23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

كركوك … والمطار الدولي…

كركوك … والمطار الدولي…

 اذا نظرنا الى المدن النفطية في العالم كيف تطورت وتحولت من مدينة صحراوية الى مدينة مزدهرة بالعمران والحدائق والمساحات الخضراء الشاسعة والمطارات الحديثة المزودة باحدث الاجهزة بحيث اصبحت بعضها من اشهر واجمل مدن العالم قاطبة .
   لااعلم كم يأخذ الحكام والرؤوساء والامراء  في البلدان النفطية من خيرات النفط ولكن الترف والبذخ التى يتمتعون بها يدل انهم يأخذون اكثر من حقهم .
  ولكن مقابل ذلك ترى ايضا المستوى المعاشي العالي للمواطن  في وطن  معمور فيه كافة متطلبات الحياة المدنية المعاصرة بالاضافة الى الامن والامان والتى لاتقل اهمية عن المادة ولا يعرف قدرها الاّ الذين فقدوها.
    ان تمعنت في تاريخ هذه المدن لتجدها قبل عشرات السنين كانت صحراء وبيوت من الطين والخيم  و فيها كل مظهر من مظاهر البداوة.
 واذا رجعت الى تاريخ العراق تجد اكتشاف النفط يعود الى القرن الثامن عشر واستخراجها منذ حوالي مئة واربعون عاما. ولو قسنا حالنا مع حالهم لنجد فرقا شاسعا سواء على مستوى الفرد  في افكاره ونظرته الى الحياة و الرفاهية التي يتمتع بهاومقدار دخله السنوي . مقابل الفرد العراقي الذي يعيش اكثر من نصفهم تحت مستوى خط الفقر رغم بيعنا كميات من  النفط الخام للخارج اضعاف مضاعفة مما يبيع الاخرين.
      ان قلنا سبب شقائنا… النفط والاستعمار سنكون غير منصفين … انظر الى هذه البلدان الغنية بالنفط لماذا شعوبها مرفهة؟
اذن هناك اسباب اخرى اما ان تكون جغرافية او تاريخية او اسبابا اخرى بحيث تجعل الذي يسرقنا يسلبنا امننا وراحتنا ورفاهنا حتى نظل في دوخة دائمة ولاننهض منها.
   ولانني ابن كركوك لفت نظري خبر في احدى المواقع الالكترونية عن وفد سيزور بغداد لاعادة مطار كركوك الى مطار مدني بالنظر لخلوه من الجيش الان… يالسخرية القدر… كركوك كانت قبل خمسون عاما لها مطار مدني  والان تتوسل لاعادة الحياة الى ذلك المطار… رغم امتلاك  بعض القرى لمطارات دولية.
لااعلم بالضبط منذ متى كانت مطار كركوك تنقل المسافرين بين بغداد وكركوك والموصل والبصرة ولكن الذي انا على يقين منه
  انه في بداية الستينات كان خالى يأتي بالطائرة من بغداد الينا ومرة قدم لي ( جكليت) وقال هذه من الطائرة فانها تمنع الدوخة… حينها لم تكن لاية مدينة عراقية عدا بغداد والبصرة والموصل مطارا .
     كل الذين حكموا العراق استغلوا مدينة كركوك وثرواتها . كركوك بقرة حلوب حليبها ولحمها لغير اهلها. وتحولت بدلا من مدينة  مدنية مسالمة الى مدينة عسكرية وتم تحويل مطارها المدني الى مطار عسكري للطائرات الحربية مع الاستيلاء على جميع الاراضي المحيطة بها بثمن بخس وبناء المعسكرات في محيطها على اراضي سكانها الاصليين .
بـــابـــاكــركــر … منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منها :
   لو سألت اي شخص مولود في كركوك ابا عن جد هل زرت منطقة باباكركر والنار الازلية … ؟… سيقول لا… بل اشاهده من بعيد فقط .
    اتذكر كالحلم حين اخذنا جارنا المرحوم علي سعيد بسيارته لزيارة باباكركر في الخمسينيات حيث حفرت حفرة برجلي وتوهجت نارا. وبعدها انا اعرف انها منطقة ممنوعة من الزيارة لو اقتربت منها سيكون الموت مصيرك. هكذا هي الحال منذ اكثر من خمسون عاما وفي كل العهود . سرقة نفط كركوك يعرفها الجميع سرقة شرعية لغير اهلها ولكن حتى التفكير في استرداد جزء من  ثمنها ممنوعة على اهلها . ينطبق علينا المثل – اذا تريد غزال اخذ ارنب واذا تريد ارنب اخذ ارنب –  سواء حكم العراق مَن يدعي انه من اهلها  او حكمها الاستعمار لاشيء لنا سوى الغازات  الضارة المنبعثة منها و نصيبنا من المشاكل التى تحدث بين الحرامية نتيجة جشع حرامي (ا) واستحواذه على حصة الحرامي (ب ).
   ان اعادة بناء وترميم  مطار كركوك المدني على احدث الاسس وتزويدها بأرقى الاجهزة التكنولوجية لهي ابسط حق من حقوق هذه المدينة العريقة عرفانا لسخائها وكرمها … وكفى اجحافا بحقها.