23 ديسمبر، 2024 1:55 م

كتاب وإعلاميون فضائيون كتاب وإعلاميون فضائيون

كتاب وإعلاميون فضائيون كتاب وإعلاميون فضائيون

يبدوا أن مصطلح (الفضائيين) ، الذي شاع هذه الأيام بين الأوساط الحكومية والشعبية كإشارة إلى الأشخاص الوهميين في المؤسسة العسكرية وبعض وزارات الدولة العراقية ، سوف يستطيل إلى ابعد من ذلك بكثير ، ليلامس المؤسسة الإعلامية ، ويتغلغل في أوساط المثقفين والكتاب ، ليكشف عن وجود  كم لايستهان به من الفضائيين داخل هاذين الوسطين المهمين … أشخاص نسبوا أنفسهم  إلى مهنة الصحافة والإعلام بعناوين وهمية وزائفة ، ليس لها وجود على ارض الواقع ، إلا في مخيلتهم المريضة ، وما تضمره الجهات التي تقف ورائهم للنيل من الثقافة العراقية ، التي على ما اعتقد إنها أدرجت ضمن المؤامرة الكبيرة التي حيكت مسبقا لتحطيم والنيل من كل شيء قائم في العراق ، ولم يبقى إلا هذا الصرح لتناله يد العبث والتخريب ، عبر صناعة إعلاميون وكتاب وهميون …  في كل دول العالم تناقش القضايا الساخنة والحساسة التي تلامس هموم واحتياجات المواطن ، من قبل اختصاصيين تبعا لنوع الموضوع وحجمه وتأثيره على الشارع …. بعد إجراء استطلاعات إعلامية للرأي العام وجس نبض الشارع لمعرفة التوجه الذي سلكه الجمهور اتجاه هذه القضايا … الا في العراق فأن الكثير من وسائل الإعلام وبالخصوص القنوات الفضائية التي يعج بها الوسط الإعلامي هذه الأيام ، فان نبض الشارع تحول إلى آراء وتحليلات وتنظير ، من خلال إجرائها لمقابلات مع أشخاص عاديين على أرصفة الطرق وفي شارع المتنبي ، وطرحهم للجمهور تحت عناوين كبيرة ورنانة ، فهذا كاتب و محلل سياسي وآخر محلل اقتصادي وغيره باحث اجتماعي ، وهم ليس لهم علاقة بهذه العناوين لا من قريب ولا من بعيد … أناس عاديون أصيبوا بهوس الكاميرات وتحولوا إلى صائدين لها ، لا يمتلك معظمهم أي رصيد ثقافي أو معرفي ، إلا أنهم اجتمعوا على صفة واحدة وهي امتلاكهم الجرأة بالوقوف أمام الكاميرات … واغرب ما شاهدته هو ان إحدى القنوات المعروفة بمواقفها السلبية لكل ما هو قائم ألان في العراق …
أظهرت لنا رجل لطيف في إحدى برامجها وقدمته على انه كاتب وباحث وإعلامي ، واذا ما وضعنا هذا العنوان الكبير جانبا ، فأني تصورت انه سوف يتحدث عن طبيعة مهنته وخفاياها ، كوني اعرفه بأنه يعمل في مجال بناء الدور السكنية (مقاول)  … لكني فوجئت بأن مقدم البرامج سأله (عن اللغة العربية والمفردات الدخيلة عليها) ، ليصدح صوته بتحليلات وفرضيات وشواهد ، ما انزل الله بها من سلطان ، بجرأة وثقة بالنفس قل نظيرها ، وبمعلومات أطاح بها بكل تراث سيبويه والفراهيدي ، وجلال الدين الحنفي … ما هكذا تورد الإبل يا قنواتنا الفضائية المحلية ، العالم الغربي من أهم أسباب تقدمه هو انه أوكل  لكل شخص اختصاصه ومضماره الذي يعمل ضمن إطاره لا يتعداه الى ما سواه تحت أي ظرف أو سبب … إن  الثقافة العراقية ولغتنا العربية وتراثنا أمانة في أعناق الجميع وأولهم النخب ووسائل الإعلام … والعراق مليء بذوي الاختصاص والأدباء والكتاب الذين يستطيعون إيصال المعلومة الصحيحة والتحليل الدقيق إلى الجمهور .. والذي وجد الإعلام من اجله ، فلا تزيدوا من معانات العراقيين بترك الساحة إلى دخلاء الثقافة والمعرفة يسيطرون على شاشات التلفاز يبثون أوهامهم وجهلهم من خلالها … الجمهور يبحث عن النوع ، لا الكم والكثرة ، كقول شاعرنا عبد الغني معروف الرصافي … صام هنديا فجوع دولة … فما ضار علجا صوم مليون مسلم .