18 ديسمبر، 2024 9:45 م

كتاب الفلسفة المادية و تفكيك الانسان

كتاب الفلسفة المادية و تفكيك الانسان

اسوأ المجتمعات تلك التي يعيش بينها علماء افذاذ ثم لا تلفت لهم و لا لنتاجاتهم.

عبدالوهاب المسيري هو واحد من هؤلاء العلماء لم اسمع بأسمه كثيراً ولم اجد نتاجاته في المكتبات في بغداد وهو امر مؤسف.

يوجه المسيري في كتابه الموسوم (الفلسفة المادية وتفكيك الانسان) نقداً لاذعا للفلسفة المادية الغربية ويكشف صيروراتها و نتائجها الوخيمة

كيف تمخضت الرأسمالية عن منظومة آلية تتعامل مع الانسان كجزء من آلتها الضخمة

كيف تمخضت النازية و الفاشية وكيف انتجت الداروينية فهما اجتماعيا يعتمد مفاهيم البقاء للاقوى والانتخاب الطبيعي وفي تبرير التفاوت بين البشر

فالبقاء هو القيمة الاساسية التي يسعى من اجلها الانسان و لا يهم الآليات التي يتخذها من اجل ان يبقى

وهكذا يتتبع المسيري المسارات التي اتخذتها الفلسفة المادية التي تسربت الى رؤية الانسان الغربي وطبعتها بطابعها فاصبحت الوجودية والداروينية والليبرالية والعلمانية واتجاه ما بعد الحداثة كلها تستقي من المادية العلموية القائمة على اتباع نتائج ما تقدمه العلوم والتي يفترض انها قادرة على ان تمنحنا تفسيرا للكون والحياة مع انها لا تنظر للانسان سوى من جانبه المادي الذري البادي للعيان الذي هو مجموع من ذرات صلبة.

يكشف المسيري بحذاقة عن العلل الخفية التي دفعت باتجاه ظهور الامبريالية والاستعمار التي اودت بحياة الالاف وثروات الشعوب على يد الرجل الابيض

وكذلك ظهور النازية العنصرية ومنطلقاتها الفلسفية المادية التي ابادت الاعراق غير الآرية واستعملتها من خلال نسق علمي صارم

وكذلك الصهيونية التي قتلت وشردت شعبا وحلت محله

و يبرهن على ان الاتجاه المادي هو من يقف خلف تلك الاتجاهات الشوفينية التي ارتكبت الفضائع بحق الانسانية.

ثم يحاكم المسيري افكار ما بعد الحداثة ونهاية التاريخ وصدام الحضارات و غيرها من خلال النبش عن دوافعها ومنطلقاتها المادية و يبرهن على ان المادة اصبحت كينونة الانسان الغربي وكونه المحيط و بذا تكون كل افكاره مطبوعة بهذا الطابع و مرسومة وفقاً له .

وماذا يحل بالانسان حين يشعر انه منبعث من المادة ومحاط بها مستغرق فيها حينئذ ستتميع القيم و تفقد الاخلاقيات اسسها وتصبح الحياة بلا طعم

فما انا سوى ذرة في فلك الكون المترامي

وما العمر سوى لحظات متتالية فاقدة للأهمية يستوي عيشها او عدمه انها لحظة الخواء العظيم و العدمية السوداء واللامعنى .

اختم بالقول اني اُقر بأنني لم اوفق لوضع ملخص يليق بهذا النتاج الفذ للمسيري ولا بد من قراءة الكتاب اذ هو عصيٌ على الاقل على مثلي على تلخيصه وايصال افكاره في مقال مقتضب.