يقال أن هناك أمة تحررت على يد حدادٍ بسيط، يعرف باسم (كاوه)، يعيش في بلدة كردية جميلة، حكمها سلطان ظالم طاغية، غير أن هذا الحاكم أقدم على إعدام أولاد الحداد الثمانية، فثار عليه، وضربه بمطرقته، وحمل جثته الى جبال(دباوند)، فحرقها عشية الحادي والعشرين من آذار، فكان ذلك اليوم خلاصاً للبلدة من الطاغوت، وإعتاد الأكراد على إشعال النار تخليداً لذلك اليوم العظيم، حتى باتت المنابر تعرف الحداد، من نبرة صوته المنتصر بدماء أبنائه الثمانية، ولم يتركوا مناسبة إلا وتحدثوا فيها عن شجاعة هذا الحداد.
الأطفال هم المثل الأعلى في البراءة والكمال، فأولادي لم تفسدهم الحضارة والسياسة، وهذا ما ردده الحداد كاوه، أثناء مسيرته الى قصر السلطان الظالم حاملاً مطرقته، فبعد مقتل الحاكم، همَ الحداد متمتماً، ما الذي فعله أولادي لهذا الطاغية؟.
قتل الإنسان لإنسان آخر، وهو سعيد بذلك، يعني أن هناك أبالسة وشياطين وآكلي لحوم البشر، يقحمون الأبرياء في ترهاتهم الفارغة، لا لشيء إلا بغضاً بالشعوب، وفرضاً لإرادة التملك وجنون العظمة، الذي يتملك نفوسهم المريضة، على عكس الشرفاء والأحرار، فإن سعادتهم هي أن يعيشوا من أجل الآخرين، وعندما تنتهي حياتهم، يخاطبون شعوبهم: إنني مغادر من أجلكم، ومن أجلكم أموت، فالشعوب رائعة، وهي من تصنع الحياة .
عندما يتعذر على العالم، أن يوضح للصعاليك الدواعش، بأن قتل إنسان بريء، هو عمل محرم في كل الأديان، بالضبط مثلما يتعذر أن يوضح للحيوانات التي لا تأسف لقتل بعضها البعض، لذا فإن القضاء على هذه الملوثات، والمواريث البغية الزائفة، أمر لا بد منه، وقد أدرك رجال المرجعية، معنى دعوة الجهاد الكفائي، التي أعلنها السيد علي السيستاني بعد إحتلال الموصل.
كاوه الحداد كان فرداً بسيطاً من بسطاء الشعب الكردي، إستشاط غضباً على الظلم والطغيان، فأمست مطرقته السلاح، الذي أحرق البطل الكارتوني المتوحش، والطاغية المتنمر، وهو نائم على ريشه الأخضر، دون أن يهتم لأمر شعبه، ولو لمرة واحدة.
تراث البشرية مهدد بالحروب والنزاعات، وبالأفكار التي لا تؤمن بالمشترك الإنساني، إما طمعاً أو نقمة، وهذا يقود الجبابرة والطغاة كي يطبخوا أكلاتهم المفضلة، في مطابخ الإستكبار العالمي، ليوزعوا الخراب والدمار، والشر والفرقة، حتى يكون العالم تحت رحمتهم، كيفما أرادوا ومتى ما شاءوا، وقد رفض الحداد كاوه هذه الطبخة المقرفة!