23 ديسمبر، 2024 8:11 ص

كدنا أن نصبح بنمط أمريكي

كدنا أن نصبح بنمط أمريكي

تذكرني مقولة راجت كثيرا بين أوساط المجتمع الجزائري في زمن استقالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفلقة حين اختلط الحابل بالنابل تقول “مددوا له العهدة و لو بأشهر” لان حينها مسألة عدد العهدات ليست مدونة في الدستور و أبدية الرئاسة من بذهنيات محيطنا الإفريقي و العربي.
و أتضح بعدها من خلال مسئولين في تلك المرحلة حكموا و سجنوا على أساس نهب المال العام في الغالب و بدأ الرأي العام يتعجب بين ما كانوا يقولون للشعب و ما يفعلون ورائه و تداولت العامة مقولة يأتينا الفرج بمَنْ جاءت به الظروف يكون كمَنْ جاء بالمنطق و هل القديم يأتي بالجديد هي عبارة لها عدة أوجه و معاني و مصطلحات قد تعطي الفائدة الإيجابية و قد يكون العكس لكن ما يحدث بشعار الجزائر الجديدة تجاوز العبارتين و الظروف و الذهنيات و التأويلات و ضرب هذا المنطق عرض الحائط و كل ما هو أمامه و قاد السفينة إلى بر الأمان. في بعض الأحيان يتوجب الكلام لتوضيح أو لتعليق وجهة نظر لأنه وسيلة التواصل و خاصة إذا كان بنفس اللغة التي يريد المتكلم أن يدلي بها، و أن يفهم جيدا بنفس اللغة التي يمتلكها و يستعملها المخاطب.
في مجال تسيير البلد بين الأمس و اليوم في بعض الأمثلة :
فلو نسرد بعض المقارنات بالماضي القريب يوم كانت “الفرشة بشْلاغَمْها” حيث وصل احتياط الجزائر حسب الإحصائيات الى 194 مليار في سنة 2015 بالظرف الحالي المقدر. يبدو أن هناك نظرتين مختلفتين في كيفية قيادة السفينة و إعداد البرامج التنموية الشاملة في تخطيط التوازن و خاصة ما هو ضروري في حياة المواطن في المناطق الداخلية و الجنوب بالخصوص. هل ذهنية المستعمر ما زالت قائمة في جذور جزء من المجتمع الجزائري ؟ أم هي في طريق التلاشي و استدراك ما فات ؟.
-أنجزنا الطريق السيار في وقت الفرشة و أهملنا طريق الوحدة الإفريقية شريان اقتصاد البلاد و تواجدها في إفريقيا التي تم فتحها بسواعد شباب الخدمة الوطنية في السبعينات و ما يتمخض عنه من فائدة للوطن.
– تم غلق شركة صيدال الوحيدة و سجن مسيريها و اليوم تم شغلها فواعدت ب 100 دواء لتعويض الدواء الفرنسي مع إنشاء وزارة و إنشاء مصانع.
– في ما سبق لم تتمكن الجزائر من تجاوز 1 مليار دولار من صادرات سنويا خارج المحروقات و اليوم نصدر ضعفه في سداسي من سنة 2022 فقط.
– في ما سبق تم غلق ما يقرب 1200 شركة عامة وبيعها بالمجان تحت غطاء الخصخصة حتى لبعض الأجانب الذين حَوَلوا تلك الشركات التي صنعت مجد الصناعة الوطنية إلى مستودعات لنفس المواد تستورد من الخارج بالعملة الصعبة الوطنية التي مصدرها النفط فتم الشروع في تحريرها
– لم يعطي أي ثمار للبلاد ما وُقِعَ في مدينة بالنسيا في 2002 باتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي الذي أعتبر اتفاق استسلام الجزائر لأوروبا، و اليوم تم تعويضه بالموارد البشرية المحلية.
– كانت الجزائر تستورد 12 مليون طن سنويا من القمح الفرنسي ب 3 مليار دولار سنويا وهو ما يفوق حاجة البلاد بمرتين و اليوم تسعى بالاكتفاء بالإنتاج المحلي.

بالأمس تقرر التنازل لصالح الهندي لاكشمي ميتال عن مفخرة صناعة الصلب الوطنية والعربية مصنع الحجار و تعود الحكومة لشرائه من المستثمر الهندي مقابل 1 مليار دولار في شكل خردة و اليوم تم إعادة إنتاجه.

بالأمس تم توزيع مئات الاف الهكتارات من أجود اراضي البلاد لغير المؤهلين و اليوم استعادتها لأهل المهنة.

أُصْدِرَ في قانون مالية تكميلي 2009 بند لقاعدة الاستثمار 51/49 يتيح المجال لكبار المسؤولين في الدولة للسيطرة على القطاعات الحيوية في الاقتصاد. فعوض باستثمار حقيقي و محلي بدء بالواد سوف و أدرار و ورقلة

لو نتمحص في الشارع الجزائري لنتبنى هذا العنوان و نجعل منه منهاجا وعبرة نأخذ منها الدروس التي تفيدنا ألا وهو ” يكون احسن استغلال للثروة ما دامت ظروف الضمان و الاستقرار و المطمأنينة متوفرة” و ندعمه بما نشرته مجلة الجيش : “شعبنا أصبح أكثر وعيا وإدراكا لنوايا المغامرين ولمخططات دوائر لم تستسغ أبدا التوجه الوطني الجديد الذي تسلكه بلادنا”. و تبقى المعادلة المتعلقة بطموح سير السلطة في الظرف الحالي من معطيات بالإمكانيات و انتهاز فرصة التموقع على الصعيد القاري و الدولي. فمتى يصبح المجتمع بحجم الدولة فكريا ؟.