18 ديسمبر، 2024 8:46 م

هل تعرض مصطلح الجهاد من حيث المضمون الى خلط مع مضامين مصطلحات اخرى كـ (القتال , الارهاب) ؟ الواقع الذي نعيشه اليوم يشير الى حدوث هذا الخلط بين مضامين المصطلحات المذكورة اعلاه , نعم انه لا مشاحة في استخدام المصطلحات من قبل الجميع على اختلاف دياناتهم وحضاراتهم وثقافتهم وزوايا الوعي لديهم ومحمولاتهم الايديولوجية  , لكن الحفيظة موجودة حيال مضامين هذه المصطلحات  فهي قد تختلف مضمونا حتى ضمن النسق الفكري الواحد , رغم زاوية النظر التي يتوجه صوبها المصطلح وهذا يسري من عموم النظر الى المصطلحات الى خصوص المصطلحات التي نتحدث عنها وعلى راسها (الجهاد) , وهنا ارى ان الخلط الخاص بمفهوم مصطلح الجهاد متأت من ضبابية فهم منظومة الدين , فاذا ذُكر الدين عند الاعم الاغلب ممن يعتبرون من ارباب التخوم التي تملك وعيا قاصرا منشدا الى بدايات العلاقة مع المطلق , حيث لم يتصوره الا محض علاقة فردية بين الانسان وخالقه تقف عند تحرير الروح والانتصار للسماء وبالتالي ضمن هذا اللحاظ ستكون الارض وعالمها خارج حدود الدين , وهذا مايشير اليه السلوك الصادر من قبل اولئك الذين فهموا الجهاد وقزموه فقط بالقتال وهذا الخطأ الاكبر بالمعادلة , فهؤلاء يختزلون الجهاد الاسلامي في القتال فقط والذي تحدثت عنه الشريعة الاسلامية السمحاء عبر منظومة من الضوابط والمعايير ان وجدت اطلق بند القتال في الجهاد وان لم توجد غابت وتقيد الجهاد , فالجهاد وكما يعرف ضمن الاصطلاح القراني (هو بذل الوسع في المدافعة والمغالبة) وهذا يعني حضوره في كل الميادين الخاصة باعمار الحياة ليس فقط ساحات القتال , لذا عندما نٌجد البحث عن الجهاد في القران الكريم نراه يرتبط ليس بالقتال فقط بل بجهاد الروح عن الاتيان بالموبقات وجهاد النفس والعائلة عن طريق العمل الصحيح , وهنا تُفتح لنا المساحة الحقيقية للجهاد , فالجدال الواعي هو جهاد , والصلاة الايجابية المنتجة للحب وقبول الاخر هي جهاد , وعمران الارض بشتى اصنافه هو جهاد , واماطة الاذى عن الطريق جهاد , واستثمار الطاقات بالشكل النافذ الفعال ايضا جهاد , والرفق بالحيوان جهاد , والاهتمام بالزرع والضرع جهاد وصلة الارحام هي جهاد , اذن كل ما يرتبط بانتاج الفعل الانساني هو جهاد على اختلاف منطلقاته , وعليه فحقيقة الجهاد اوسع مما يظنه اولئك الذين قيدوه بالذبح والقتل والتشريد وكما اباحته لهم عقيدتهم التي لا تمت بصلة الى العقيدة الاسلامية بصلة .