عندما تم تخطيط الخارطة العراقية، في العهد القديم لم يكن هنالك شيء إسمهُ كردستان، وبعد تحرر العراق من الهيمنة العثمانية بدخول الإحتلال البريطاني كذلك، إنتهى بثورة العشرين الخالدة، التي عرّفت العالم ببلد أسمهُ المملكة العراقية، وتعاقبت الحكومات الى أن أصبحت جمهورية، وتوالت الثورات ليكون آخرها حكومة البعث، الذي أسس الطائفية والقومية، والتناحر بين الأديان والاقوام والطوائف، ليكوّن اللبنة الأساسية لتفكيك لحمة الشعب العراقي، الذي يمتلك تاريخ لا تملكه كثير من الدول سواء الحديثة أو القديمة منها، لكن الديمقراطية العرجاء التي تعاني من الانفراد بالسلطة، جعلت الشركاء يتمادون لأكثر من الأحلام !.
الشعب الكردي جزء مهم من المكون العام للدولة العراقية، ولا يمكن الإستهانة بهم، وهم متعايشين منذ القدم، وإن لم يكونوا سومريين أو آشوريين أو أكديين، حتى لو جائوا من القمر، المهم اليوم أنهم عراقيين ولا يمكن القبول بالمساس بهم مهما كانت الذرائع أو الحجج، ولكن بعد إقرار قانون فيدرالية إقليم كردستان، هل تَنَعّمَ الشعب الكردستاني بخيرات بلده بعد إقرار الميزانية، وماهو الملموس في الحياة اليومية، هل وصلوا لحالة الإستقرار بعد التناحر السياسي بين الشركاء خاصة اليوم؟ وتداعيات التلويح بالإنفصال من قبل جهة معينة، سيما وأن تصدير النفط عبر الإقليم لازال يتدفق لميناء جيهان التركي .
ليس من المعقول ضمن التوقعات، أن دول الجوار التي تظم بين ألوانه قومية كردية، وتقبل بدولة إسمها كردستان! وضم أكرادهم بإنشاء الدولة المزعومة، وتأخذ أراضي تلك الدول، وتركيا بالأمس ضمت الإسكندرون السورية، وتطمع بالأراضي العراقية، وتهب لإقليم كردستان أراضي! أو إيران التي تعتبر اليوم أكبر قوة بالشرق الأوسط، وتهدد بالعلن إسرائيل وامريكا وبكل ثقة، خاصة المصالح الأمريكية في الخليج والتقارب الحاصل بين تركيا ومسعود البرازاني بالذات ليس لاجل سواد لا الإقليم ولا لشعب الإقليم إنه النفط الذي تبيعه بسعر أقل من السوق بسبعة دولارات .
الذي لايعرفه الشعب العراقي بالعموم والإقليم بالخصوص، أن البرازاني إتفق مع تركيا ببيعها نفط الإقليم لمدة خمسين عام! وإستلم مبلغ سنتين مقدماً، فهل هذا صحيح مثلاً، ومن المعروف أن الثروات ليست ملكاً لاحد، بقدر ماهي أموال الشعب، والمطروح أن بعض الموظفين تركوا الوظائف! لأنهم يعملون مجاناً، وبعض المدارس أغلقت أبوابها، فقط الذين يستلمون هم الحاشية، وبعض من البيشمركة والمعارف، والحكومة الإتحادية تقف متفرجة دون إتخاذ إجراء قانوني ضده، ولا نريد التذكير بأن شعب الإقليم لاحول ولا قوة، جراء الديكتاتورية التي يمارسها حزب البارزاني ضدهم .
ربط نفط كركوك بالاقليم كان إحتيال، وتمنياته بظمها للإقليم في قادم الأيام، مع العلم أن هنالك إتفاق بعدم التلويح بالإنفصال! والميزانية السنوية التي تم ربطها بالنفط، الذي يتم تصديرهُ من خلال شركة سومو، كان أفضل إتفاق للسيطرة على التصدير، والذي أبرمه الدكتور عادل عبد المهدي، وإن كان التهريب مستمراً في جنح الظلام، لملأ الجيوب التي تستغل سكوت الحكومة الإتحادية، وعدم إحداث بلبلة، كوننا نخوض حرباً ضد الإرهاب العالمي، ونريد تكوين دولة قوية، وإذا كانت على المال فسيتم تعويضه مستقبلا، لكن التمادي بقي مسيطراً .
كل الدول وخاصة المجاورة، والتي لديها قومية كردية بضمنها تركيا، لا تحبذ قيام دولة كالإقليم في العراق، والمصدر الوحيد المدر للمال هو النفط ولا تملك غيره، وما تحريض أردوغان ليس لأجل سواد عيون مسعود أو كائناً من يكون، فقط لأجل إمتصاص النفط بالأسعار المخفضة، وهو أول من سيقف بوجه قيام الدولة الكردية، فيما لو تهيأت الضروف، وهو متأكد من عدم قيامها! سيما وأن المسار السياسي اليوم بدأ يتخذ منحى آخر، بعد قيام قوة من الإقليم بمحاصرة شركة نفط الشمال، وتهديد الحكومة المركزية، وكأنه يريد الدخول بحرب فتنة يقاتل أبناء الشعب الواحد أنفسهم، ولا من أحد يسائله عن مصير الأموال التي قبضها جراء تصديره النفط، والاقليم يشكو من قلة الأموال، ويمر بأزمة ستطيح به مستقبلا، فيما لو إنتهج هذا المنهج الذي يدل على التمرد على الدولة والتفرد بالسلطة.