يبدو ان القائمين على العملية السياسية في الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية والجهات والهيئات والمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان انهم لايقدرون ان هناك مخاطر تواجه البلد وهي اكثر خطرا من داعش ومن حربها ومن اجرامها على مستقبل العراق والعراقيين ، الا وهي حرمان مئات الاف العاملين على الاجور اليومية والعقود من حقوقهم، بل وابعادهم عن المعامل والمصانع والمنشات، وهم اصحاب عوائل ستتعرض حياتهم الى مخاطر ربما تفوق مخاطر داعش واجرامها ان بقيت اوضاعهم على هذه الشاكلة من عدم اعادتهم الى اعمالهم بالسرعة الممكنة وتركهم تتلقفهم أهوال المجاعة والتشرد وضياع بصيص الامل في الحياة.
مئات الالاف من الخريجين والفقراء والمعدمين ومن تقطعت بهم سبل الحياة وقد اصابتهم مئات الامراض النفسية واعتصرت قلوبهم وأفئدتهم الحسرات ولحظات الندم القاسية على مصير اصبح مظلما امام هؤلاء البسطاء الباحثين عن رزق حلال بشق الانفس ولا يجدوه، وثروات البلد تهدر وتسرق بالمليارات من اصحاب السلاطين، وأمام الملأ ، ولا احد يحرك ساكنا لطمأنة هؤلاء الجياع والمظلومين من ان هناك قرارات مهمة ستعيدهم الى اماكن عملهم ووظائفهم، ولا احد يقول لهم أين سيكون مصيرهم ومستقبلهم، ولا كيف ياكلون وكيف يدفعون ايجار بيوتهم وتكاليف المولدات والكهرباء الوطنية ، وتكاليف دراسة ابنائهم، والاهم من هذا كله ان تقي كرامات هؤلاء من ان تتعرض للامتهان، لأن هناك من قطع رزقهم والقى بهم في غياهب الجب، بلا غذاء او سكن او دواء او سقف يحمي عوائلهم من حر الصيف أو برد الشتاء!!
ولا ندري اين ضمير اعضاء مجلس النواب ورئيسه ورئاسة الحكومة والذين يدعون حمايتهم لحقوق الشعب وتمثيلهم الكاذب له، بل اين منظمات حقوق الانسان والهيئة العليا لحقوق الانسان في العراق التي مات ضميرها وغاب وجودها واهتمت بالايفادات الى خارج العراق وشعبها يئن من الجوع، ثم اين وزارة العمل وما تسمى بالشؤون الاجتماعية ونقابات العمال وهي بالعشرات التي تدافع عن حقوق عمالها وموظفيها في معامل ومصانع وزارة الصناعة وأمانة بغداد ومنشات الدولة الاخرى التي ترك مصيرها مجهولا وضيعت الدولة ومدراء دوائرها وقد هدرت دمهم بين القبائل!!
وامام هذه المحنة الاليمة لا يجد هؤلاء المساكين ومن وضعتهم اقدار الدولة تحت اقدامها وداست على كرامات الكثيرين منهم سوى قناة البغدادية والزميل انور الحمداني وبرامج اخرى في البغدادية التي اصبحت صوت الفقراء والمظلومين والباحثين عن الكرامة في زمن هدرت فيه الكرامات واستبيحت الاوطان وتهدمت بيوت العراقيين على ساكنيها وتقطعت اجساد الكثيرين في الطرقات بفعل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي يزرعها المجرمون والسفلة ليحرقوا بها اجساد العراقيين ، كي تكون المقابر هي ملاذهم الاخير ، ولم يعد هناك من يهتم بمظالم وصيحات ملايين العراقيين والعراقيات الذين ترك مصيرهم معلقا بلا رواتب وحرم مئات الالاف في معامل تابعة لوزارة الصناعة ووزارات اخرى من حقهم في العيش وتم الاستغناء عن مئات الالاف من هؤلاء الشرفاء الذين ينضحون عرقا لكي لايأكلوا من السحت الحرام وهم يريدون ان يأكلوا من ثمرة جهدهم وعرقهم حلالا طيبا يسدوا بهم بقية رمق حياتهم المعرض للمهالك كل يوم!!
بل اين ضمير العدالة العراقية في وزارات الدولة وضمير برلمانها ونوابه النائمين عن مصير قوت شعبهم وعيال الالاف من الجياع والمشردين الذين يدعون زورا وبهتانا تمثيلهم والدفاع عنهم واذا بهم اول من يمارسون ضدهم عمليات القتل والترويع بحقهم عندما لايتخذون اجراءات توقف عمليات الاستغناء عن خدمات مئات الالاف من العاملين في دوائر الدولة ومصانعها ومعاملها وتلقي بهم في مهاوي الفقر والحرمان والاسى واللوعة بلا ذنب ارتكبوه سوى انهم عراقيون بسطاء لايعرفون سلوك دروب الفساد ولا سرقة ثروات العراق، وهم يريدون ان يستروا بقية عوراتهم وشرف عوائلهم من ان تتعرض للامتهان!!
عار على حكومة وبرلمان وسلطة قضائية ان تترك شعبها يتشرد بهذه الطريقة ولديها القدرة على الصرف عليهم وعشرات الخريجين في مختلف الاختصاصات با وظائف ، والحكومة والبرلمان من واجبهما ان تبحث عن اية فرص عمل ليعيش هؤلاء الخريجون والمحرومون من ابسط حقوقهم في بقايا امن وامان ودولة ضاعت بين دهاليزها ولم تعد تعرف ( رجلها من حماها ) كما يقال!!
نعم حرمان مئات الالاف من حقوقهم والاستغناء عن خدماتهم اخطر من حرب داعش عليهم بل واخطر من اجرامها على شعب العراق ، طالما ان هناك من الحكومة والبرلمان من يفوق داعش في طغيانها واجرامها وتسلطها على رقاب العراقيين لتلقي بهم في متاهات الجوع والحرمان وتشجعهم باجراءتها على ان يسلك البعض منهم تحت ضغط الفقر الرذيلة وارتكاب الجرائم والموبقات بعد ان تقطعت بهم سبل الحياة وربما يكونوا عونا لداعش في اسقاط حكومة لاتخشى مصير شعبها وهي تذيقه مر الهوان باجراءات اقل ما يقال عنها انها تبتعد عن الدين والاخلاق والمنطق وابسط حقوق الحيوان وليس الانسان!!
ان واحدا من أهم من شجع داعش على احتلال العراق هو ان الفقر وصل بالشعب الى حد العظم ، وكفر الكثيرون حتى بدين اؤلئك الذين يحللون الحرام ويحرمون الحلال ، ولم يطبق المسؤولون عدالة الارض ولا قيم السماء، وحملوا شعارات واختفوا تحت عمائم وائمة ووعاظ وسلاطين مال وافساد، وكل واحد منهم ادعى تمثيل الطائفة والمذهب بل وحتى ( العصابة ) ولم يرحموا الانسان العراقي او يحافظوا على بقية كرامته من ان تهدرها الميليشيات والجماعات المسلحة الموغلة في الاجرام، حتى وجد الكثيرون في الانخراط في مسلك اجرام ورذيلة الدرب الوحيد الذي يثير الفوضى والفلتان وضياع سيادة البلد وتكالب القوى الاقليمية والدولية على تحريض كل عابث بأمنه وكرامة شعبه ليفعل بها على هواه كما يشاء!!
اتقوا الله يابرلمان ويا حكومة ويا سلطة قضائية ويا منظمات ويا نقابات وهيئات حقوق الانسان كلها كانت اسماء بلا عمل فعلي وشعارات بلا تطبيق من غضبة رب السموات والارض من ظلمكم وطغيانكم وتسلطكم على رقاب العراقيين، وارتكب البعض من هذه الواجهات وتحت غطاء الدولة وتحت سلطانها جرائم ابادة جماعية بحق شعبها ما يفوق الوصف بعد ان القت دوائر الدولة ومعاملها ومصانعها ومنشاتها بالكثيرين منهم في غياهب الحرمان ودهاليز البطالة وشجعت الكثيرين على سلوك الاجرام بحثا عن لقمة عيش بشق الانفس..واحذري ايتها الحكومة ثورة الجياع والمطالبين بدم ابنائهم ومصير المفقودين منهم في سبايكر وديالى وبروانه وغيرها من فواجع العراق ، وهم بعشرات الالاف من ان تندلع ثورة غضبهم لتلقي بكم في مزابل التاريخ غير مأسوف عليكم ، كما كان مصير من سبقوكم بالرغم من انهم لم يرتكبوا من الموبقات كما ارتكبتم ..ولم يعد امام العراقيين الذين تعرضوا لكل هذا البلاء من صبر بعد ان طال ظلمكم كل اصقاع العراق ولم يعد للصبر من منزع كما يقال!!
تذكروا ايها السلاطين والحاكمون بأمر الله مقولة قطع الاعناق ولا قطع الارزاق، يامن أذقتهم شعبكم كل اشكال صنوف الضيم والحرمان والاذلال وصنوف العذاب، عل ضميركم الغائب المستتر ( يصحو ) في يوم ما ونشك انه سيصحو ، لأن قلوبكم اضحت كالحجارة أو اشد منها قسوة ، ايها البرلمانيون والوزراء والمدراء العامون ، فالله ، جلت قدرته ، لن يترك غياب ضميركم هذا بلا حساب..والله متم نوره ولو كره الكافرون!!