( قد خططنا للمعالي مضجعا ودفنا الدين والدنيا معا ) حيدر الحلي
حين تراهم للوهلة الأولى يبهرك حضورهم، فتظن انهم هبطوا من السماء حتى قبل نزول ادم، وخلقوا من نور وزلال وشهب.. ومن ريش هدهد وزرا زير وغزلان لم تطمث بعد ، يحملهم جبرائيل وميكائيل على أجنحتهم، فتتساقط دموعهم أرضا لان الجنة ستفارقهم وستشتاق إليهم، فهم من سلاله أخرى سبقت ادم….. واستغفر الله على ما اقول!!!فبعد حديث النائب من لجنه الطاقه حول ما جرى لل 37 مليار دولار التي أنفقت على الكهرباء وراح نصفها في جيوب اللصوص في وضح النهار؟؟ من يمسك أعصابه حتى في شهر رمضان ؟؟؟
يراودك الشك ان عصر الالهه لازال له وقع على ثرى هذه الأرض التوأم مع الأسطورة المعجونة بالظلم والظلام منذ أول يوم للخليقة حتى يومنا هذا، والمحكوم عليها من قبل محاكم التفتيش والاخوه الأعداء بغضب الإلهة السلطوية التي لاكت لحومنا وكوت جباهنا وطحنت بقسوتها عظامنا المعوجة من نقص الكالسيوم والفلور و وحشيه أنياب السنين وكثره الترحال والنكسات، وداست عليها إضافة الى السرفيات والهمرات، قنادر حاشيه السلاطين وغلمانهم ومخصييهم قبل ان يفعل الرؤساء والقادة والرفاق والإيديولوجيات وأصحاب الألقاب البرزخية الجديدة المستوردة من بلد الشحرورة صباح.. والتي يتعب منها العد: أولا صاحب الفخامة، وثانيا دوله ألدوله ، وثالثا أصحاب العصمة، وألرفعه والسعادة، ومقدسي السر والصرة، والمرجعيات وأصحاب الفضيلة والاساتذه(حفظهم الله ورعاهم أجمعين) !!! الى آخر قائمه التبجيل والتعظيم والتقديس التي لم يعرفها العراق حتى في ظل دوله المغول والتتار والقره قويلو والباشاوات والسلاطين والشياطين، ولاسكندر بقرون وبلا قرون !! والسيخ والكركه والمارينز والمليشيات والصحوات والعبوات، ولم يخاطب بها لا الأنبياء ولا الأوصياء ولا حتى الفراعنة، حتى أصبح لدينا أسماء سلطويه بعدد اذرع الإخطبوط وام سبعه وسبعين لابد من حفظها لمن يريد ان يلج قصور السلطة الجديدة او يحلم بالقفز على ظهر هذا الشعب ومثقفيه ومناضليه ونخبه الحقيقية في دوله الحزب والزعيم الأوحد شيوعيا وناصريا وبعثيا وإسلاميا حتى يوم ألقيامهّ!!!
وحين تسمعهم وهو ينتقون كلماتهم الفسفورية ذات الإيقاع البتهوفني الملحمي على شاشات الفضائيات في رمضان كل مساء ويروون بعضا من سيرتهم العطرة على طريقه ( كفاحي) للزعيم النازي هتلر، وكيف صارعوا الوحوش السلطوية قبل كالكامش وتحملوا السياط وقلع الأظافر والحرق بالتيزاب، وتشردوا وناطحوا وتنافحوا وفجروا وتفجروا ولغموا وقنصوا واقتنصوا واجتمعوا وزحفوا في الاهوار وقاتلوا بالحراب وناموا في عيون الردى وهو نائم، ودخلوا في حلقه وخرجوا من جحره وهو يعاني من البواسير!!!! ترفع قبعتك و تحني راسك إجلالا وإكبارا لهم !!!( من فعلوا ذلك ونذروا دمهم وأرواحهم للعراق أصبحوا في طي النسيان )
يحكون لك في السحور السياسي وأنت فاغر إلفاه غير مصدق عن بطولاتهم بالامس رغم المناشير الحديدية والكلاب البوليسية وحبال المشانق والسحل وهراوات الأمن ألعامه والشعبة الخامسة واغتصاب الإعراض من قبل السلطة الغاشمة التي لم ترهبهم أبدا ولم تهز شعره ما بين أفخاذهم، والتي يخجل منها حياء الجنرال جياب وديغول وهوشي منه وكاسترو والرفيق جيفارا وفهد وعبد الصاحب دخيل وسطام الجبوري و شعلان ابو الجون والخالصي والبدري وكل مناضلي اليمين واليسار وخط الاستواء والتوبوماروس والالويه الحمراء والصفراء ونمور التاميل ومليوني شهيد جزائري. عندئذ.. لا تملك الا ان تنحني لهم وتشعر بأنك إمام منقذي هذا العصر، جاد بهم الدهر علينا استجابة لدعاء أمهاتنا وأراملنا فهم كذبوا نبوءة فوكوياما عن نهاية التاريخ. او ما بعد الامبرياليه في الفكر الماركسي!!!. فهم سبقوا عصرهم الثوري كونهم يمهدون لظهور الإمام الحجة صاحب العصر والزمان(عج ) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ان جافت من الظلم والرشاوى والمحسوبية والعمولات، وان عليك ان تدعوا لهم ليحفظهم الله حتى مطلع الفجر.. هذا اذا لم تكن يا صديقي تعرف الحكايه من الإلف الى الياء.. من ازاح الدكتاتور، وأخرجه من حفرته وسلمه، وكيف جرت واقعه ساحة الفردوس وما بعدها، ومن قبض ثمن الكارثة عدا ونقدا.. وما خفي كان أعظم !!!
لكنك حين ترى إعمال هؤلاء المسئولين كبارا وصغارا (الا من رحم ربي وهم بعدد خلالات العبد) وتحك معدنهم وطينتهم، او حين تدفع الحاجه البعض من مواطنيهم الى طرق ابوابهم ليلا، حتى وان كانت سيده عراقيه تنتخي بشوارب الطيبين والنشامى في الغربه لتكتشف حقيقتهم يذهلها الوجه الأخر (الحقيقي) لمن يتشدقون بالفكر والخلق والمبادئ وسيره أهل البيت والصحابة ومبادي الإنصاف في الجمهورية الخامسة، يرافق ذلك مسبحة وكتاب وجبين (مركوع) بالسواد، وخشوع مصطنع وآيات شيطانيه لا قرانيه. عندما تدرك كل ذلك، لا تملك الا ان ينتابك القرف والرغبة بالهروب الى صقيع المنافي والتيه.. لتجدهم أمامك أيضا يبحثون عنك ويكذبون علينا بوقاحة!!!
حينها تكتشف ذلك الوهم الذي تعيش فيه انت والملايين الذين انتظروا هلال العيد واندحار الدكتاتورية ودوله العشيرة والحزب الواحد وخرجوا يهتفون – كما فعلوا بالأمس (بالروح بالدم)- ليستفيقوا على الخديعة والعزلة بان دمهم ولحمهم لازال معروضا للبيع، وإنهم شربوا نفس الاكذوبه .. ويجترون نفس الحكاية على صليب الأماني والمشروع الجديد الذي يلعن سابقته.
.. من عزله صديقي الروائي حمزه الحسن، ومن صوته الذي يستعر كالجمر في ألغربه.. اقتطع هذه الوصية (نعم. هل نسيت؟ من كان مسئولا في العراق صار اليوم قائدا في حزب معارض، من كان رئيس تحرير صحيفة حكومية هو ألان، في طبعته الملونة، رئيس تحرير صحيفة معارضة، ومن كان بوقا وممسحة مناضد وماسح أكتاف في المؤسسات الحزبية والثقافية هو الان منظّر اليسار الجديد وداعية للثورة، تؤطر صورته القديمة مقالاته الجديدة في زاوية احتلها فخبرة الانتهازي تظل واحدة. أما من كان مخبرا وجاسوسا يحصد رؤوس زملاءه من الادباء، فقد أخرج لنفسه تاريخا مزعوما عن قمع خرافي، لنظل أنا وانت، في أعراف هؤلاء، رغم الحدود التي عبرناها، والسجون التي تكورت عظامنا على اسفلتها، هنا أوهناك، نظل مجرد عناكب ليل تسللت في غفلة من النجوم.)
نعم يا صديقي…هو ذاته .. لم يتغير.. حزب ألدوله، او دوله الحزب الواحد (وآلامه التي ستبقى واحده ذات رساله خالده وحرة وسعيدة) رغم انها توشك ان تقطع اربا.. هو نفس الحزب الأوحد رغم تغير الشخوص واليافطات الذي ابتلع كل شئ في بغداد واربيل، لاحياء في الدين ولا في السياسة ايضا.. فهؤلاء الذين طبلوا للمشروع الإنقاذي باسم العقيدة والطائفة، وجدوا من يبرر لهم حتى الخروج على النص المقدس سياسيا ودينيا، والتنكر للوصي وتبرير افتراس ألدوله قبل السلطة بحجه ألطائفه ألمغيبه التي لم ينصفوها ولم يستطيعوا حمايتها، بل كانوا ولا زالو قادرين على ممارسه الخديعة والخطاب الأصفر وبيع كل شئ والتنازل عن كل شئ من اجل البقاء باي ثمن في قلب المنطقة الخضراء وبكل إشكال الصفقات السياسية حتى بعد الإمساك و سماع آذان الفجر، بينما تلهث االبقيه الباقية وراء المال والسيارة الفارهه والزوجة الثانية وممارسه غسل الذنوب بالبكاء في الاضرحه التي لو عاد الأمر الى راقديها لعادوا من حيث اتوا سبايا في هذه الصحراء.
.. حين تلتقي بطواويس ألحقبه الفسفورية في سحورهم السياسي من كل الأحزاب والكتل تتيقن ان الوطن لم يعد وطنا بعد، وليس هناك حدودا او سياده ولا مشروع استراتيجي ولا كرامه وطنيه ولا جيش موحد يذود عن حياض الوطن وحدوده. والمفارقه انه حتى طائرات المنقذين الf 16 لابد ان تصمم لتكون مخصصه لكل طيار حسب طائفته فالسرب لابد ان يعبر أيضا عن التوافق!!!.
بل ان أي وزير او قائد شرطه او مسئول مخابرات عربي او اعجمي يدخل العراق ويخرج بلا استئذان ولا خوف او وجل متى ما شاء، وهو ما لا يسمح به حتى قاده الصومال وقراصنته. الجميع يستقوي على الجميع في الخارج، ويحق لأي نائب او وزير او مستشار ان يصرح ويسب ويشتم ويقول ما يريد سواء اتفق ذلك مع رأي الدوله او حزبه او كتلته وان يوقع العقود بجره قلم. فلا نزاهة ولا بطيخ….. فنحن إمام أراده قاده النخب والاحزاب وسلطتهم وتسلطهم حيث يضيع المواطن وتغبن حقوقه، ويحصل على المكاسب من (له ظهر)، اما من لاعمود فقري في عشيرته واهله( أي مكطم ) فليس له الا الدعاء وانتظار معجزه من السماء قبل ان يفطس.
.
.. وطن تحترق جلود اهله بلهيب الشمس والسماسره والمرتشين و أزلام قاده الأحزاب ومن يعمل تحت إمرتهم وبإرادتهم والتي أصبحت ثرواتهم بالمليارات لا الملايين، فامتلكوا قصورا تعادل ما شيده القائد الضرورة في زمن الحصار الظالم الذي لازال مفروضا على الفقراء بصيغ اخرى بعد ان اصبح سعر قطعه اللحم اغلي من لحم الآدميين الفقراء في بلاد ما بين القهرين ، (حسب وصف صديقي علي السوداني) قهر الطبيعة وقهر السلطة( يقول العلوي ان أكثر من عشرين مسئولا بيوتهم اكبر من بيوت الله!!! ) وطن يمكن ان يصبح فيه الأمين خائنا والخائن وطنيا والمخلص عميلا والعميل نجيبا وأهلا للثقة والامانه.
، ومن يرفع صوته قائلا اين حقي يصبح عميلا وبعثيا وابن كلب وخائن ومعادي للإسلام والسلام والحرية ودوله العدل والمساواة والديموقراطيه، وايضا مشكوك بهويته وشهادة جنسيته رغم ان الكثيرين من هؤلاء النخب يقرون انهم كانوا يتلقون رواتبهم وقراراتهم من اجهزه مخابرات عربيه واجنبيه، بينما دخل الآخرين على الخط بعد سقوط بغداد.. وليس مهما متى دخلو وكيف لكن المهم هو البقاء داخل أسوار الفردوس الأخضر.
… وطن تبيعه الأحزاب بالتقسيط.. فهي فوق القانون والشعب والدستور والحيطان والخطوط، الحمراء اما من يطالب بالعداله فهو من المتربصين بالسوء بالشريعة الاسلاميه، تحرم عليه زوجته، ويصبح أولاده أبناء سفاح. وطن لامكان فيه كالأمس تماما الا لمن يحني رأسه ويمسح الأكتاف والاحذيه ويسبح ليل نهار لرئيس الحزب والوزير والوكيل وسعادة السيد السفير والمدير والمفتش العام والقائمقام وحتى حماية السيد المسئول وبغله القاضي.
أما من يقول الحق ويتوهم ان هناك ديمقراطيه فهو معاد( للحزب والثورة) دوما وابدا وهو جحش لأنه صدق هذه الاكذوبه والا من قتل اكثر من 280 إعلامي عراقي؟؟؟.
..هكذا هي الحال اذن في دوله ضيعت نصف قرن من عمرها بعد عقد قران مع الايدولوجيا وحاولت ان تخط التاريخ بمسطره وضاع ما تبقى بعد الطلاق بزواج ألمتعه السياسي مع الغزاة وأعداء الامس المتوافقين غير المتفقين وهم شهود الزور حين هاجم حواسم السلطه بغداد واغتصبوها تباعا ثم تباكوا على ناموسها وعرضها وعذريتها…. وطن حين يتحدث وزراءه وقادته وبرلمانييه ونخبه من على شاشات التلفزيون يغسلون ايديهم من كل الخطايا والإخفاقات وضياع المال العام والفساد وامتهان سيادة الامه ويلقون بلائمه على رئيس الوزراء لوحده ولو كنت مكان نوري المالكي لتركتها على غاريها ليرى الناس الحقيقة بأم أعينهم…..
وطن تحول فيه المحافظين ورؤساء الكانتونات الى مهربي نفط وديزل يقفون عند الحدود وعلى قارعه الطريق ليروجوا لبضاعتهم لشركات النفط على الرغم من انف الحكومة ورئيسها وشهرستانيها ووزير نفطها وحرسها الوطني وكلابها البوليسية المستوردة التي لا تتحمل الحر مثل سيارات (اللادا) الروسية، ليستوردوا بدل النفط صواريخا ودبابات وقناصات بانتظار معركه التقطيع الخشن لا الناعم، بينما يفقد الشعب وعيه وهو يشيح بوجهه ويلطم ويحيط بالاضرحه التي لم تعد تستجيب او تصغي لصوت دعاء احد او تهجده بعد ان ضاعت حتى البطاقة التموينية هوية البؤساء في الزمن الأغبر بينما كبار الحيتان والسفاحين الذين كانوا من النخب يمرحون ويسرحون خارج الحدود هذا ان بقيت لدينا حدودّّّ!!!!
وطن بلا مشروع استراتيجي او خلايا أزمات او تخطيط للمستقبل او عقيدة عسكريه او أمنيه الى درجه ان يتجرا ثلاثة إرهابيين على اقتحام أهم مؤسسه لمكافحه الإرهاب في وضح النهار ويوشكون على إطلاق سراح المئات من ألقتله ….. وطن بلا سياسة خارجية او خبراء يعملون بصمت وحكمه بل في كل ساعة موقف ورأي مغاير… الكل يصرح ويصول ويجول على شريط الإخبار حتى لو كان بوابا في رئاسة الوزراء او الجمهورية وواقع الحال يؤكد ان ألدوله تعمل بالقدرة والبركة وردود الأفعال على طريقه الإسعاف وسيارات إطفاء الحرائق لاغير !!
.
.. لهؤلاء الساسة الكبار (على شاشات التلفزيون) فقط .. الذين يطلون علينا في سحور شهر رمضان ولم تفلح كل المساحيق وتقنية المونتاج وربطات العنق والبدلات الباريسية والإضاءة والضحك المصطنع والكلام المعسول من ان تزيل دماءنا من ايديهم..وبعد ان تحول البلد الى خان جغان وسوق هرج ومرج…و مازال هؤلاء يعتقدون ان الناس تصدق ما يقولون عن الفردوس العراقي ومحاربه الفساد واستعاده السيادة، فيلقون الجثه في مستنقع غيرهم ويحملون الآخرين مسؤولية كل الأخطاء، ليسوقوا أنفسهم كمنقذين( السيد باقر الزبيدي تعهد بحل كل مشاكل العراق خلال أربع سنوات!!!! ). رغم ان بعضهم مازال حين يتوضأ يسيح الدم من بين أصابعه، ويتناثر لحم الناس (قوتهم اليومي) من بين أسنانه المسوسه ك(ضميره). من امثال الشعلان والسامرائي والسوداني وغيرهم من فيالق التابعين لعصابة علي بابا الحكومية… نقول لهم كفى فقد بلغ السيل الزبى ويوشك الشارع ان ينفجر اجلا ام عاجلا…
والمصيبة فينا نحن أيضا فهكذا اعتدنا دائما ان نحمل شرف النصر وعار الهزيمة للقائد لو حده على مر التاريخ ونحن نعرف إننا مخطئون في كلا الحالتين لان الشعوب وحدها هي التي تصنع النصر وتجني الهزيمة بأيديها وأننا نحن من نصنع الطغاة ونعبدهم ثم نسحلهم في الشوارع ونتباكى عليهم حين نبتلى با مر منهم!!
نقول لهؤلاء.. اتقوا الله في هذا الشهر الفضيل.. فالحقيقه سطعت كشمس العراق واكتوت جباه الناس بحرارتها في ظل ازمه الكهرباء والنزاهة والشرف بعد خراب لا ألبصره… بل العراق من شماله الى جنوبه.
.. كم اود -بعد كل لقاء او سحور مع سياسي- مع واحد من الطواويس المنتوفه الريش المحشوة بالتبن، ان يتكرم المخرج باختتام الحلقة بالعبارة التالية : قيم الركاع من ديره عفج!!!!!
رمضان كريم.
بوخارست/ المنفى حتى اليوم الموعود