كعراقيين نبخس كثيراً قدرات رموزنا السياسية, غالباً ليس بدون أساس. فقد عانينا من محاصصتهم وريائهم وسرقتهم لثرواتنا بأسم الدين, لكن ربما كانت حملة المجاميع الألكترونية حسنة النيّة منها والسيئة من تصريحات السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي, المثيرة للأستغراب, عن المصدر الأرجنتيني للمخدرات التي تدخل لبلادنا وتفتك بشبابنا وتملأ جيوب متنفذين وذوي سطوة ومافيات مقدسة فيها بملايين الدولارات, كان مبالغاً فيها ونابعة من سوء فهم لشخصية السيد عادل عبد المهدي المتحسبة حد اللعنة والحاذقة بنفس الوقت.
ورغم اني كنت منجرفاً مع هذا التيار بعد صدمة التصريح الأولى , إلا اني بعد تمعن, أدركت بأن تصريح السيد رئيس وزرائنا لايخلو من ثعلبية مستترة بصوف حمل تائه. فهو ” يلعب سايكلوجيا ” على كل أهل الحل والربط من قوى دولية واقليمية ومحلية….( لكن ليس علينا كمواطنين, لسبب بسيط هو ان حكامنا لم يتعودوا ان يحسبوا حساباً لوجودنا ولا لحاجاتنا… حسناً ربما ان ” لعبة السيكولوجيا ” خاصته شملتنا بحدود افساح المجال لنا لتفريغ شحنات نقمتنا وتذمرنا من اداء حكوماتهم المتعاقبة بالتهكم والتندر على تصريحه الفكاهي الذي كان اكبر نقائصه هولاً, خلوه من حركة تانغو ارجنتيني رشيقة ).
… ” لعب سايكولوجيا ” من خلال توظيف نظرية الانعكاس الشرطي البافلوفية في تصريحه, لأثارة شهية البعض وإسالة لعابهم ليس بالضرورة للمخدرات بل لمقابل سياسي, فقد اعطى ايران ماتريده من ابعاد تهمة تصديرها المخدرات الينا, اللابسة عليها فت كما جبة روزخون, ورميها على طرف آخر على حافة الكون.
وارضى اتباعها المسلحين منهم والمقنعين بالسياسة المتربصين على الأرض في البلاد.
وطمأن كل ذي شأن بهذه التجارة من موردين ومتعاطين ومُثرين, بأن ” دار السيد مأمونة ” وان الأمر لايعدو عن عملية توصيف للمصدر ليس إلا, لا يتعداها الى المكافحة.
اما امريكا فقد اعطاها هدية تحميل حلفاء مسلحين لأيران في عرسال وسوريا يقفون على حدود اسرائيلها المدللة, تهمة المتاجرة بالمخدرات بعد ان بدأت ايران تسحب ايديها عنهم بسبب ضغط الحصار الأمريكي والغربي المفروض عليها, وهي عظمة اكبر واكثر شهية للأمريكان من تحميل حكومة طهران ذاتها بها.
لينعم هو بعد ذلك بفسحة راحة من طوق ايراني امريكي ميليشياوي.
ثعلبية التصريح تكمن ايضاَ في اختياره دولة بعيدة, ربما لاتوجد لها سفارة عاملة في بغداد, ومن المستبعد اصدارها لموقف احتجاج رسمي فوري.
بس بيناتنا, لاندري كيف فات السيد عادل عبد المهدي, وهو الأقتصادي البارع ان يرمي, بهذه البساطة, كارتيلات مافيوية بحجم الأمريكية اللاتينية التي تضارع دول في امكانياتها الأدارية والفنية بالغباء من خلال عدم عملها دراسة جدوى اقتصادية لتجارتها بمواد ممنوعة, تتابعها وكالات شرطوية في كل دول العالم, على هذه المسافة البعيدة ؟ !
ربما كان اكبر تأثير للتصريح الصدمة اياه كان على مسطولينا المحليين, الذين اكتشفوا الأصل الأرجنتيني لنشوتهم الراقصة بدون حسناء مرافقة… وأساس شعور كل واحد منهم بأنه مارادونا عصره.
وخير الختام سلام : آديوس أميگوس !