رانية أبنتي الصغيرة وعدتها بشراء هدية بسيطة متواضعة,لالتزامها بقواعد احترام البيت ,شرط أن لا تؤثر على ميزانية المصرف,طالبتني بشراء كرسي صغير لها فأخذتها لمحل يبيع الألعاب فكنت أظن أنها ستختار(دمية أو أي شيء يخص البنات ) فشخصت ما تريده من اللعب التي كانت معروضة في محله ,فكان ذهابها مباشرة نحو كرسي شكله جميل يسر الناظر ,أصابتني الحيرة لماذا الكرسي ؟عدنا للبيت ومعنا هدية الكرسي وكيك ومشروبات غازية ,وأقمنا احتفال كبير بوجود صديق العائلة الجديد (الكرسي)،أختها فاطمة بادرت في توجيه سؤال لي على الانفراد : بابا أريد كرسي مثلها والا أقمت الدنيا وأقعدتها فوعدتها خيرا بذلك ,طلبت (فاطمة ) أن تجرب الجلوس على الكرسي فانتفضت رانية بشدة وعبرت عن غضبها بصراخ مما اضطرتها لضربها بالعصا تعبيراً عن سرقة جزءٌ مهم من هويتها وكيانها ،حتى جاء الليل فوضعته بجانبها خوفاً عليه من عملية سرقة قد تحصل أو استحواذ من المتآمرين عليه و لا عرف من هم ؟
ثم وقفت وبيدها لعبة مسدس تحيط بالكرسي عن يمنيه وشماله مدافعةً عنه من الأشرار,وفي صباح اليوم الثاني حزمت أمري وذهبت لنفس المحل واشتريت كرسي جديد (لفاطمة) وأعطيته لها كهدية دعماً للمساواة فيما بين شقيقتها ,هنا حدثت المصيبة الكبرى عندما رأت رانية كرسي جديد في البيت حل ضيفاً علينا غير مرغوب فيه ,تحول سكون الدار وهدوئه لفوضى عارمة ومشاكل أزمات لا تنتهي ,بدأ صراع جديد بينهن بسبب لعنة الكرسي كل واحدة منهن تظن وتعتقد أنه لا يمكن أن يكون هنالك سوى كرسيها في البيت ولها الزعامة فيه إما لها أو لفاطمة ,ذقت ذرعاً وألماً بمشاكلهن وصل الأمر بي بانعكاس هذا التذمر على صحتي وراحتي,حتى خطر ببالي تقديم أجازة لمديري لأخذ قسطاً من الراحة لسوء تصرفاتهن ,بعدها ذهبت لأحد الأصدقاء من الذين لديهم تجربة وخبرة كبيرة في أدارة شؤون المنزل وشرحت له الموضوع من الألف للياء ,عسى أن يجد حلاً لمعاناتي,فأشار لي بنصيحة وهي بأن أستبدل الكرسيين بزحليقة وحوض ماء لأنها لا ينميان لديهما حب السطوة والسلطة والغرور,عندئذ
تذكرت قول هارون لابنه المأمون: “يا بني المِلك عقيم ولو نازعتني أنت على الحكم لأخذت الذي فيه عيناك”، أي لقطعت رأسك .