ قد أوصانا بنصرة المظلوم ، واغاثة الملهوف، واطعام الجياع ، وكسوة العراة ، وسقي العطاش بقوله : “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به” وقوله ﷺ ” عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكُّوا العاني” والعاني = الأسير ، وقوله ﷺ حين سئل عن أي الصدقة أفضل فقال “سقْيُ الماءِ”، وقوله ﷺ” مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ..” .
وهكذا قد سبقكم بها اليسار الصهيوني اللقيط،من خلال مسيرة الطحين وكسر الجوع، يا مانعي قوافل ومسيرات ووقفات،بل والعمل على حجب حتى التغريدات والبوستات والدعوات المطالبة بفتح المعابر وإدخال المساعدات لفك الحصار وكسر الجوع وإطعام المعي الجائعة ، وملء القدور الفارغة ،فمن أية ملة، ومن أية نحلة بشرية غير معروفة حتى الآن أنتم ؟!
الأغرب من كل ذلك كله وبالتزامن مع حذف كلمة الازهر ، خرج علينا أحد الأبواق الإعلامية وبدلا من أن يشرح أسباب حذف الكلمة غير المبرر بالمرة ، وإذا به يقارن بين اغلاق معابر الكيان المسخ اللقيط المغلقة مع القطاع وعددها ستة معابر كجزء أساس من خطة الحصار والتجويع المتعمد ، وبين اغلاق معبر رفح وكأنه يقول للجميع ” كلنا في الهوا سوا “مضيفا “بتلوموني ليه”، ومن دون أن يفرق الموما إليه بين فتح المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية باتجاه واحد، وبين فتح المعبر لتطبيق خطة التهجير الترانسفير العكسية ليخلط بينهما وبطريقة سمجة لا تخلو من التسطيح وخلط الأوراق الممجوج، ولا أقول السذاجة لأنه ليس بساذج على الإطلاق، فعلقت على ما نشره قائلا ” افتحوا معبر رفح،وأغلقوا بدلا من ذلك معبر طابا الذي دخل من خلاله 40 ألف صهيوني خلال عيد الفصح الماضي وحده مستمتعين بفنادق وخدمات ومنتجعات دهب وطابا ونويبع داخل الأراضي المصرية ليطفحوا ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات وليحتسوا أنواع الخمور والمسكرات داخل أراضيكم فيما يمنع على أهل غزة العزة المجاورة لكم الطعام والشراب والدواء الحلال بزعم رفض خطة الترانسفير !!”.
الى ذلك نبارك لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بمناسبة انسحاب الولايات المتحدة من عضويتها بقرار رئاسي من قبل ترامب شخصيا بتهمة تحيز المنظمة ضد الكيان المسخ اللقيط ، ووقوفها الى جانب فلسطين.
اليوم فقط بإمكاننا القول بأن منظمة اليونسكو قد تطهرت لتعود الى الحضن الإنساني من جديد، إذ ومن غير المنطقي ولا الأخلاقي أن تبقى الولايات المتحدة التي تواصل دعم الكيان بكل أنواع الاسلحة والعتاد والذخيرة زيادة على حق النقض “الفيتو” ، عضوا في هذه المنظمة التي ترعى التربية والثقافة والعلم حول العالم بينما حليفتها وربيبتها لم تبق مؤسسة تربوية ولا علمية ولا ثقافية في الضفة والقطاع المحاصر إلا وحولته الى أكوام من الركام والأنقاض وبما يعرف اصطلاحا بـ الإبادة العلمية والتربوية والثقافية الشاملة ،وبواقع 252 مدرسة حكومية اضافة إلى 91 مدرسة تابعة للأونروا،و60 منشأة جامعية داخل القطاع وحده، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 18 ألف طالب، واصابة أكثر من 31 ألفا، وأما في الضفة فقد تعرضت 152 مدرسة و8 مؤسسات جامعية للاقتحام والتخريب وفقا لوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية .
فيما دمَّر الكيان وعبث بعشرات المعالم التراثية والآثارية والدينية في القطاع المحاصر وأبرزها متحف قصر الباشا، متحف دير البلح، متحف جامعة الإسراء، متحف الخضري، متحف العقاد ، اضافة الى متحفي القرارة ورفح ، كذلك المسجد العمري الكبير، ومسجد السيد هاشم، وكنيسة القديس برفيريوس، ودار السقا الأثرية، والكنيسة البيزنطية، ومسجد الظفر دمري الأثري، اضافة الى 1000 مسجد من أصل 1200،وفقا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية .
وقد أصيب الجميع بالذهول حين نشر الفاشي البولندي بنيامين نتنياهو، وبالتزامن مع الذكرى 58 لاحتلال القدس الشرقية،مقطع فيديو يظهر فيه مبتسما داخل نفق كبير تم حفره أسفل المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمتد من جنوب القدس وصولا الى أسفل المسجد تمهيدا لهدمه بزعم البحث عن هيكل سليمان، في وقت يتحرك فيه الكيان الفاشي لتهويد الحرم الابراهيمي الشريف ونقل إدارته إلى المجلس الديني في مستوطنة كريات أربع، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية ، فهل وبعد ذلك كله تصلح بلاد الكاوبوي لتكون عضوا ضمن أسرة منظمة اليونسكو المعنية بالثقافة والعلوم ؟!
وحين يتواطأ الغرب ويصمت الشرق بغياب أي دور لمنظمة الأمم المتحدة – أم المشاكل – ،وصنوها مجلس الـ عفن والفيتو الدولي المتسافل، المتشدد مع دول الشرق الاوسط وشمال أفريقيا،وأما مع الكيان فمائع كالزبدة تحت أشعة الشمس اللاهبة ،كيوت على الموضة وفي قمة الوضاعة والتساهل، وعلى منوالها غياب منظمة التعاون الاسلامي والتي بات بعضهم يطلق عليها تهكما – التهاون – حيث توصيات ومقترحات وحركات وبركات واجتماعات خجولة توكل مهمة تنفيذها الى كل متهاون وشبعان – يفت للجوعان فتا بطيئا – ومتكاسل، بالتزامن مع تراجع مكانة جامعة الدول العربية ودورها الفاعل،مع صمت الحكومات العربية والاسلامية المريب شبه الكامل،وانبطاح الشعوب إلا ما رحم ربك في أحضان التسطيح والتطبيع والترفيه علاوة على الغرق الى الأذقان في كم لا يحصى من برك الملهيات والكماليات والمشاغل،وبما بدفع كثير من المراقبين للمراهنة جديا على إطلاق فزعة إنسانية نحو : “واعروبتاه ،واعشيرتاه ،واقبيلتاه ، وا إسلاماه “من قلب القطاع الجائع المحاصر ومن جميع الاتجاهات بالكامل كتلك التي أطلقت في سوريا مؤخرا ،وقبلها في عمق التاريخ أيام المعتصم “وامعتصماه “لتهب القبائل العربية الأصيلة وبما عرف عنها من وفاء وكرم وشجاعة وعزة وشهامة، فتشد راياتها وتعمل بجد على فك الحصار ونجدة أبناء عمومتهم من الجياع وإنقاذهم من براثن كل عدو أجنبي غاصب صائل، لتصطدم مع الكيان اللقيط وتلقي بعلوجه في مكبات النفايات وبين كثبان الرمال وأكوام المزابل …
وباختصار إن فزعة قبائل سيناء لكسر الحصار يا سادة يا كرام وعلى ما يبدو جليا ،شئنا ذلك أم أبينا ،راقنا ذلك أم لم يرق لنا ،أعجبنا أم لم يعجبنا،يؤشر الى أنه زمن العشائر والقبائل فقط لا غير ولاسيما وأنها غير معنية بالمرة بقيود الطائفية، ولا بـ” كلاوات الأحزاب والجماعات العلمانية منها والراديكالية “،ولا بخنادق وأسلاك الحدود السايكس بيكوية المفرقة، بعد استشراء الخور على مستوى الشعوب والحكومات مع استحكام الجبن والبخل فضلا على انتشار كل أشكال الملهيات والإنسانيات والايديولوجيات وأنواع الفواحش والرذائل والموبقات…
ولا غرابة في ذلك البتة فكل الثورات الكبرى ضد المستدمر الأجنبي في التاريخ الحديث والتي تتغنى الأجيال بملاحمها وبطولاتها وأيقوناتها كابرا عن كابر، هي ثورات قبلية وعشائرية بالأساس، ثورة الأرياف المغربية ضد المستدمرين الاسباني والفرنسي بقيادة الشيخ عبد الكريم الخطابي، هي ثورة قبلية …ثورة الصحراء الليبية بقيادة الشيخ عمر المختار ،ضد المستدمر الايطالي هي ثورة قبلية …ثورة الجزائر الكبرى بقيادة الشيخ عبد القادر الجزائري ، ضد المستدمر الفرنسي هي ثورة قبلية …ثورة العشرين في العراق ضد المستدمر البريطاني هي ثورة قبلية ..ثورة الشيخ عز الدين القسام ضد المستدمرين البريطاني والصهيوني هي ثورة قبلية ..
ولا يفوتني وقبل الختام أن أحذر أيما تحذير من مغبة فتح المعابر لا لغرض ادخال المساعدات وفك الحصار الجائر ، وإنما تمهيد للترحيل والتهجير الجماعي الفاجر وبما يعرف بخطة”الترانسفير”،وذلك بدلا من إدخال المساعدات الغذائية والدوائية العاجلة الى الشعب الجائع المحاصر الأسير ليثبت ويصمد في أرضه وأرض أجداده رغما عن أنف أعدائه ومعظمهم قدموا من أوروبا الشرقية والغربية ولا علاقة لهم بهذه الأرض التي منحت لهم بوعد بلفور المشؤوم ، لأنني والحق أقول لكم ، لست بالخب ، ولا الخب بن الـ 16 خب يخدعني ، وتأسيسا على ذلك فأنا لا أتعامل مع الواقع القاتم الغاص بالذيول ، الغارق بالعملاء والأذناب والجواسيس إلا بمبدأ الشك التام ، وسوء الظن الكلي لأن سوء الظن في حقب الانبطاح والانحطاط يعد من حسن الفطن،حتى يثبت العكس، إذ لا أستبعد مطلقا من أن يكون لذيول الأجنبي أصبع ما من وراء الكواليس في بعض القضايا التي ظاهرها الرحمة، إلا أن باطنها وفي حقيقة الأمر العذاب المقيم !!
وأكرر التحذير وخلاصته :” إن فتح المعابر المغلقة يتحتم أن يكون باتجاه واحد فقط لا غير والى الداخل الجائع المظلوم فحسب، وليس الى الخارج المأزوم ، ولا بأس بخروج الحالات المرضية الميئوس من علاجها داخل القطاع لنقص الإمكانات وعلى خلفية تدمير معظم المراكز الصحية والمستشفيات ، وألفت الى أن هناك من المغرضين والمندسين من ركب الموجة وأخذ يطالب بفتح المعابر، لا للإغاثة وتقديم المساعدة العاجلة كما يطالب بها غيره من الشرفاء ،وإنما للشروع بعملية التهجير الفوري من خلالها ، فلا يخدعنكم ثعالب التطبيع ، ولا ذيول خارطة برنارد لويس الانشطارية ، ولا أذناب مخطط ريفيرا الساحل الترامب – كوشنري ، ومثلها خطة الترانسفير، زيادة على مشروع طريق داود ، ومخطط “حدود الدم” للجنرال رالف بيترز ،ومخطط دويلة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات الذي لن يجهض إلا بمخطط ” فلسطين حرة أبية من النهر الى البحر !!”.اودعناكم أغاتي