22 ديسمبر، 2024 6:43 م

كثرت علينا الكذابة والدجالة (3)

كثرت علينا الكذابة والدجالة (3)

ان الحرب الناعمة والعمليات الاعلامية المؤدلجة والموجهة ضد مكون ما او بلد ما ؛ تمهد للحروب والانقلابات والمعارك والعمليات العسكرية والارهابية والدموية او للتحولات السياسية والاجتماعية … ؛  ذلك أن هذا النوع من الحروب – الناعمة –  لا يبتدئ بالعساكر والاسلحة ، وإنما في النفوس والعقول  والعواطف ؛ اذ يعمل على تغيير القناعات وتبديل الاعتقادات والرؤى والولاءات ؛ فهو اشبه بعمليات التنويم المغناطيسي او غسيل الدماغ ؛ وينجح هذا النوع من الحروب في اوساط المجتمعات المأزومة والتي تعاني من غياب الرؤية السياسية الواضحة والهوية الوطنية والثقافة الرصينة والعقيدة الراسخة ؛ والمصابة بأمراض الطائفية والعنصرية والفئوية , والتي تسارع الى الاحتكام للقوة المفرطة والعنف والاستعانة بالأجنبي … ؛ عند حدوث سوء التفاهم والخلافات والنزاعات واختلاف وجهات النظر .

وبعض وسائل الاعلام العاملة في الساحة العراقية تعمل ضمن دائرة  البروباغاندا , ولا نستطيع تجاوز الحقيقة , من خلال التغافل عن  المؤامرات و الاخطار او تكذيب الوقائع والمخططات والاخبار , فالحرب ضد العراق الجديد ؛ حرب ضروس لا هوادة فيها , وعلى مختلف الاصعدة ,  والحرب الإعلامية جزء منها  , والكل مشترك في هذه الحرب القذرة ضد الأغلبية والامة العراقية والتجربة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ؛ بدءاً من الامريكان والبريطانيين والغربيين ومرورا بالدول المجاورة والاقليمية وانتهاءا بالزمر الطائفية وشراذم البعثية والصدامية والتنظيمات الارهابية والعصابات الاجرامية والانفصالية .

وفي ظل هذا الاعلام الارهابي والدموي الاحمر , وبتشجيع وسائل الاعلام الصفراء الطائفية والعنصرية والمناطقية الحاقدة ؛ نشأت وترعرعت العصابات البعثية والصدامية والتنظيمات الارهابية وفلول الفاسدين والمخربين والعملاء المنكوسين ؛ حتى اسفرت تلك الحاضنة الشيطانية عن ولادة اللقيط المسخ والمشوه ( داعش )  والذي عبر عن حقيقتهم وعقيدتهم المنحرفة , وكشف معدنهم الرديء , وسلط الاضواء على جرائمهم المقززة والتي ارتكبوها ضد ابناء الاغلبية والامة العراقية ؛ طوال عقود من الزمن , وبمسميات مختلفة وذرائع شتى … ؛ ولا زالت هذه الحاضنة مستعدة لولادة المزيد من اللقطاء والمجرمين والجلادين والذباحين والمخربين .

ومن الغريب ان يتم تجاهل هذا الخطر الداهم , وتغض الطرف حكوماتنا واجهزتنا الامنية وقياداتنا واحزابنا السياسية ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني  وشخصياتنا الثقافية والاعلامية والدينية والاجتماعية ؛ عن انشطة وفعاليات الاعلام الطائفي والبعثي والصدامي والارهابي , وفي الوقت نفسه تتجاهل الشكاوى والتحذيرات التي يتقدم بها المواطنون واحرار وغيارى الاغلبية والامة العراقية ضد هذه الظواهر الاعلامية المنكوسة والمشبوهة والتي تتعارض مع قيم التمدن ومثل الديمقراطية وعادات وتقاليد الامة العراقية , وتمعن في ايذاء ذوي الضحايا والشهداء .

فهؤلاء الاوغاد والاعداء الانذال يمتلكون وسائل وأدوات إعلامية حديثة ومتطورة , وخبرات في صناعة الاكاذيب والسيناريوهات والاحداث المفبركة والاخبار الكاذبة ؛  كما يمتلكون  قدرات هائلة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الأداة الإعلامية الأهم في التأثير على الشباب  العراقي و العربي … ؛ واغلب مواقعهم وصفحاتهم وهمية او بأسماء مزيفة ؛ اذ تنشأ بأساليب الاحتيال والابتعاد عن عيون الرقباء والاجهزة الامنية … ؛ ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات والمواقع الاعلامية  الاخرى ؛ لتنفيذ عدة اهداف , وبأشكال وصور متنوعة ومختلفة ؛ ومنها على سبيل المثال وليس الحصر : الترويج للساسة العملاء والشخصيات البعثية والصدامية والطائفية والارهابية والانفصالية , وتبييض صفحات الانظمة الطائفية وحكومات الفئة الهجينة البائدة , ولاسيما النظام البعثي التكريتي الصدامي , وتسقيط كافة رجال وقيادات وشخصيات ورموز الاغلبية العراقية الاصيلة , بل وصل الامر بهم الى شتم الائمة من بني هاشم والاستهزاء بهم وعدم مراعاة مشاعر ملايين المسلمين والعراقيين , وإسقاط القدوة الصالحة والوطنية والشجاعة والنزيهة  بطريقة السخرية والنكات والتنمر , والترويج  لمقاطع فيديو عبر مواقع التواصل تسخر من الائمة ورموز المسلمين الشيعة , او شيوخ ورجالات الاغلبية الاصيلة , والدعوات المستمرة للإلحاد والتحلل الاخلاقي وضرب منظومة القيم العراقية واستهداف القيم والاخلاق والعادات والتقاليد والدين … الخ ؛ ومما لا شك فيه ان هذه الدعوات والانشطة والفعاليات  مسيسة ومقصودة ومنكوسة ؛ فالهدف منها ارباك الاوضاع العامة وتأليب الجماهير على التجربة الديمقراطية واسقاطها , للعودة الى مربع العنف والانقلابات والاعدامات والحروب والمقابر الجماعية والجوع والحصار والازمات والدكتاتوريات … الخ ؛ وعليه لو كانت تلك الامور تحدث وتجري ضمن مظلة القوانين والحريات الشخصية واحترام النظام الديمقراطي ؛ فلا حق لاحد بالاعتراض على هذا المواطن لأنه ترك الدين واصبح ملحدا , او شجب المواطنين الذي يشربون الخمر او يمارسون الرقص , او استنكار الافكار والرؤى التي تدعو لتغيير العادات السلبية والتقاليد البالية والتي لا تنسجم مع روح العصر والتحضر ؛ ان تم طرحها ضمن اروقة الثقافة والفكر والبحث العلمي … الخ .