23 ديسمبر، 2024 12:30 م

كتلة المواطن والأحرار.. ما هو القرار؟

كتلة المواطن والأحرار.. ما هو القرار؟

في انتخابات 2014 في العراق، كان المتوقع أن تنال كتلة المواطن أعلى الاصوات في وسط وجنوب العراق لاسباب موضوعية. اولا: الشارع العراقي الشيعي لا يمكن ان ينتخب إلا أحد اطراف الإتلاف الوطني نتيجة الاصطفاف الطائفي وتقديمها على الهوية الوطنية. وبما أن كتلة المواطن واضحة التوجه شيعيا فإن الناخب العراقي سيلجأ اليها في اختياراته بعد فشل دولة القانون في ادارة الدولة. ثانيا: نأت الكتلة عن الصراعات القائمة بين دولة القانون والاحرار من جهة وبين دولة القانون والسنة والاكراد من جهة اخرى، فبدت بذلك معتدلة سواء في اطروحاتها او مساعيها السياسية. ثالثا: لم تحصل كتلة المواطن على أي منصب وزاري فابتعدت بذلك عن الفشل الحكومي لكل من اشترك في الحكومة السابقة ولم تسهم في صفقات الفساد والاثراء على حساب المال العام مثل بقية الكتل. رابعا: تحرك السيد عمار الحكيم تحركات شعبية مؤثرة وكسب وجوها جديدة الى الكتلة مما عزز فرصها في الانتخابات. مع ذلك لم تحصل الكتلة على المتوقع، إما بسبب ما شاب الانتخابات من تزوير خاصة لاصوات كتلة المواطن أو بسبب الحرب في الانبار واستخدام السلطة وتوزيع المنح والاراضي والتقاعد في تحويل الاصوات الى دولة الثانون.

وفي الانتخابات نفسها حافظ تيار الاحرار على نسبة مقاربة من انتخابات 2010 لأنه تيار منغلق له اتباع يصعب ان يتحولوا سياسيا الى غير التيار الصدري، ولسبب آخر هو ضلوع تيار الاحرار في كشف الفساد ومعارضة الصيغة الديكتاتورية التي انتهجها المالكي وكذلك بسبب نجاح بعض وزرائه ومحافظيه على عكس بقية الوزراء والمحافظين من الكتل الاخرى.

وقد التقت كتلة المواطن وتيار الاحرار في تحالف مشترك هو التحالف الوطني الذي يعارض تولي نوري المالكي لولاية ثالثة. لكن وفق ظروف سنسردها أدناه ما الذي ينبغي عليهما فعله قبل أن يمارس عليهم الخداع من جديد؟

بدءاً، الولاية الثالثة للمالكي هو انتحار سياسي بمعنى الكلمة للمواطن والاحرار. سيفقدون قاعدتهم الشعبية تماما، وسيتم اجتذاب اعضائهم الى دولة القانون باغراء المناصب والمال او بالتهديد ولن تقوم قائمة لهما اطلاقا بعد ذلك. مستقبلا، سيرسخ المالكي من سلطته وسيتجه الى النظام الرئاسي، مع احتمالات تفكك العراق الى دويلات بحضور شبح الحرب السنية الشيعية الكردية القائم على الدوام.

يتهم خصوم السيد نوري المالكي أنه لا يحفظ العهود ولا المواثيق، وحينما يكون في وضع حرج يوقع على أي اتفاق مهما كان ثم ينقضه بذرائع شتى ليس آخرها مخالفته للدستور. أدلة ذلك كثيرة من بينها اتفاق أربيل، استفراده بالقرارات، ومحاربة حلفائه المقربين الذي اوصلوه الى السلطة، الايحاء بعدم احقية المرجعية بالتدخل سياسيا ثم التقرب منها حينما تقتضي المصلحة. وآخر الامثلة هو اعلان السيد المالكي مرشحا عن دولة القانون حتى قبل تحويل الإتلاف الوطني الى مؤسسة كقرار فردي، ثم اعلان الاتلاف الوطني هو الكتلة الاكبر في

البرلمان ثم نقضه ذلك باعلان دولة القانون هي الكتلة الاكبر. يوحي ذلك أن الرجل متشبث بالمنصب وليس هناك رجاء من محاولة اقناعه بترشيح عضو آخر من دولة القانون للمنصب رغم معارضة الجميع لترشيحه.

ماذا تنتظر كتلة المواطن وتيار الاحرار إذن؟

لا يخسر المالكي ولا إتلاف دولة القانون أي شيء من تأخير تشكيل الحكومة، بل بالعكس، كلما طال الزمن كان ذلك افضل بالنسبة له: فهو السلطة التنفيذية والتشريعية الآن، غرماؤه يدفعون الثمن يوميا من تأييدهم الشعبي، تزداد قناعة الناس أن الساسة الاخرون (ما عدا المالكي) يغامرون بمستقبل العراق كي يحصلوا على المنافع، يزداد رصيد المالكي من التأييد باعتبار انه يحارب داعش والارهابيين، يساعده اعضاء دولة القانون الذي يغزون وسائل الاعلام العربية والمحلية، مع بعض التأييد من المرجعية للجيش الذي يحسب لصالحه وكأنه يقود معركة حماية الناس من الهجوم البربري الارهابي المخيف.

ومع ان الوقت من صالح نوري المالكي نلاحظ ان كتلة المواطن وتيار الاحرار يساعدانه كي يحصل على ما يريد. لكن ما هو المطلوب منهما؟

* الاسراع في عقد تحالف ستراتيجي مع الاكراد والسنة واعلانه هو الكتلة الاكبر في مجلس النواب.

* الاتفاق على الرئاسات الثلاث دون الرجوع الى دولة القانون.

* العمل على ابعاد السيد نوري المالكي عن السلطة في اسرع وقت ممكن.

* البدء باعمال مجلس النواب واقرار الموازنة خدمة للمواطن الذي بدت علامات التذمر الهائلة تظهر عليه ولربما تحدث اشياء لا تحمد عقباها.

* البدء بحملة كسب العشائر العراقية في الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى لصالح الدولة واستعادة الموصل وغيرها من سيطرة داعش بمعاونة تركية ايرانية غربية في زمن قياسي.

* ارسال رسائل اطمئنان لايران وتركيا والسعودية وقطر على اعتبار ان العراق بلد يريد العيش بسلام مع جيرانه وتصفية الخلافات السابقة.

بغير ذلك، ستغرق سفينة كتلة المواطن وتيار الاحرار، وربما سفينة العراق أيضا.