23 ديسمبر، 2024 5:53 م

كشف الذمم المالية

كشف الذمم المالية

حسنا فعلت هيئة النزاهة بوضع واقرار نظام كشف المصالح المالية والذي يعد اول برنامج للافصاح عن الممتلكات والاموال المنقولة وغير المنقولة لكبار موظفي الدولة، وخطوة رائدة ورائعة سجلها بعض المسؤولين  حين سلموا الاستمارة الخاصة بكشف مصالحهم المالية الى رئيس هيئة النزاهة كأول مسؤولين  عراقيين  وعرب يكشفون عن ذمتهم المالية. فعلى مر التاريخ وتعاقب السلطات كان الملوك والرؤساء والوزراء وحاشياتهم ومن يدور في فلكهم يستأثرون بالمال العام ويبددونه على ملذاتهم ويمتلكون به الاقطاعات والفلل والقصور الفارهة واليخوت الخرافية والجزر اللازوردية، ويدخرون قسماً كبيراً منه على شكل مجوهرات وعملات صعبة ومصوغات نفيسة في بنوك سويسرا واوربا تحت ارقام سرية تحسباً للأيام السود حين تدور عليهم الدوائر لتكون من نصيب ورثة سفهاء يبذرونها على طاولات القمار وصالات الرقص وصالونات التجميل ويرشون بالقسم الاكبر منها انظمة ودوائر توفر لهم ملاذات آمنة بعد مالفظتهم اوطانهم التي خانوها واحتقرتهم شعوبهم التي ظلموها واهانوها. لم يكن بمقدور احد ان يسأل او يستفسر ناهيك عن ان يعترض على مسؤول او حفيد مسؤول سابق حين يوقف “قاطرة ومقطورة” في باب البنك المركزي لتحمل “خرجيتو” من مليارات الدولارات الى جهات مجهولة!. “يفصّل” طائرة او سيارة او يختاً حسب المزاج.. يبني ما يشاء من المساحات قصوراً وقلاعاً. الكل متفق على نبذ واستهجان تلك السلوكيات المنحرفة.. والجميع متفقون على انها صفحة سوداء “مصخمة” طويت الى الابد.
عليه -واستثماراً لمعطيات العهد الجديد- لابد ان تطلق وبصوت مجلجل مدوي الصرخة المزلزلة لابي ذر الغفاري . من اين لك هذا؟!. على ان تصك اذان الجميع، فتطرش من اثرى من السحت الحرام، وتصرع من استحوذ على المال العام، وتفضح من تسبب بهدر وتبديد الثروة الوطنية جهلاً او اهمالاً او تعمداً. وترعب من يفكر باستغلال منصبه ونفوذه للاثراء على حساب الجماهير العراقية المسحوقة.
لتقف السلطات الثلاث الى جانب هيئة النزاهة.. وليرفع في جميع دوائر الدولة شعار: لا حصانة للمتلاعبين بمقدرات الشعب العراقي. ليقف المعارضون والمختلفون مع المخلصين في هذه الخطوة لكشف ذمم جميع البرلمانيين والوزراء والمسؤولين كبارا وصغارا لايقاف نزيف الثروة العراقية ووضع حد للمفسدين والمتلاعبين من بعض المسؤولين ضعاف النفوس. وليتذكر ادنياء النفوس من سبقوهم ويتخذو منهم عبرة:
كم تركوا من جنات وعيون. وزروع ومقام كريم. ونعمة كانوا فيها فكهين. كذلك وأورثناها قوماً اخرين. فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين.