23 ديسمبر، 2024 3:21 م

تتصارع النظريات ويتصارع المنظرون والمحللون والمفسرون حول الأرهاب ومصادره وتمويله وكيفية وصوله الينا وسبل معالجته والقضاء عليه .
وتحمل هذه الآراء والطروحات في طياتها غاياتها وأهدافها ومشاريعها بأستثناء القليل جدا منها ربما يكون بريئا من الغاية والقصد والهدف الواضح أو المبطن . فكل يسعى الى تبرير مصلحته وتوجهه ومنحها غطاء التنظير واكساءها بالتبرير الفكري و (( الأيدلوجي )) .
حيث نرى الفضائيات ومواقع التواصل والصحف وغيرها تشتعل مع كل حادثة أو هجوم أو عاصفة ارهاب وذلك بالقاء اللوم والمسؤولية على (( عاتق )) الداعمين أو الممولين أو الحاضنين ، وهذا كلام سليم لاغبار عليه لأجل التقصي والوصول الى جذر المشكلة وأطرافها . ولكن كل صار يستقصي ويجذر على هواه ووفق ماتقتضيه مصلحته وغايته وهدفه ، فمرة يقولون السعودية ، ومرة ايران ومرة قطر ومرة الخليج ومرة جزر القمر . . ومرو . . ومرة . . كل هذا لابأس به فلابد من البحث والتقصي والتشخيص .
لكن هنالك كلام آخر يجب ان يقال ويجب المصارحة به وهو : اننا في وسط كل هذا الضيم نبدو كالطرشان أوالعميان وفاقدي البصر والبصيرة ، وكما ذكرت في مقالة سابقة (( تحولنا الى مسوخ وصانعي أصنام ، محبي لشهوة التسلط والتسيد علينا . . عبيد . . تحكمنا شهواتنا وحب الذات وحب الظهور في الفراغ المطلق أو في الوضع المتردي المطلق/ مقالة لاوجود لنا 2/)) .
فأذا نظرنا ببساطة ويسر مما توفر لنا (( لاحاجة للتعمق كثيرا )) الى أحداث تأريخنا الحديث خلال 70 – 80 سنة الماضية سنعرف بوضوح ان ماحدث ومايحدث هو مخطط مدروس لأجل غايات مرسومة منذ ذلك الزمن لتمزيق المنطقة واغراقها بالفوضى – خلق شرق أوسط جديد – وربما خلق توازنات ومعادلات سياسية دولية جديدة . ومن هذا يتضح جيدا مصدر الأرهاب – منابعه – جذوره الأولى – توجهاته .
الى وقت قريب كانت معظم بلدان منطقتنا (( العربية )) آمنة بالرغم من المتغيرات والمجريات في بعض المحيط الخارجي – أفغانستان وغيرها – فالعراق لمدة سنتين بعد سقوط الصنم كان آمنا تقريبا من تأثيرات الأرهاب ، التفجيرات وغيرها ، حتى بدأت تتوارد عليه القاعدة والأحزاب والتنظيمات التي ليس لها عدد ، وسوريا ومصر وغيرها امنة حتى ورود (( الربيع العربي )) . انظمة الحكم التي كانت قائمة لم تكن منصفة أو على وفاق مع شعوبها وهي جزء من المخطط الذي دمر شعوب المنطقة ، لكن سبب ذلك الأمان هو ان المواطن كان يملك قدر من الولاء لبلده وقدر من الحصانة والحساسية تجاه المؤثرات الخارجية تم تمزيقها بفعل أنظمة الحكم تلك التي كانت قائمة وبفعل التأثيرات الخارجية التي تواردت علينا بعد الأحتلال وبعد
الربيع العربي حتى تحولنا الى (( قطيع يتم سوقه كل حين الى محرقة أو مجزرة أو خيبة أو احباط لأجل غرض معين وهدف منشود لمحتل أو زعيم أو طاغية/من مقالتي لاوجود لنا 2)) .
فالمخططات الكبيرة قائمة ، وجاري تنفيذها علينا منذ زمن طويل ، ولهذه المخططات رجالها وحكوماتها وذيولها وأتباعها ، والمصالح السياسية للدول والعالم من حولنا قائمة ولها غاياتها وأهدافها ومخططاتها . فقط نحن الطرشان والعميان وسط هذا المعترك ووسط حركة عجلة التاريخ والجغرافيا والمصالح والغايات والأوضاع القائمة اليوم وغدا ، وكا قلت في مقالة سابقة (( سرعان مانلقي بتبعية فشلنا وضياعنا ومحونا من التأثير في التاريخ والجغرافيا والأحداث والأنجازات على عاتق (( الأجنبي )) أو شماعة أفعال المحتل أو الغازي الذي ماكان سيصل الينا (( لولانا )) ، فنحن الذين ننسحب الى الخلف دائما ونترك له الأبواب مفتوحة بنكوصنا وتراخينا واستسلامنا دائما للأمر الواقع )) . اذ نلقي بخيبتنا وتبعية مايجري علينا مرة على دول المحيط ومرة على دول اللامحيط ، وفي الحقيقة ان تبعية مايجري كاملة ملقاة علينا وحدنا فقط ونحن من يجب مسائلته عليها ، ومحاسبتنا على التهاون وترك المجال الذي نفذت منه الينا ، نحن فقط من كان يجب ان يمنعها ويردعها ويبعدها عن بلدنا . فالأجنبي أجنبي وله غاياته ، والمحتل محتل وله مصالحه وأطماعه . . نحن فقط أهل البلد الضارب في عمق التاريخ والجفرافيا والممتد من الأرض الى السماء ، المكتنز بكل خيرات الأرض التي سمعنا بها والتي لم نسمع ، شعب الرجال والنساء والشباب الأبطال والشرفاء والجنود والحشود التي تدافع الآن ببسالة وعزم لترقع وجداننا الذي مزقته الخيبات وهي تقاتل اقذر مخطط على العراق وأهله . نحن من يجب أن نحصن أنفسنا وبلدنا ونوفر سبل تماسكنا ونخلق مشروعنا العراقي الرصين الذي يحمينا جميعا ويحمي مصالح شعبنا وبلدنا ، ونرسم طريقنا واهداف مستقبلنا كما ينبغي ويكون لنا حضورنا الفاعل في المحيط والعالم على اسس بناء سليمة راسخة وصادقة .
علينا أن نتجاوز مرحلة الأعذار والتعذرات وايجاد المبررات للفشل والأحباط . . لابد من تحقيق ذلك بأي شكل . . ولن اعتذر للطرشان فهم نفسي وهم ذاتي وحياتي .

[email protected]