الكلام المكتوب والمنطوق مرئيا أو مسموعا فقد قيمته ودوره , وإنتفت الحاجة إليه , لأن الكثرة تسببت بزياة المعروض على موائد الحياة , فأصبحت بضاعة الكلمة كاسدة.
فلا قيمة للمكتوب مهما توهم كاتبه!!
الأشياء تتميع , وتتغيّب , وتضيع ملامح الموجودات بأنواعها , فلا دور للتحليلات والتفسيرات والدراسات والرسائل الجامعية , فالكرسي هو السلطان , والإمام والفاعل الفتان , وما دونه عصف مأكول وبهتان.
القول للكراسي , والمجد للمآسي!!
فلماذا تكتب الأقلام؟
هل يقرأ الحكام؟
الجالسون على الكراسي ينفذون , ولا يفكرون , لأنهم إن فكروا سيحترقون في مقاعدهم , وسيغادرون مواقعهم البهية.
ما نفع أن نكتب , والمكتوب لا يُقرأ , فالواقع المعاصر تتسيد فيه الثورة المعلوماتية , وما توثقه الهواتف النقالة من حالات , تشد المتابعين إليها , وتجذبهم بقوة وتمتلكهم , أما المكتوب ففي أحسن تقدير وجهة نظر , وفي عالمنا المُدان , لا تعني شيئا , وتُحسب من أخوات هذربات اللسان.
ماذا يحصل في عالمنا الإنتقالي الجديد ما بين القلم والورق والكيبورد والشاشة؟
أظن النسبة الكبيرة من جيل القلم والورق سينقرضون بعد سنوات , وسيسود جيل الكيبورد والشاشة , وعندها , يكون المكتوب في غياهب التراث الذي ستسعى الأجيال للتحرر منه وردمه في مستنقعات الرفض والبهتان.
مصير ما كتبنا كمصير ما دونه الفراعنة , وتحول أمامنا إلى طلاسم , أعاننا على فكها الأجانب الذين إكتشفونا , وما عرفنا أنفسنا , ولا نزال في غياهب الجهل والتجاهل عامهون!!
فقل أكتب لقتل الوقت , فنحن لا نقرأ , وتجدنا نجلس على تراث أفكارحضارية رائدة , وما قدمنا ما يعبر عنها ويؤسس لدور ريادي إنساني أصيل!!
فهل للكتابة نفع مبين؟!!