يبدو ومن خلال سرعة الاحداث التي حدثت في شمال العراق وتحديداً كركوك ، ودخول القوات الامنية والجيش الى محافظة كركوك والسيطرة على مؤسسات الدولة والمرافق النفطية نجد ان الاحزاب الكردية عموماً ضاقت ذرعاً بمسعود البرزاني فتخلت عنه في اخطر اللحظات ، فعملية دخول كركوك والتي لم تستمر سوى ٣٦ ساعة كانت سريعة وخاطفة واتت ثمارها سيطرة الحكومة الاتحادية الى كافة مؤسسات الدولة في المدينة ، الامر الذي يجعلنا نتساءل عن الخلفية التي كان يستند عليها البرزاني في تهديداته ضد القوات الامنية والتي كانت تحريضية ، كما ان الجهد التركي والايراني كان واضحاً في عملية استعادة كركوك ، خصوصاً بعد تكرار الزيارات التي قام بها ,,سليماني ,, الى السليمانية وتشجيع القوى الكردية على ضرورة الوقوف مع الحكومة الاتحادية واستعادة السلطة والقانون في المدينة والتي ظلت تحت الحكم البارزاني منذ عام ٢٠٠٣ ، معركة استعادة مدينة كركوك لم تستمر طويلاً ، ولا توجد خسائر تذكر وعملية استرجاعها الى القانون كانت بيضاء ، لكن مسعود البارزاني خسر رهانه الا وهو وقوف الشعب الكردي الى جواره ، اذ وبعد الخلافات العميقة بين الحزبيين الكرديين اتضح للجميع ان ماقام به مسعود من استعراض وفرض عضلات لم يكن سوى بالونه انفجرت عند اول طيرانها ، اذ اتضح ان الاستفتاء لم يكن قضية مجدية كما يصور ويتبجح ، كما ان هذه العملية العسكرية السريعة والخاطفة ستعيد الثقة للاحزاب الكردية بعد الضغوط التي مارسها البرزاني ضدهم ، كما انه ايمان حقيقي بوحدة الاراضي العراقية من الشمال الى الجنوب ،وان الدستور هو الرأي الحقيقي لمصالح شعبة بمختلف قومياته واديانه وطوائفه ، ناهيك عن الثقة الكبيرة التي استعادها الجيش العراقي والقوات الامنية والحشد الشعبي وكبح جماح البرزاني وطموحاته التوسعية ، وفشل المخططات الرامية الى شحن ورفع البرزاني نحو المواجهة مع الحكومة الاتحادية خصوصاً وان هناك مساعي كان يقودها علاوي والنجيفي والتي باءت بالفشل .
بالتاكيد سوف نشهد صراع تسقيطي بين الحزبيين الكرديين ، كما ان مدينة كركوك ستشهد احداث وعمليات ارهابية لان هناك ارتباط كبير بين الحاضنات وبين الدواعش في المدينة ، ناهيك عن الغطاء السياسي الذي كان في المدينة على داعش ، الى جانب ذلك ستعمد الولايات المتحدة الى افساح المجال امام تركيا وايران لممارسة دور لها في شمال العراق و تحديداً كركوك ولكنها لن تترك الامور هكذا وستحاول مسك العصا من الوسط ، كما انها ستحاول ان تحفظ ماء وجه البارزاني باعادة جزء من الاستفهامات ، واجبار الحكومة على ضرورة الجلوس والحوار بين طرفي
ختاماً ينبغي على الحكومة حفظ هيبة الدولة وتنفيذ القانون ، وان يكون الدستور هو الحد الفاصل بين الفريقيين ، مع ضرورة اعادة رسم الادوار في مدينة كركوك ، وافساح المجال امام الاقليات الاخرى في ممارسة دورها في ادارة المدينة ، والسعي الجاد من اجل احكام السيطرة على مرافق ومنشأة الدولة النفطية وغيرها ، واستعادة قوة الدولة وهيبتها ومنع اي تجاوز على القانون العراقي ، وان الخطوات التي قامت بها الحكومة دفعت الكثير من القيادات الكردية نحو التفاوض والتهدئة والتفائل السياسي الحكيم .