23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

كركوك الأزمة المتجددة بين المركز والاقليم

كركوك الأزمة المتجددة بين المركز والاقليم

قضية كركوك شكلت على الدوام الخاصرة الدامية في جسم العلاقات بين الحكومات العراقية المتعاقبة في بغداد والأكراد , حيث ادعى الاكراد بان كركوك الغنية بالنفط منطقة ( كردية) بينما اعتبرت الحكومة العراقية كركوك محافظه عراقية, لانها تضم خليطا من السكان العرب والتركمان بالإضافة الى الاكراد والمسيحيين, الا ان قراءه اكثر رزانه تشير الى ان النزاع بدأ فقط لحظة اكتشاف النفط في كركوك

في عشرينات القرن العشرين , ونمو صناعة النفط فيها بدأت هجرة الاكراد من المناطق الكردية التي تقع شمالها حتى اصبح الاكراد يشكلون ٣٠% من سكان محافظة كركوك,ويجب القول ان هجرات سكانية كبيرة حدثت في كل محافظات العراق منذ وقت طويل لاسباب اقتصاديه واجتماعيه وكركوك ليست استثناء.

تعد كركوك من أهم القضايا التي تهم الامن الوطني العراقي لما لكركوك أهمية اقتصادية فائقة واستمرت العلاقة المتشنجة بين الحكومات العراقية والأكراد حتى الآن حول كركوك, فقد تسبب حالة الضعف والوهن للنظام السابق عام ١٩٩١, تنامي الأطماع الكردية الهادفة الى ضم كركوك الغنية بالنفط الى منطقة الحكم الذاتي, حيث استغل الأكراد الفرصة السانحة حيث دخلت القوات الكردية الى كركوك واقدمت على حرق السجلات والوثائق والبيانات الخاصة بالطابو والنفوس, بهدف محو كل ما يشير الى عدم تمتع الأكراد بالاكثرية في كركوك والتأثير على التركيبة السكانية فيها لصالحهم قبل أن ينسحبوا منها.

وقد زاد العزم والتصميم على ضم كركوك بعد زوال قبضة الدولة المركزية تماما بسقوط النظام,حيث كثف الأكراد من اجراءاتهم الهادفة الى تكريد منطقة كركوك والتطهير العرقي للعرب والتركمان و استغلوا علاقاتهم الوثيقة مع المحتل الأميركي وسيطرة قوات( البيشمركة) الكرديه على كركوك وقيام قوات الاحتلال بفرض محافظ كردي على المدينة وتعيين مجلس بلدي للمحافظة غالبية أعضائه من الأكراد, فقاموا إجبار العرب على ترك مدنهم وقراهم ومارسوا سياسة القهر والاضطهاد والاعتقال بدعم من المحتل الاميركي وضيقوا على التركمان بهدف دفعهم لترك المدينة , واستجلبوا نحو مائتي الف كردي الى كركوك من ايران وسوريا وتركيا والمناطق الشمالية بحجة أنهم كانوا من المرحلين من قبل النظام السابق لتغيير التركيبة السكانية في المدينة, التي يبلغ عدد سكانها ٩٠٠ ألف نسمة, ويشار هنا الى ان الاحتلال الاميركي شجعهم على السيطرة على كركوك مكافأة منهم على دورهم في احتلال العراق

وحتى لا تقوم للعراق قائمه قد تعود بالقوه له بما يوهله لإعادة لحمة أرضه وشعبه فلا بد من بعثرة اجزائه لاكثر من جزء ,فأقدم الاحتلال على إصدار قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت الذي تمت صياغته بوحي اميركي ثم الدستور الذي هو نسخة من قانون ادارة الدولة ,اريد منه ان يؤسس لنظام طائفي في العراق ويمهد لتفتيته عرقيا وطائفيا ويفكك مؤسسة صنع القرار في الدولة ويعيد بناءها باسم منع عودة الاستبداد لتحل محلها دويلات داخل الدولة تحت مسمى حكومات الأقاليم تمتلك سلطة حقيقية وجيوشا , حتى اصبحت مسالة اقامة الدولة الكردية وفق دستور بريمر مسالة وقت بانتظار الظرف الناضج لاعلان ذلك, وما المطالبة بكركوك لكي تكون عاصمة الاقليم, الا ان الاكراد يعرفون حق المعرفة انه بدون كركوك الغنية بالموارد النفطية لا قيمة لدولتهم الكردية ,حيث ذكرت صحيفة واشنطن بوست ان رئيس الاقليم السابق مسعود البرزاني لن يعلن الدولة الكردية الا بعد احكام السيطرة على كركوك والمناطق المختلطة.

بعد سقوط الموصل وانكسار الجيش العراقي في الموصل والمحافظات الاخرى, استغل الاكراد الفراغ الحكومي وسعوا بداب وثبات لتعزيز سلطتهم ووجودهم في كركوك والمناطق المختلطة, تلك المناطق التي تؤمنها القوات الحكومية العراقية, الا ان الاكراد بدوا يناورون من خلال الأزمة العراقية واحتلال داعش الارهابي مناطق كثيرة لتحقيق مكاسب اكثر, وبدأت القوات الكرديه بتدمير القرى والمنازل اثناء القتال مع داعش, وأشارت منظمة(هيومن رايتس) الدولية المعنية بحقوق الانسان الى ان القوات الكردية قامت بتدمير القرى العربية بأكملها بطريقة غير مشروعة وقالت ان بارزاني أبلغها رفضه عودة العرب الى قراهم لانها كردية وأنهم ينوون دمجها مع الإقليم الكردي.

الا ان احلام رئيس الاقليم السابق لم تستمر طويلا ففي فجر الإثنين ١٦ أكتوبر ٢٠١٧ وبعد هزيمة داعش

الارهابي استطاعت القوات العراقيه دخول كركوك وبسط سيطرتها واعادة الامن والاستقرار بعد عبث الانفصاليين الاكراد.

إن ما جرى ويجري في كركوك والمناطق المختلطة التي تم اختطافها بالقوة في لحظة ضعف الحكومه وانشغالها بمحاربة داعش الارهابي ,يفضح النوايا الحقيقة الكردية في تهديد وحدة العراق ارضا وشعبا, ولا بد من كبح جماح الدعوات الكردية الانفصالية التي تصاعدت بعد ما لمست سكوتا وصمتا يثير الدهشة والريبة من قبل بعض الجهات الرسمية والقوى السياسية الاخرى التي وقفت متفرجة على ما يجري في كركوك من سياسة تكريد منظمة لتغيير الهوية الديموغرافية لكركوك العراقية.