اصوات تصرخ فرحاً, واخرى تصرخ حزناً, وهناك ثمة اصوات تنتظر الانتصار الاخير كي تقترب من الصارخين المنتصرين لتصرخ تأييداً, ففي اليومين الاخيرين ابتسم سياسيو بغداد لما حققته القوات العراقية من سيطرتها على مناطق كركوك, اما اربيل وسياسيوها فبدءوا باطلاق التصاريح التي تتهم بغداد بأنها تمارس عملية انفال ثانية, رغم ذلك بقيت ثمة احزاب صامتة لا تعلن عن موقفها الرافض او المؤيد لبغداد او اربيل.
لو دققنا في مواقف الاطراف المتصارعة لوجدنا بعض الخيوط سائبة لا نهاية لها, فمثلاً ضعف موقف بغداد ابان شراسة المعارك بين القوات العراقية وتنظيم داعش, اما اربيل فموقفها يظهر اكثر قوة ورزانة في مراة الاناقة. قد يسأل سأل عن سبب اختلاف المظهر لكل من بغداد واربيل رغم ان الطرفان يرتديان الزي العسكري ويحاربان داعش, وبما ان بغداد تحارب بدم فأن اربيل تحارب بماء, فالجواب لربما صعب!
بغداد التي تقوت بالدعم التركي والايراني فضلا عن الدعم الامريكي والاوربي تحاول ان تفرض سيطرتها على كركوك المحافظة الاكثر تنوعاً قومياً ودينياً وعرقياً وهي تمثل عراق مصغر, وثمة قائل هنا يسأل: لماذا اصبح موقف بغداد قوياً في كركوك بعد وفاة جلال طالباني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني؟ الاجابة على هذا السؤال سهلة نوعاً ما, فبعد زيارة قاسم سليماني-احد ابرز خيوط ايران المتينة في العراق- الى قبر طالباني ولقائه بعائلة طالباني واعضاء الحزب الديمقراطي اللذان يربطهما تأريخ دسم مع ايران, تأثرتا العائلة الطالبانية والحزب بدسومة الطبق الذي تعهدت ايران بإيصاله “ديليفري” الى السليمانية.اظن ان الطبق هو تعاون تجاري –غير شرعي- كما يشهد التأريخ الرابط بين ايران والسليمانية لعقود من الزمن او هو طبق ادسم برائحة نفط وخصوبة ارض كركوك.
اما بغداد التي توالي الجميع وتخضع لسياسة الجميع فهي فلن تذوق الطبق الدسم, وان ذاقتهُ فيكفي انه تذوق فلا يغني عن فقر ولا يشبع عن جوع, اما اربيل فلن تشم رائحة الطبق المُعد بأيادي جميلة تشبه ايادي العذارى!