23 ديسمبر، 2024 2:25 م

كتابات .. والبغدادية

كتابات .. والبغدادية

لازالت تختمر ذاكرتي بالمناضل مهدي صالح البصراوي.. وقد كان بائعا للصحف.. في سوق حنا الشيخ.. وعلى جسر العشار..  ويحب ان يلقب نفسه بالجواهري..
كان مهدي طيبا مثل (الطليع) او (الجمارة) التي يستخرجوها من (لبة) النخلة الخصيباوية.. يسكن (التنومة).. في بيت متواضع، ملائما لوضع والده الفقير ماديا..
مهدي نحيفا.. وجهه ابيض مشع.. يحب القراءة ويخدم المثقفين.. وكان معارضا للحكم .. ويتعاطف مع اي معارض..
واتذكر جيد.. ان مهدي استمر ببيع الصحف المحظورة، بعد فشل ما يسمى بالجبهة الوطنية.. حينها..
 وبعد عام 1978خرجت قيادات الأحزاب المنطوية في الجبهة.. الى بلغاريا او رومانيا.. وتركت مهدي الفقير، يواجه ابشع سلطة واقذر جهاز بوليسي..
منع الديكتاتور الصحف كافة.. لكن مهدي لم يلتزم بالمنع.. ولم يمتنع عن توزيع الصحف السرية.. صحف من ورقة واحدة مطبوعة على ورق خفيف شفاف ابو 30 غرام.. يشبه ورق لف (الجكاير)..
خرجت قيادات المعارضة من العراق.. وتوزعت شرقا وغربا.. في موسكو او مشتقاتها.. ولندن واخواتها.. يرتعون في فنادق الدرجة الاولى.. ومعهم عوائلهم.. ولم يتزحزح مهدي قيد انملة.. بقي يتنقل من مكان الى مكان اخر.. يحرر ويطبع ويوزع الصحف الممنوعة.. وكأن العراق خلا الا من مهدي..
كان والد مهدي يشتكي من تصرفات ابنه، المعاند..
اختفى مهدي، فجأة، وجاءت اخته تسال عنه، ولم تجد جوابا، وبعد سنوات اخبرني اخي وقد غص بالبكاء ..ان مهدي قد تم اعدامه..!!
مهدي اليساري.. اعدم لاحقا بتهمة الانتماء الى احد الاحزاب الدينية المعارضة..!!

رحل مهدي.. وبقيت ذكراه تهز الكثير من الشرفاء.. وتمدهم بالشجاعة للعمل ضد الظلم والديكتاتورية..
ذكرى نضال مهدي وجهاده في شارع المغايز وسوق حنا الشيخ وعلى كورنيش شط العرب.. لم تغيب عن ذاكرتي وانا اعارض البعثيين.. والبعثيين الجدد!!
مهدي، وحده، وبجسده النحيف، ودون قيادة، ارعب السلطة.. واضطروا لاعدامه.. بينما بقيت قياداته خارج العراق.. لا تعرف ماذا تفعل.. ولا تهدد السلطة..!!
لقد اعترفوا بانهم اضعف من (مهدي)..!!
محطاتهم المرئية والصوتية وصحفهم.. واستشارياتهم الإعلامية كلها.. اضعف من صحيفة مهدي..
واليوم.. يعيد التاريخ نفسه.. ويعترف الديكتاتوريون بمن يهددهم..
عندما حصل الهجوم الالكتروني (الهكري) على موقع كتابات .. او عندما هجموا واغلقوا مكاتب البغدادية..
اعترفوا انهم اضعف من (كتابات) واضعف من (البغدادية)..
فضائياتهم وصحفهم ومواقعهم الالكترونية.. واستشارياتهم الإعلامية كلها.. اضعف من موقع كتابات .. واضعف من فضائية البغدادية..
كان مهدي صوت الضمير.. الرافض لما يحصل.. والمتحسس للخطر الديكتاتوري القادم.. بينما نامت القيادات في فنادقها..
هز مهدي عرش السلطة.. واضطرها للانتقام منه.. وهو شرف له.. وعار في جبين السلطة..
واليوم..
كتابات والبغدادية.. صوت الضمير.. الرافض لما يحصل.. والمتحسس للخطر الديكتاتوري القادم.. بينما نامت الاعلاميات في فنادقها..
هزت كتابات والبغدادية عرش السلطة.. وسعت للانتقام منهما.. وهو شرف لهما.. وعار في جبين السلطة..
وكما ورد عن السيد الشهيد الصدر (رض):
على كل عراقي في داخل العراق أو خارج العراق ..ان يعمل كل ما بوسعه ..ولو كلفه ذلك حياته ..لازالة هذا الكابوس الجاثم على صدر العراق الحبيب…