شاهدت شريطي فيديو للمشمول بمساحة ” المحتوى الهابط ” علي الشريفي ، والذي افرج عنه القضاء لقناعته ان ما كان يقدمه لم يكن مستوىً هابطاً أو لأسباب أخرى !
الشريط الاول يبدو من داخل معتقله وهو يستجير بوزير الداخلية لاطلاق سراحه خصوصاً وإن والدته على مشارف الموت كما قال..
كان الرجل يائسا ومنهاراً ومهزوماً من الداخل ، محطم الكرامة بشعره الاشعث ولحيته الكثة وتعابير وجهه الخائفة بل المرعوبة من المجهول الذي يعتقد انه ينتظره ، وكادت دموع الاستجارة ان تطفر من عينية لولا ملامح كرامة هشة مسحوقة لعراقي اجتاحه اعصار تسونامي ” المحتوى الهابط ” الذي اختلطت وتشوشت مفاهيمه حتى احترق بها الاخضر واليابس !!
ورأيته في الشريط الثاني كما لو انه خرج تواً من غياهب بئر باردة مظلمة أو أطل من نفق مظلم لاح له فيه شعاع ضوء بعيد ، كان يهلل أمام باب المحكمة التي افرجت عنه ، محتاراً في اختيار كلمات الثناء والمدح للقضاة والمحكمة والدولة بكل رموزها نازعا عن نفسه روحه الانتقادية محتفظا ببعض روح الدعابة وهو يصف جمال القضاة واريحيتهم داعيا المشمولين بـ ” المحتوى ” الى زيارة المحكمة التي سيجدون فيها العدالة وتطبيق القانون بروحيه العدالة نفسها وليس بنصوصه ..
وشاء تعكر مزاجي ان يريني فيديو أخر لمن تسمي نفسها وردة وهي تذرف الدموع على مستقبل اطفالها ، ومكسورة ايضا مستجيرة بمن يستطيع ان يطعم اطفالها وينقذهم من جائحة الجوع الذي “هبط” عليهم فجأة ، والحقيقة انها لم تكن خائفة من الجوع وانما مرتعبة مما يمكن ان يحصل لها جراء حملة المحتوى الهابط ..
لست معارضا تماما لفكرة محاربة ” المحتوى الهابط ” بل كنت من الداعين الى معالجة هذه الظاهرة قبل ان تتبناها الحكومة كمنهج حالياً ..وهنا سأكون داعيا الى منع هذه الاستجارات والبكائيات بطريقة تسيء الى كرامة الانسان العراقي ، التراجع عن الخطأ مطلوب ، والاعتذار عن الاساءات التي تعرض لها المجتمع بسبب “المحتوى الهابط ” مطلوب ، وهي دعوة للمشمولين بهذا المحتوى الى تقديم تراجعات واعتذارات هادفة ومقنعة تحترم كرامتهم اولاً ليكون التراجع والاعتذار مقنعا هو الآخر ثانياً ..
وادعو ايضا وزارة الداخلية الى عدم الاسراف في استخدام تعليمات محاربة المحتوى الهابط ، فـ 95 الف امر اللقاء قبض ، بحسب السيد سعد معن ،رقم على ما اعتقد مبالغ فيه ، وان كان حقيقياً فالغالب ان السبب هو في التوسع بتفسير معنى ومضمون المحتوى الهابط الذي ربما يشمل أي نوع من انواع النقد التقويمي للنشاط الحكومي او التشريعات النيابية او تصريحات المسؤولين على مستوياتهم كافة ..
عرّفوا ” المحتوى الهابط ” حتى لاينجرف اليه آخرون ..وامنعوا بكائيات الاعتذار حفاظاً على كرامة الانسان !