18 ديسمبر، 2024 8:52 م

كتابة على الحيطان

كتابة على الحيطان

هل يسعى خميس الخنجر الى دولة مدنية ؟
قبل الإجابة على السؤال ، لابد من القول إن مصطلح الدولة المدنية ، نشأ على أنقاض سلطة الاستبداد الإقطاعية الكنسية في أوربا ، أو مايسمى إصلاحاً “الدولة الثيوقراطية” وهو نظام حكم يستمد شرعيته و سلطاته مباشرة من الإله، و فيه تتكون الطبقة الحاكمة من الكهنة و رجال الدين الذين يعتبرون أنفسهم موجّهون من قبل الإله.
وحقيقة لاوجود لمصطلح الدولة المدنية في مجال العلوم السياسية وعلم الاجتماع وإنما هناك “مجتمع مدني” وعلى ضوئه صار مفهوم الدولة محمولاً على نسق من الدلالات القائمة على رفض ثقافة التعصب التي تتضمن إقصاءً سياسيا لطيف أو طوائف اجتماعية من قبل فئة متعصبة مستبدة سواء كانت تنتمي إلى طائفة دينية أو مذهبية أو قبلية أو قومية أو عرقية أو سياسية، بهدف توفير فرص المساواة بين المواطنين في مجالات الحياة المختلفة .
وطالما صدّع رؤوسنا سياسيون بالحديث عن تبينهم الدولة المدنية مفهوماً وتطبيقا ، لكن النتيجة كانت خارج الحسابات ، فقد انتجوا لنا دولة تكاد ان تكون ثيوقراطية ، حيث يتحكم فيها رجال الدين بأهم مفاصلها وقراراتها المصيرية بما فيها التأثير على نتائج الانتخابات !!
الشيخ خميس الخنجر ، وهو القادم الجديد على العملية السياسية في البلاد ، حيث سيخوض حزبه المشروع العربي في العراق، الإنتخابات تحت راية “تحالف القرار العراقي ” بالتحالف مع السيد أسامة النجيفي ، يعلن تبنيه وتبني حزبه لمفهوم الدولة المدنية ، وهي الدولة التي تطبق القانون على جميع المواطنين بصرف النظر عن مكانتهم وإنتماءاتهم على أساس العدالة الاجتماعية والقوانين التي تضمن حقوق الجميع .
وأكد الشيخ الخنجر في المؤتمر التأسيسي لحزبه في 13/ تموز/ 2017
” “نسعى لبناء دولة مدنية قائمة على أساس العدالة .. دولة لاتمييز فيها على أسس طائفية وقومية ومذهبية”.
وكان الخنجر قد قال في لقاء سابق له مع قناة كردستان 24 الفضائية في 22- 11- 2016 ” ” أنا خصم للسياسات الطائفية التي تدمر العرق وتدمر اللحمة الوطنية بين مكونات الشعب العرقي ، وأننا خصم للظلم الذي يقع على أي مجموعة من مجموعات ومكونات ومجتمعات الشعب العراقي وبالتالي خصم للظلم وخصم للاضطهاد والتهميش وخصم للطائفية ..لدينا رؤية لبناء الدولة العراقية المدنية ، دولة المؤسسات لادولة الطوائف”.
ولتحقيق هدف بناء الدولة المدنية فان أمام الخنجر وحزبه والمتحالفين معه ، الذين يشاركونه الهدف نفسه ، طريقاً طويلة وشاقة ، لأن الهدف هدف ستراتيجي ، ليس بامكان حزب لوحده أو حتى كتلة أن تحوّله الى واقع ، في مثل المشهد السياسي العراقي ، ودولة تتنازع فيها بإعجوبة مؤثرات المدني والديني والطائفي والقومي ، بغياب دولة المؤسسات القوية القادرة على ان تنتج سلطة عادلة تحمي حقوق الجميع بغض النظر عن الانتماءات الفرعية .
إن الدولة المدنية القائمة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والضامنة لحقوق جميع المواطنين، دولة من أهم مبادئها ، ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر ، هي وحدها الدولة القادرة على إخراج البلاد من نفق أزماتها المتوالدة ، والناتجة عن غياب أو تغييب دولة المؤسسات العادلة .
والخنجر وحزبه وتوجهاته عانوا كثيراً من مخرجات غياب الدولة المدنية ، هذا الغياب الذي خطف من القائمة العراقية التي صممها الخنجر بنفسه وهو خارج العملية السياسية ، من حق تشكيل الحكومة العراقية بعد فوز القائمة بالإنتخابات النيابية عام 2010 ، وهي قائمة على رأسها أياد علاوي الشيعي وتضم شخصيات من مختلف الانتماءلت العراقية !!
والسؤال الذي ينبغي ان يجيب عليه الشيخ الخنجر وحزبه ، هو الكيفية التي سيحققون هدفهم النبيل هذا وماهو برنامجهم الآني والمستقبلي بوجود دولة لدينا إختلط فيها السياسي بالديني وتأصلت هذه الاتجاهات في مفاصل الدولة ومؤسساتها وتحولت فيها بعض تلك الاختلاطات الى مقدسات التابو الثلاثي في الثقافة السياسية والاجتماعية في المجتمع !!
الخنجر الذي واجه تحديات نوعيه ، وخرج منها قوياً ويخوض الانتخابات الحالية بقوة ، سيجد أمامه تحديات من نوع آخر ..لعل من ابرزها وأشدها تعقيداً، هو تحقيق هدف بناء الدولة المدنية ..
فهل سيكون قادراً عل تحقيق هذا الهدف ؟