ان التفريق بين المقاومة والارهاب([1]) مسألة ضرورية لابد منها، ما دمنا نتكلم عن عن المصالحة الوطنية، التي من المفروض ان تهدئ النفوس وتفرق بين الصالح والمنتج لهذا البلد، وبين الطالح المضر له.
فالمبرر الوحيد الذي كان ينطلق منه الذين يخلطون بين المقاومة والارهاب، هو ان المقاومين لقوات الاحتلال والارهابيين يشتركون بحالة واحدة هي استخدام السلاح خارج رغبة وقرارات السلطة، مع الفارق في نية الطرفين الذي هو كالفارق بين الثرى والثريا، ويتمثل بطرف يوجهه سلاحه في صدور المغتصبين لارضه وخيرات شعبه، وطرف اخر يوجهه في صدور هذا الشعب بمجازر لم تشهدها تاريخ الانسانية على مر العصور.
هذا بالاضافة الى انه خلال الـ9 سنوات المنصرمة بعد عام 2003، لا يوجد دليل واحد على استهداف الارهابيين لقوات الاحتلال الامريكي، بل ان هناك تشكيكات ظهرت في هذه الفترة وادلة كثيرة كانت جملة منها على لسان بعض السياسيين المشاركين في كل الحكومات بعد الاحتلال، اتهمت من خلالها قوات الاحتلال بصلتها واستخدامها الارهابيين ضد ابناء الشعب العراقي واستهدافهم وابقاء حالة التوتر تغلف الوضع الامني العراقي.
وهذا نفس المنطلق التي انطلقت منه قوات الاحتلال ، بحمايتها لمنظمة خلق الارهابية التي استخدمت من قبل النظام السابق للقيام بمجازر ضد الشعب العراقي ، وخاصة في الانتفاضة الشعبانية التي انطلقت بعد حرب الخليج الاولى في 14 محافظة من محافظات البلد الـ 18.([2])
ولا بأس ان نفرق بين المفهومين من المنظور القرآني على وجه السرعة من باب الانصاف للمقاومة والادانة للارهاب:
أ- المقاومة (الجهاد)
قيل في معاجم اللغة: الـجَهْد (بالفتح) : الـمشقة، يقال :” اجْهَدْ جَهْدَك في هذا الأمر”، أي ابلُغْ غايتك. والـجُهْد (بالضم) الطاقة. ولا يقال اجْهَدْ جُهْدَكَ. أما في القرآن الكريم فلم يرد لفظ “الجهاد” كـ”اسم معرف بأل” (هكذا الجهاد) وإنما ورد الفعل (جاهد، يجاهد) والمصدر: “جهاداً” مقترناً في الغالب بفعله، ولم يرد منه في الذكر الحكيم مصدر المشاركة (مجاهدة) مثل “قاتل مقاتلة” لأن فعل “الجهاد” هو من جانب المسلم، لأنه يقاتل دفاعاً عن النفس أو في سبيل الله.([3])
ان المقاومة هي الوجه الحقيقي لما ورد في الشرائع السماوية لمفهوم الجهاد، قال تعالى : فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ(التوبة: 12). وقال تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج:39-40). وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (محمد:7). وقال تعالى : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحديد:25). وقال تعالى : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف:96).
هذا بالاضافة الى ان الاحزاب الاسلامية المنضوية في العملية السياسية ادرى قبل غيرها، بان كل الاعراف السماوية، اكدت بان استخدام السلاح ضد المحتل واجب عيني ولا يحتاج الى اذن الحاكم الشرعي، وهذا الباب يسمى بالفقه بـ (الجهاد الدفاعي).([4])
وعليه فإن الجهاد والمقاومة لا يستهدفان بأي حالٍ من الأحوال الرغبة في استخدام العنف أو الإرهاب كوسيلة، وإنما لديه أهداف أخرى شريفة وبريئة من تهم العنف والإرهاب.
وهذا الامر اكده الرئيس الامريكي جورج بوش، الذي اعلن في احدى خطبه بعد احتلال دولته ومن تحالفت معها للعراق، بان من حق الشعوب مقاومة القوات المحتلة لبلدانهم.
يضاف بان القانون الدولي المعاصر والإنساني اعطى للمقاومة الحق في الدفاع عن النفس، سواء حدث العدوان أو الاحتلال أو الاستيطان، وقد كانت وثائق مؤتمري لاهاي لعام 1899 و1907 تؤكد الحق في المقاومة وهو ما أكده ميثاق الامم المتحدة، الذي ابرم في سان فرانسسكو عام 1945، حين حرّم استخدام الحرب واستخدام القوة وسيلة لحل المنازعات الدولية، في حين كان عهد عصبة الامم قد قيّد استخدام القوة بينما حرّم ميثاق باريس (ميثاق بريان كيلوك لعام 1928) الحرب العدوانية.([5])
لقد أقصر ميثاق الأمم المتحدة، حق استخدام القوة على الدفاع عن النفس وحق تحرير الارض المحتلة، أي أنه أعطى هذا الحق لحركات المقاومة الشعبية، وكان ذلك إعترافاً بواقع حصل إبان الحرب العالمية الثانية، حيث هبّت شعوب أوروبا لمقارعة المعتدي النازي.
ولعل الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، اللذين دخلا حيّز التنفيذ عام 1976، وكذلك المؤتمرين الدوليين في طهران عام 1968 وفيينا عام 1993 حول حقوق الانسان، قد تجاوبت مع تطلعات الشعوب بخصوص حقها في المقاومة والتحرير، وهو الذي اعتبر قاعدة في القانون الدولي، خصوصاً بصدور قرار الجمعية العامة للامم المتحدة لعام 1970 الذي اعاد وجوب تجنّب الحروب العدوانية والنزاعات المسلحة وتأكيد حق المساهمة في حركات المقاومة من اجل الحرية، ومعاملة المقاومين او المنتفضين ضد الاحتلال كأسرى حرب عند إلقاء القبض عليهم، وهو ما أكده قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 عام 1970 المعروف بقرار “التعايش السلمي”.
وقد أكدت مجموعة من القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة بما فيها الاعلان المتعلق بمبادىء القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة التي دعمت حق الشعوب باستخدام جميع الوسائل، بما فيها الكفاح المسلح للحصول على الاستقلال والتحرير من ربقة الاستعمار والاحتلال.
وهنا لا بد من الاشارة الى البروتوكول الدولي الملحق باتفاقيات جنيف الصادر عن المؤتمر الدبلوماسي عام 1977 والخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، الذي يعتبر تطويرا للقانون الدولي الانساني لجهة الحق في المقاومة، لكن ” تسيّد” وهيمنة قطب واحد على العلاقات الدولية وضع المجتمع الدولي أمام إختبار جديد حول صدقية الشعارات المرفوعة، خصوصاً تلك التي تتبجح بقضايا حقوق الانسان من جانب القوى المتنفذة رغم أنها أصبحت جزءاً من مسار كوني ولا يمكن كبحه.
اذن لا مجال لاتهام من استخدم السلاح ضد المحتل باتهامات مثل الارهاب او العمل ضد النظام السياسي الجديد، وان المادة 7 من الدستور التي حضرت التعامل مع البعث الصدامي والارهابيين لا تمت بهم لا من قريب ولا من بعيد، لان عملهم في غاية المشروعية حسب الاعراف السماوية والدولية الوضعية، بل اسمى غاية لحفظ كرامة الانسان وممارسة بناء للبلد لا تختلف عن كل ممارسات الخيرين الذي يؤكدون على بناء بلدهم بناء صحيحا.
بل لا نبالغ بالقول انهم الاداة الاسرع لانهاء اي احتلال لبلد، وهذا ما اكدته كل صفحات التاريخ التي تناولت كثير من الثورات التي عجلت بانهاء الاحتلال، وثورة العشرين العراقية ما زالت شاخصة امامنا ونفخر بها بعد ان انهت الاحتلال البريطاني للعراق في عشرينيات القرن الماضي.
لذا من الصحيح القول ان تقوم الدولة العراقية بدعوتهم للمشاركة السياسية، ومن الخطأ دعوتهم للمصالحة، لان هؤلاء لم يستهدفوا الشعب ولا الدولة او مؤسساتها، بل كانوا يمارسون ممارسة انسانية سامية، اظهرت التزامهم بتعاليم دينهم الحنيف، وكذلك انسانيتهم وانتمائهم لوطنهم.
ب- الارهاب
ان الارهاب لا يمت للجهاد والمقاومة باي صلة، بل هو عكسهما تماما، كونه لا يستهدف الا الابرياء، وهذا الاستهداف لا يتعارض مع الاعراف السماوية فحسب، انما يتعارض حتى مع المعنى اللغوي للجهاد.
قال تعالى: من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً (المائدة 32). وقال تعالى: والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله إلا بالحق (الفرقان 68). وقال تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً (النساء 93).
لكن مصطلح الترهيب ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (الانفال: 60)، وهذا ما جيره البعض من خلال لفظة (ترهبون) للدلالة على معنى الجهاد في كونه إرهاباً، وإنه لا فرق بين الاثنين بحجة تصريح القرآن بذلك المعنى المجير في هذه الآية!.
وفي الرد على ذلك فأن هذه الآية الكريمة وردت في أمر التهيئة قبل خوض المعارك، فيأمر الله سبحانه وتعالى بضرورة تهيئة العدة والعتاد التي تحتاج إليها المعارك أو الحروب. والهدف منها إدخال الرهبة والخوف على العدو، بالمعنى البدائي للأصل اللغوي (رهب)، حتى يخشى فلا يتجرأ على الإغارة على المسلمين الآمنين، لأنه سيراهم يمتلكون الجيش المدرب والقوة والسلاح المطلوب، فحينها يرهب ويخاف من مباغتتهم وقتالهم؛ فالأمر هنا على سبيل الحماية والوقاية؛ وليس على سبيل التحفز للقتال والرغبة فيه.
والارهابيون المتعطشون للدماء اقدموا على استغلال هذه التشريعات السامية التي تحفظ الكرامة للانسانية، واستخدامها ضد الانسانية، حتى اوغلوا في دماء العراقيين الذين اصبحوا من اسهل الاهداف لهم، وراحوا يمارسون معهم شتى الممارسات الوحشية التي يندى لها جبين الانسانية مثل القتل بالطرق الحيوانية كالذبح وقطع اوصال الجسد، ناهيك عن التعذيب والتنكيل، ونهب اموال الناس والمال العام.
ووفقا لما مر، فانه من الظلم وضع الارهابيين في مشط المساواة مع المقاومين للاحتلال الامريكي.
وعليه ، فانه لا يمكن ادخال المقاومين والإرهابيين ضمن مشروع المصالحة الوطنية ، فالارهابيين لا علاج لهم سوى:
1- اجتثاثهم من العراق عن بكرة ابيهم ، وباستخدام الوسائل الموجودة كافة عند الدولة مثل الالة العسكرية ومطاردتهم اينما حلوا ، او باستخدام التوعية والتوجيه للشعب العراقي بضرورة نبذهم ، وعدم ترك اي حاضنة لهم على الارض العراقية.
2- تكثيف الاتصال مع الدول وخاصة العربية الداعمة لهم ، ومحاولة التفاوض معها ، لقطع هذا الدعم ، مقابل ادخال شركاتها واموالها في السوق العراقية المؤهلة للاستثمار .
3- تفعيل احكام الاعدام بحقهم ، على ان يكون تنفيذ احكام الاعدام في الساحات العامة ليكونوا عبرة لمن تسول نفسه على انتهاج نهجهم. ليس هذا فقط ، بل ان تنفيذ احكام الاعدام بهذه الطريقة يحمي ويحصن الشباب من استغلال الارهابيين لهم .
مقترح مشروع المشاركة الوطنية
وبعد ان تأكد لدينا بان ما يتم تداوله لمشروع المصالحة الوطنية ، هو اكبر من حجمه ، ما يستدعي استبداله وفقراته بمشروع المشاركة الوطنية ، فاننا يمكن ان نقدم هذا المشروع البسيط الذي يتضمن حلولا سياسية ايضا ، بين يدي القائمين والمهتمين بهذا الموضوع ليكون منطلقا لمشروع يمكن الاستفادة منه في المرحلة الحالية.
المشروع يعتمد على: الاسس والاليات.
اما الاسس فتعتمد على :
1 – احترام الحالة الجديدة للبلد والنظام السياسي القائم، وان يخضع الجميع لهذا النظام وقانونه ودستوره، والاعتراف بشرعية الحكومة المنتخبة.
2- اصدار عفو رئاسي عام ، على ان لا يشمل القتلة والمجرمين الذين تلطخت ايديهم بدماء الشعب العراقي ، قبل الولوج بهذه المشروع ، لتكوين ارضية مناسبة وطيبة تمهد لتنفيذ المشروع بشفافية ، مع الاخذ بنظر الاعتبار الحق الخاص ان وجد.
3 – حتى في حالة ان تكون الحكومة هي صاحبة مبادرة المشاركة الوطنية، فلا يجوز لها ان تكون الخصم والحكم بنفس الوقت، فلابد من ايجاد اطراف من نفس البلد تتمتع بالحيادية التامة، هي التي تدير مشروع المشاركة الوطنية ، على ان تشمل المساءلة والعفو المسيئين للشعب العراقي في المرحلة السابقة والحالية ، وان تتعهد القيادات السياسية في البلد بعدم حماية اي عضو من احزابها في حالة اثبات إساءته.
4- ان مشروع المشاركة الوطنية يجب ان يكون مشروعا وطنيا خالصا، وان تتعهد كل الاطراف السياسية بعدم السماح لاي دولة بالتدخل في هذا المشروع.
5- الغاء وزارة المصالحة الوطنية ، واستبدالها بـ(اللجنة العليا للمشاركة) الوطنية، التي يكون اعضاؤها مستقلين لا ينتمون لاي جهة سياسية وغير مرتبطين بالحكومة ومعروفين بالوطنية والنزاهة والعدالة والحيادية. وينظم عملها بقانون خاص، مع اعطائهم صلاحيات تنفيذية ملزمة لمرحلة معينة وحسب الاختصاص.
6- تشكيل لجنة فرعية كأن يتم تسميتها لجنة تقصي الحقائق، تقوم باستقبال الشكاوى من الطرفين وتحديد المتهمين الذين اساؤوا للشعب العراقي قبل وبعد الاجتياح الامريكي للعراق.
7- تشكيل لجنة فرعية اخرى كأن يتم تسميتها اللجنة القضائية، تقوم بالنظر بالشكاوى المقدمة ومحاكمة المتهمين وفق القانون، على ان اول من تقوم بمحاكمتهم هم السياسيون المرتبطون بالنظام السابق المتورطون بعمليات الابادة الجماعية، او الحاليون المتورطون بالحرب الطائفية وحالات الفساد الذي عرقل التنمية والنهوض بالخدمات في البلد.
8- تشكيل لجنة فرعية ثالثة كأن تسمى لجنة تقدير التعويضات، لتعويض المتضررين من اعمال العنف الطائفي والاعمال الارهابية، على ان يتم قطع تخصيصاتها من ميزانية الدولة وبنسبة مئوية معينة من ميزانية كل عام.
9- تشكيل لجنة فرعية رابعة، للنظر بطلبات العفو للذين لم يتورطوا بصورة مباشرة بإعمال العنف وحسب تقدير اللجنة.
10- وضع سقف زمني لعمل اللجنة، كأن تكون اربع او خمس سنوات، وحسب تقديرات اللجنة العليا المكلفة.
اما الاليات:
1- توقيع رؤوساء ووجهاء العشائر العراقية ورجال الدين المتواجدين في مناطق العراق كافة خلال مؤتمر عام ترعاه اللجنة العليا للمشاركة الوطنية ، على وثيقة شرف بحماية العائدين من التهجير القسري واموالهم وممتلكاتهم ، واعلان البراءة من الذين تورطوا في دماء العراقيين، ويكونون مسؤولين امام القانون بخلاف ذلك.
2- رعاية اللجنة للفصل العشائري ، وانصاف المظلوم وادانة الظالم ، على ان يوكل مصير الظالم لعائلة المظلوم ، اما بدفع الدية والعفو عنه مع الاحتفاظ بالحق العام ، او تقديمه للمحاكمة حسب القانون.
3- تشخيص الاطراف المدعوة للمشاركة الوطنية لدمجهم بالعملية السياسية والمشاركة في بناء البلد ، بالاعتماد على الـ9 سنوات الماضية التي نعتقد انها كافية في تشخيص الصالح من الطالح ، على ان يشمل الفصائل المسلحة المقاومة للاحتلال الامريكي.
4- تفعيل مجلس الخدمة الاتحادي لفرض المساواة في التعيينات في مؤسسات الدولة، على ان يتم اختيار اعضاء المجلس من المستقلين في انتخابات مباشرة وخارج نطاق المحاصصة، ومحاسبة وفصل كل من ثبت انتماؤه او احيازه لاي حزب سياسي.
5- الغاء بعض الهيئات المستقلة ، مثل هيئتي الشهداء والسجناء السياسيين، كونهما تمنحا المسجلين لديهما كل الامتيازات التي من المفترض ان تعطى على قدر المساواة لكل ابناء الشعب العراقي دون تمييز ، مثل التعيينات والحصول على قطع الاراضي او الشقق وغيرها من الامتيازات، على ان تسترجع حقوق هاتين الشريحتين كاملا.
6- الغاء هيئة الحج والعمرة ، والوقفين السني والشيعي ، ودمجهم جميعا في وزارة واحدة للاوقاف ، بعدما ثبت في اكثر من موقف بان هذه الهيئات منطلق لامتيازات تمنح للكتل والشخصيات السياسية ، دون المواطنيين ، مثل هيئة الحج والعمرة التي تعطي حصة سنوية لكيانات سياسية وشخصيات دينية لمقاعد الحج في حين تلزم المواطن البسيط بالالتزام بجدول سنوي ، قد لا يسعفه عمره للوصول اليه، وهذه بطبيعة الحال بخلاف العدالة التي اكدت عليها الشرائع السماوية والدستور، بل ان هذه الامتيازات لا تنسجم مع الطابع الديني لهذه الهيئات ورؤسائها الذين هم رجال دين ، كان الاولى لهم ان يعترضوا على هذه الممارسات، كونها تتعارض مع الدين.
———————–
[1] – ان الفترة التي كانت فيها قوات الاحتلال الامريكي مسيطرة سيطرة كاملة على الملف الامني، وخاصة في ظل المعارك التي دارت في النجف الاشرف والفلوجة، حاولت الحكومة التي كان يرأسها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الخلط بين المقاومة والارهاب، بدليل انها انصاعت لقوات الاحتلال ووجهت كل اجهزتها الامنية لمساعدة الاحتلال في معركته ضد المقاومين له.
[2] – بدأت الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبانية من البصرة في فجر الثاني من آذار (مارس) عام 1991 من قبل أحد الجنود العراقيين العائدين من الكويت سيرا على الاقدام فعند وصولهم إلى ساحة سعد في مدينة البصرة حيث يتموضع تمثال صدام حسين قام هذا الجندي بإطلاق النار على التمثال وانهال عليه بسيل من الشتائم, وكانت هذه الإطلاقات هي الشرارة لانطلاق الانتفاضة الشعبيه. بحلول الصباح بدات الاحتجاجات والدعوة لسقوط النظام تنتشر في مدينة البصره والهارثه والدير وانتشرت التظاهرات في المحافظة وسرعان ما تحولت إلى اشتباكات بين المدنيين وقوات الحكومة. وخلال يومين عمت الانتفاضة ارجاء العراق واستخدم النظام اشد اساليب القمع فقام من يملك السلاح من المنتفضين بحمله وكانت أغلب أسلحة المنتفضين عبارة عن أسلحة خفيفية. بينما استخدمت القوات الأسلحة الثقيلة والطائرات كما يروي البعض استخدام الأسلحة الكيميائية في كثير من المناطق.
دمرت الكثير من المدن العراقية وسويت بالأرض وقد قتلت الحكومة العراقية ما يزيد عن 300 الف شخص في الجنوب العراقي وحده خلال ال14 يوما التي هي عمر الانتفاضة وتم التكتم على ذلك من قبل نظام البعث والأنظمة العربية. ولم تحض الانتفاضة الشعبيه بالدعم الاعلامي والتأريخي على المستوى العربي نهائيا.خرجت بعض الصور عما حدث وخرج شريط فيديو واحد من تصوير أحد المنفضين في مدينة كربلاء ويظهر في الفيديو الساعات الأخيره من عمر الانتفاضة وتظهر تدمير دبابه تابعه للقوات الحكومية العراقية مع تكبيرات المنتفضين وكذلك تظهر النساء والأطفال اللواتي احتمين بالحضرتين العباسية والحسينية التي لم تسلما بدورها من القصف والتخريب من قبل الجيش الحكومي العراقي . وعلى عكس الدول العربيه والاعلام العربي فقد اهتمت بعض القنوات والهيئات الاجنبيه فيما حدث وانتجت بعض الافلام الوثائقيه في هذا الخصوص وعلى رأس هذه الوسائل هيئة الإذاعة البريطانيه البي بي سي.
[3] – محمد عابد الجابري، موقع قناة العربية.
[4] – حسب الفتوى التي اطلقها سماحة اية الله الشيخ قاسم الطائي، اثناء تعرض مدينتي النجف والفلوجة للاعتداء من قبل قوات الاحتلال الامريكية، حيث انه المرجع الديني الوحيد الذي افتى بالجهاد ضد المحتل في تلك المعارك.
[5] – الارهاب الدولي وحقوق الانسان: رؤية عربية – د. عبد الحسين شعبان