18 ديسمبر، 2024 7:20 م

كسر طراكية العهد البائد , دلني ما تسمي العهد الان (الشاهد على الصائد والمارد والجهاد والحرباماواتية وخالي فوائد )

كسر طراكية العهد البائد , دلني ما تسمي العهد الان (الشاهد على الصائد والمارد والجهاد والحرباماواتية وخالي فوائد )

يقول ناصر الدين النشاشيبي قلت للسعيد أن السياسة فن، له حرمته وله قدسيته، وله مؤهلاته وشروطه؟ حدث الناس عن هذا الفن وعن هذه المؤهلات وعن تلك الشروط، تكلم! وراح نوري السعيد باشا يتكلم..

الوصية الاولى

اسأل نفسك: لماذا أريد أن أكون سياسياً ؟!

قبل أن تكون سياسيا، سل نفسك لماذا تريد أن تكون سياسياً، حدد أهدافك ومشروعاتك وادرس نواحي طاقتك على تحقيق هذه الأهداف والمشروعات، على السياسي واجبات تفوق حقوقه كمواطن، فهل فكرت في هذه الواجبات، السياسي مسؤول لرفع مستوى بلده ومعالجة قضاياه. مسؤول عن اختيار المجالس النيابية وممارسة حقه الطبيعي في هذا السبيل، أن العمل السياسي خاضع لقدرة الإنسان على ممارسته، فهل درست طاقتك؟ لتضمن نجاحك!!

لا يكفي أن يقول الناس عنك أنك سياسي، بل عليك أن تضمن جوابك للناس إن تساءلوا:

ماذا يشغلك كسياسي؟ ما هي أمالك؟ أين جهودك؟ أين رأيك وصوتك؟ أين وسائلك لخدمة وطنك وأمتك؟ أين منهاجك؟ الوصية الثانية

كن طموحاً.. من أجل بلدك!

لا نجاح لرجل السياسة إن لم يكن طموحاً، أقول الطموح ولا أقول الأنانية وأنادي بالتحفز وتبني الآمال الواسعة والتطلع إلى المستقبل بعزم وثقة واطمئنان لا يكفي لأن تقضي عمرك عضوا في حزب أو وزيراً في وزارة، لماذا لا تكون أنت زعيم الحزب، ورئيس الوزارة؟ يجب ان لا يغريك أو يعزيك وضع بلدك على ماهو عليه، بل يجب أن يكون لديك الطموح لتعمل على توسيع رفعة بلدك، على زيادة موارده، على رفع مستواه، على قبوله المكان الإسمي بين الدول في العالم..

إن الطموح عامل أساسي في حياة كل سياسي ناجح.. طموح ذاتي، وطموح عام لخير البلد، وخير العالم وخير الإنسانية.

الوصية الثالثة

كن مضحياً مثل وزراء الإنكليز!

إن حياة السياسة كلها تضحيات، والسياسي الناجح هو الذي يرضى بأن يضحي بكل شيء في سبيل مبدأ، أو حزب، أو وطن!

في بلد كبريطانيا يتقاضى المحامي أضعاف أضعاف المرتب الذي يعطى لوزير، ومع ذلك يدخل الإنجليزي الوزارة عن طيب خاطر مضحياً بالمال. إن حياة السياسة، وحياة الحكم، تحرمان السياسي من عضوية الشركات، من الأعمال الحرة من ميادين الاقتصاد من حياة الراحة والدعة وهدوء البال، من التمتع بالأمن والطمأنينة والسلامة أحياناً.. من رعاية أهله وأولاده وأقربائه، من ممارسة حقوقه في الاعتناء بصحته وأعصابه.

من تغذية روحه بتيارات العلم والأدب، والسياسي الناجح هو الذي يضحي بكل هؤلاء، في سبيل نجاحه كسياسي محترم.. الوصية الرابعة:

كن صريحاً ولا تكذب!

وعبس السياسي الثعلب وهو يقول: نعم، أقول هذا وأؤكده، والرأي القائل بأن السياسة كذب وتملق ونفاق رأي ضعيف، ليس منصفات الناجحين، السياسي الناجح هو السياسي الصريح الذي يستطيع ان يجاهر برأيه ولو كلفه ذلك تحمل الوان الأذى والضيم والعذاب..!

السياسي الناجح هو من يقول لا، ويعني بها لا، ويقول نعم، ويعني بها نعم

أما الغموض والبلبلة والكذب فليست من صفات السياسة، ولا من صفات الرجال!

الوصية الخامسة

كن بنّاءً ولا تتذمر!

ويقول “السياسي”، نوري السعيد، السياسة السلبية، سهلة، في استطاعة كل انسان أن يمارسها، اما سياسة الإيجاب فهي محك الساسة الناجحين! لا يكفي ان تقول لا.. لا أريد..

بل عليك أن تحمل معول الهدم، بل عليك أن تعمل للبناء والإنشاء، لا يكفي أن تلغي وتنسف وتعارض وتنتقد، بل عليك أن تبادر إلى ضع الأسس إلى بناء شيء آخر مكانه..

الوصية السادسة

لا تكن من فئران السفينة!

لا مكان في سفينة السياسة الناجحة، لما يسمونهم بفئران السفينة، إذا غرقت هي، هربوا هم، إن الربان الناجح من يتحمل مسؤولية سفينته، ويسير بها إلى شاطئ السلامة، ويذلل ما يعترضها من أمواج ورياح وأعاصير، ويسهر على سلامة ركابها، ويتجه بها نحو مواطئ السلام.. ويبذل في سبيل ضمان سيرها كل جهد وخبرة وذكاء!

فإذا تعرضت للغرق، كان آخر من يتركها وقد يغـرق معها.

إن الشعور بالمسؤولية وتحملها شيء ضروري، شيء عظيم في حياة السفينة.

كن منتجاً

إن الشرق غني بمجهولاته، فقير بإنتاجه، في بطون أرضه، تكمن الخيرات وعلى سطح أرضه يدب الجوع والعراء والجهل والمرض، إن العرب بحاجة إلى السياسي “المنتج” الذي يعمل على زياة كفاءات البلاد اقتصادياً ومالياً، والبلد الغني أكثر توفيقاً في سياسته، من البلد الفقير، الأخير يدفع أهله لاحتراف السياسة تأبطاً وتخبطاً والأولى أن يشغل أهله بمشروعات النور والخير والحياة، ويترك السياسة لأصحابها، نريد سياسياً منتجاً في بلاد فقيرة، نريدها أن تصبح غدا غنية، ويصمت نوري السعيد قليلاً ثم يقول:

الوصية العاشرة أمنية:

فكر في وطنك قبل تفكيرك بحزبك!

هل أخبرك عن الوصية العاشرة، إنها أمنية وليست وصية، أمنية أعيش بها وأرجو الله أن يحققها لهذا الشرق العزيز، فليس على الله بكثير أن يهب العرب ساسة يفكرون في وطنهم قبل أن يفكروا في أنفسهم ويؤمنون بأمتهم قبل أن يؤمنوا بأحزابهم واشخاصهم، لو عرف العرب منزلتهم في العالم، وأدركوا حاجة الأمم إليهم وقدروا أهمية الدور الذي باستطاعتهم أن يمثلوه على المسرح السياسي لكان لهم اليوم شأن آخر ومنزلة أخرى، ولكن، أين من يوجه، ويخلص في التوجيه؟ أين من ينصح ويصدق في النصح، إن وضع العرب اليوم لا يبشر بخير، وضع كله استكانة وضعف وعدم مبالاة وضع لا تنفع فيه مشروعات الإعانات والإغاثات و”النقطة الرابعة” والخامسة والعاشرة، وفروض أمريكا وهبات هيئة الأمم فقبل ان نشق الطرق ونبني الجسور ونجفف المستنقعات علينا أن نبني الأخلاق ونجفف الضغائن.

اليوم يستعيد العراقيون مقولة شهيرة للمرحوم نوري السعيد قذفها في وجهه المرحوم محمد رضا الشبيبي .. عندما ( تلاسن ) الاثنان داخل مجلس الأمة ..! فقد قال الشيخ الشبيبـي إحـدى الأيام صرخت بوجه نوري السعيد في المجلس ، وقلت له : أنت دكتاتور …

فقال لـي نوري السعيد:

إذا أنا ذهبت وجاءت من بعدي حكومة أخرى، ستعرف من هو الديكتاتور.

فقد قال نوري السعيد محذراً الشبيبي :-

اسمع يا شيخنا حچايتي هذي ..

(اني يا شيخ ما كَاعد على كرسي رئاسة مجلس الوزراء .. انا كاعد على (سبتتنك ) ….

وذهب نوري السعيد بلا قبة او قبر فقد سحلته مخلوقات ( السبتتنك ) التي تسربت منه في غفلة من الزمن بعد ثورة 14 تموز 1958

ولم تبقَ منه قطعة صالحة للدفن .. ويضيف الشيخ الشبيبي قائلا ً:

وفعـلاً لم تمض سنوات بعد هذه الواقعة إلاّ وابتلينا بما قاله نوري السعيد …

فقد حدث الانقلاب العسكري الذي قام به قاسم …

وفي يوم من الأيام كنت جالساً في بيتي، وإذا بطارق يطرق علي الباب، فخرجت لأرى جمعاً من الشباب الثوري!!، وهم يقولـون لـي، إن ابنتك متهمة، وإنها مناهضة للشيوعية والحزب الشيوعي الحاكم ….

يقول الشيخ الشبيبـي : قلت ُ: ماذا تريدون منها؟.

قالوا: نريد أن تأتي معنا لنسألها بعض الأسئلة.

قلت لهم : اصبروا حتى أخبرها بذلك … أغلقت الباب ثـم اتصلت بالهاتف برئيس الـوزراء عبـد الكريم قاسم ـ،

وقبل كل شيء أخبرته بقصة نوري السعيد ، وما قاله لي، ثم قلت له، خبِّر هؤلاء الذيـن جاؤا إلى بيتنا وهم لا زالوا أمام الباب ينتظرون الفريسة.

قال لي رئيس الوزراء : اصبر قليلاً ، فإنـي سأبعث عددا من رجال الشرطة لتفريقهم.

ثم قلت له: الآن فهمت كلام نوري السعيد ما الذي صنعتم بالبلد ؟

يقول الشيخ الشبيبـي:

أغلقت التليفون، ولم يمر سوى دقائق حـتى جاءت مفرزة من الشرطة، فأحاطوا بهؤلاء الشباب ثم فرقوهم عن الدار .

وعندما أُحتُلَّ العراق بقرار بائس..

ورفعوا الغطاء الملوث عن مخلوقات ظلت محبوسة لعقود طويلة وانطلقت هذه الجراثيم الملوثة تقتل وتذبح وتخطف وتسرق وتحلل ما تشاء و..و..و… وتناست أن الله يرى ،،،،،

فمن يعيد الغطاء الى السبتتنك ؟

بل من يعيد الملوثين الى السبتتنك ويغلق عليهم الغطاء…